ما بعد الفضيحة

ما بعد الفضيحة
TT

ما بعد الفضيحة

ما بعد الفضيحة

يجتمع، في الثامن والعشرين من هذا الشهر مجلس إدارة «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية» المؤلف من 54 عضواً وعلى جدول أعماله عدة قضايا، في صدارتها كيفية تجاوز الحادث الشنيع الذي ما زال ماثلاً للأذهان، عندما خَتَمت حفلة الأوسكار ساعاتها الثلاث بإعلان الجائزة الأهم لفائز ومنحها لفائز آخر.
كلنا نذكر ذلك الوضع الذي تمثّل حياً على مسرح صالة «كوداك» في آخر فقرة ضمن حفلة توزيع جوائز الأوسكار عندما أُعلِن أن الفائز بأوسكار أفضل فيلم هو «لا لا لاند» ثم تم التصحيح بعد دقيقة واحدة بالإعلان عن أن هناك خطأ ارتُكِب والفيلم الرابح هو «مونلايت».
ومع أن المؤسسة التي تقوم بفرز التصويت ومتابعة جدول تقديم الجوائز، وهي مؤسسة لا تنتمي إلى جسد الأكاديمية مطلقاً، اعترفت بمسؤوليتها، كون أحد اثنين من كبار مديريها هو مَن سلّم المغلّف الخطأ للممثل وورن بيتي... فإن السيف سبق العذل بأشواط ووجدت الأكاديمية نفسها مُدانَة وبلا دفاع.
هذا بات معروفاً... لكن ما حدث ويحدث هذه الأيام أن تلك المؤسسة واسمها Price Waterhouse Cooper اقترحت لتجنُّب هذا الخطأ (ولو أنه الأول من نوعه في تاريخ توزيع جوائز الأوسكار) أن تغيّر طريقة عملها خلال تلك الحفلة... ليس معروفاً بعد ما الذي اقترحَتْه بالتحديد لكن هناك من يردد بأن هذا سيشمل وجود شخص إضافي يراقب ما يدور خشية الوقوع في أي خطأ.
في العادة يقف شخصان من كبار موظفي المؤسسة وكل منهما معه النسخ ذاتها من المغلفات في صندوق يحرسانه طوال الوقت... واحد منهما يحتل الجانب الأيمن من خلفية المسرح، والآخر يحتل الجانب الأيسر منه، بحيث إذا مرَّ المعلن عن الجائزة إلى يمين المنصة تناول المغلّف من الموظف القريب منه، والعكس صحيح. وهذه النتائج سرية حتى لحظة إعلانها، وهي ليست سرية لي ولك فقط، بل سرية لكل أعضاء الأكاديمية ورئيستها شيريل بون أيزاكس.
لكن الاجتماع لن ينطوي على بحث ما حدث فقط بل لديه قضايا مهمّة أخرى، من بينها من سيخلف السيدة أيزاكس، عندما ينتهي العقد المبرم معها في يوليو (تموز) المقبل، حسب المتردد من أصداء، كانت تنوي الحفاظ على منصبها بإعادة ترشيح نفسها في الاجتماع المقبل، لكن تلك الفضيحة تشكل حائلاً يمنعها من ذلك.
رئيس مجلس الإدارة هي أيضاً سيدة اسمها دون هدسون، وهي تستطيع ترشيح نفسها لرئاسة المجلس من جديد، لأنها أبعد من أن تكون مسؤولة عما حدث. وبينها وبين أيزاكس فتور في العلاقة منذ أن صوّتت هدسون ضد أيزاكس في انتخابات الرئاسة سنة 2013 فصوّتت أيزاك ضدها بعد سنة، عندما تم البحث بتجديد عقد هدسون.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.