«الشاي السيلاني» يفوح في سماء «نوارا إيليا» ويتصدر المبيعات في العالم

البريطانيون أنشأوا المصانع والحكومة سلمتها للتجار.. وقطفه من أشق المهن

مزارع مدينة نوارا إيليا  التي تطغى على أجوائها رائحة الشاي الفاخر  الذي يعد أحد أعمدة اقتصاد البلاد
مزارع مدينة نوارا إيليا التي تطغى على أجوائها رائحة الشاي الفاخر الذي يعد أحد أعمدة اقتصاد البلاد
TT

«الشاي السيلاني» يفوح في سماء «نوارا إيليا» ويتصدر المبيعات في العالم

مزارع مدينة نوارا إيليا  التي تطغى على أجوائها رائحة الشاي الفاخر  الذي يعد أحد أعمدة اقتصاد البلاد
مزارع مدينة نوارا إيليا التي تطغى على أجوائها رائحة الشاي الفاخر الذي يعد أحد أعمدة اقتصاد البلاد

على سفوح جبال مدينة نوارا إيليا السريلانكية أو ما تعرف باسم «بريطانيا الصغرى» كما يحلو لسكانها تسميتها، لا تزال آثار الاستعمار هناك، الذي ترك بصمته الواضحة على سكانها عبر إجادة معظمهم للغة الإنجليزية وارتباطهم ببعض ثقافتها، بل حتى إنها انعكست على طريقة بناء المنازل والفنادق والمراكز التجارية هناك، وتنتشر في هذه المدينة مرافق إعداد الشاي السيلاني الذي تشتهر به البلاد، عبر تصدرها العالم في تصدير الشاي الذي تعرف به وبالتحديد مدينة نوارا إيليا، التي تطغى على أجوائها رائحة الشاي الفاخر، الذي يعد أحد أعمدة اقتصاد البلاد.
كيرتي زيغام مالك شركة «تي لاند» للشاي، لا يكاد يجلس، فتارة يذيق الزبائن آخر منتجات شركته، وتارة أخرى يتجول بين حقوله المنتشرة على مساحة شاسعة ليطمئن على المحصول. وجوده يبث الحماس في نفوس العاملين، تميّزه ابتسامته التي لا تنقطع وهو يشرح أصل وتفاصيل نبتة الشاي منذ زراعتها وحتى قطفها.
ويقول زيغام: «كانت مرافق إعداد الشاي حتى وقت قريب مملوكة للدولة التي ورثتها من الاستعمار الإنجليزي الذي كان أول من أسس تلك المصانع وأدارها، بل إن نبتة الشاي أتت أساسا من الغرب، إلا أنه بعد نزوح الاستعمار سُلمت للحكومة المحلية لتشغيلها على طريقتها، ومن المعروف في دول العالم الثالث أن المشروعات الحكومية تعاني دوما من البيروقراطية والفساد، الأمر الذي دفع الحكومة إلى تسليم تلك المرافق لشركات محلية كبرى مقابل مبالغ معينة تفرضها عليهم الدولة سنويا». وأضاف: «تصاعد الإنتاج إلى أكثر من ثلاث مرات بعد تسلم الشركات المشروعات، وأصبحت عبارة عن ماركات، تتنافس فيما بينها ويُشترى المنتج من المرافق بالاسم. ويختلف طعم الشاي من مصنع إلى آخر، إلا أن ما يميز الشاي السيلاني بشكل عام هو فخامته وتميزه، الأمر الذي أكسبه طلبا كبيرا على النطاق الدولي، وأجبر الدول الأخرى المنتجة على خلط محصولها ببعض المحصول السيلاني ليكسبه مزيدا من الجودة».
وفي زاوية منعزلة من مصنع آخر للشاي، وجدنا مرهوم إسكندر يجلس في إحدى الزوايا وأمامه أكثر من عشرة أصناف مختلفة من الشاي، وعند سؤاله عن سبب ذلك أكد أنه مدير المصنع ويتذوق المحصول بشكل يومي ليقف على جودته بنفسه، خصوصا أنها تصدر إلى عملاء مهمين، أبرزهم سياسيون ورجال أعمال، لذا يحرص أشد الحرص على تجربته بنفسه ليستمر التعاون فيما بينهم وللمحافظة الدائمة على جودة ما يقدمونه.
وزاد إسكندر أنهم يتعاملون مع الكثير من الشركات العالمية الأخرى التي تستورد الشاي من سريلانكا، وهو الأمر الذي أهّل البلاد لأن تتربع على المركز الأول في تصدير الشاي للعالم أجمع. وحول سبب اشتهار سريلانكا بالتحديد بزراعة الشاي، أكد إسكندر أن مدينة نوارا إيليا فقط هي التي تزرع الشاي، حيث إنها من أنسب مدن العالم لزراعة الشاي، وذلك لتوافر العوامل الأساسية من وجود نوع معين من التربة، إضافة إلى الأجواء المعتدلة الممطرة بشكل متقطع، وأهمها العناية اليومية بالمحصول عبر الاهتمام به ومراعاته، وآخرها تعرض نبتة الشاي لنسبة معينة من السقاية وفي نفس الوقت درجة معينة من البرودة.
وتحتاج النبتة من أجل الإثمار إلى زراعتها فوق سفوح الجبال المعتدلة، مما مكن نوارا إيليا الصغيرة التي تستقبل السياح طوال العام لزيارة مزارع الشاي، من تزعم العالم في إمدادات الشاي الفاخر الذي يدخل جميع المنازل في العالم.ولفت إسكندر إلى نقطة مهمة، وهي تميز سريلانكا باستخدام القطف اليدوي للمحصول، وهي ميزة تترك أثرا واضحا على طعم المحصول الذي لا تدخل في إعداده أي آلة، منذ زراعة النبتة وحتى تناولها في أكواب، سوى عملية التغليف فقط.
وحول طريقة زراعة الشاي أشار باديان مونوش، وهو مهندس زراعي في شركة «تي تودي»، إلى أن للشاي طقوسا معينة في زراعته، فالشاي له موسمان من القطاف في العام الواحد، تفصل بينها ستة أشهر، وفي كل خمس سنوات تُغيّر التربة بالكامل وتزرع تربة أخرى، لأن التربة القديمة تكون قد استهلكت.
ولفت إلى أن لقاطفي الشاي موصفات معينة، مثل قصر القامة وسرعة اليد والصبر، لأن العمل لساعات طويلة، إضافة إلى كونها مهنة تجبرك على النزول والصعود من وإلى الجبل عند قطف الأوراق بشكل يومي، يجعلها مهنة شاقة لا يستطيع المداومة عليها سوى المهرة. وأضاف: «في الغالب تشتهر عائلات سريلانكية معينة بزراعتها وقطفها للشاي، وهي مهنة متوارثة، إضافة إلى استقدامهم عمالة من الهند من ذوي الطبقة الفقيرة التي تخدم في الأرياف، ويجري إطعامهم وإيواؤهم من أجل العمل في الحقول، نظرا لعزوف معظم السكان عن هذه المهنة لمشقتها».
وعن الأجر المستحق للعمالة، أكد مونوش أن الأجر يحسب عند تعبئة كيس الشاي الذي يزن قرابة 30 كيلوغراما، ويتم الاتفاق بين صاحب المصنع والعمالة على المبلغ عند امتلاء السلة التي يضعونها عادة خلف ظهورهم، مشيرا إلى أن معظم شركات الشاي تعمل بهذه الطريقة لضمان جدية العامل، لافتا إلى أن تكلفة الموظفين وصعوبة وجود عمالة تتقبل العمل في هذه المهنة أمور دفعت إلى زيادة رواتب العاملين وبالتالي ارتفاع أسعار الشاي على مستوى العالم. وعرج مونوش على أنواع الشاي، حيث أكد أن أغلاها ثمنا هو الأبيض ومن ثم الذهبي الذي يصدر أغلبه إلى الصين واليابان، ويتميز بأنه ممتاز لتنظيم دقات القلب وتنظيف البطن، ومن ثم الشاي الأخضر المعروف بالتخسيس وإنقاص الوزن، والأحمر والأسود اللذان لا يختلفان كثيرا في القيمة، إلا أن الأكثر انتشارا على مستوى العالم هو الأحمر، حيث يمثل هذا النوع أكثر من 80 في المائة من إنتاج سريلانكا من الشاي، موضحا أن صعوبة الحصول على أوراق الشاي الأبيض والذهبي جعلت منها الأغلى نظرا لوجودها بكميات قليلة على أوراق الشاي.
وتعد سريلانكا، على الرغم من حجمها الصغير نسبيا، ثالث أكبر منتج للشاي في العالم، حيث يبلغ إنتاجها السنوي من الشاي نحو 320 مليون كيلوغرام، تمثل 11 في المائة من إنتاج العالم من الشاي، وتقوم سريلانكا بتصدير معظم الشاي الذي تنتجه، مما يجعلها أكبر مصدر للشاي في العالم، حيث يبلغ الحجم السنوي لصادرات الشاي في سريلانكا أكثر من 315 مليون كيلوغرام، ويشكل حصة قدرها 21 في المائة من صادرات الشاي في السوق العالمية.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.