آستانة تنفض... وممثلو الفصائل: «ضمانة إيران» تنهي مسارها

تضارب في المعلومات حول استمرار المؤتمر أو انتهائه وفي مايو جولة مقبلة

سحابة دخان تغطي حي القابون شرق دمشق في أعقاب قصف طيران النظام على المنطقة أمس (أ.ف.ب)
سحابة دخان تغطي حي القابون شرق دمشق في أعقاب قصف طيران النظام على المنطقة أمس (أ.ف.ب)
TT

آستانة تنفض... وممثلو الفصائل: «ضمانة إيران» تنهي مسارها

سحابة دخان تغطي حي القابون شرق دمشق في أعقاب قصف طيران النظام على المنطقة أمس (أ.ف.ب)
سحابة دخان تغطي حي القابون شرق دمشق في أعقاب قصف طيران النظام على المنطقة أمس (أ.ف.ب)

طغى التخبّط على أجواء مؤتمر آستانة يوم أمس نتيجة عدم حضور فصائل المعارضة إلى العاصمة الكازاخية بعدما كانت قد ربطت مشاركتها بتثبيت الوعود الروسية، ولا سيما اتفاق وقف إطلاق النار؛ إذ وفي حين أعلن عن انتهاء الجلسات، أكد بعض المسؤولين الروس أن المباحثات مستمرة ليوم إضافي، وكان لافتا ما أشار إليه الموفد الروسي الكسندر لافرينتييف، بأن لقاءً جديدا سيعقد في طهران في 18 و19 أبريل (نيسان) المقبل، ودخول إيران ضامنا جديدا إلى الهدنة في سوريا، وهو ما رأت فيه المعارضة، إعلانا واضحا لإنهاء مسار «آستانة».
وأصدرت الدول الضامنة بيانا مشتركا أكدت فيه تمسكها بـ«توطيد الهدنة» في سوريا و«ضرورة تحسين الوضع الميداني عن طريق تقوية اتفاق وقف إطلاق النار»، معلنة أن الجولة التالية من «آستانة» ستعقد في الثالث والرابع من مايو (أيار) المقبل في العاصمة الكازاخية.
وفيما أشارت بعض المعلومات إلى انقسام داخل الفصائل، بين مؤيد لفكرة الذهاب ورافض لها، وإعلان الناطق الإعلامي باسم الوفد، أسامة أبو زيد، استقالته لأسباب قال: إنها «شخصية»، أكد رئيس أركان «الجيش الحر»، العميد أحمد بري، رفضه استقالة أبو زيد وإبلاغه هذا القرار. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم ولن نذهب إذا بقي الوضع على ما هو عليه. لا فائدة من مشاركتنا غير منح الروس انتصارا على حسابنا وحساب شعبنا، وهذا ما لم ولن نقبل به». وعما إذا كانت الفصائل ستشارك في الجولة المقبلة التي حددت في بداية الشهر المقبل، قال: «لنرَ إذا تغيرت الأوضاع، وعندها يبنى على الشيء مقتضاه».
بدوره، أكد العقيد فاتح حسون، الذي شارك في جولات «آستانة» السابقة ومفاوضات جنيف، أن قرار المعارضة بمقاطعة «آستانة» لا عودة عنه، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قاطعنا الجولة الثالثة لأسباب واضحة ومعروفة، وقرارنا لا يهدف إلى إنهاء المؤتمر إذا تم تصحيح المسار، لكن يبدو واضحا أن الطرف الثاني هو من يريد ذلك»، مضيفا: «إدخال إيران ضامنا يعني دق المسمار الأخير في نعش (آستانة) ووضع الجدران الإضافية أمام أي تقدم». وأوضح «قبلنا بضمانة روسيا انطلاقا من دورها وامتلاكها حق الفيتو الذي من شأنه تعطيل أي قرار، لكن لن نقبل بدور طهران التي لها الدور الأول في قتل شعبنا»، مؤكدا «لن نذهب إلى إيران لا لحضور مؤتمر أو لأي هدف آخر، وهذا الأمر أتى حجة إضافية لإلصاقها بالمعارضة والقول إنها تقف أمام الحلول».
وحول الخوف من أن يتسلّح النظام مرة جديدة بموضوع وقف إطلاق النار والإرهاب في جنيف لتعطيل بحث الانتقال السياسي، قال حسون «الخطأ الأساسي كان عند الأمم المتحدة بترحيلها الملفات الإنسانية من جنيف إلى آستانة من دون تأمين البنية الأساسية لها، أما موضوع الإرهاب فلا نخاف من طرحه أبدا، بل على العكس جهزنا ملفاتنا وسنكشف بالوثائق والمستندات المرئية حقيقة إرهاب النظام وتعامله مع (داعش)».
من جهته، قال مصدر مطّلع لـ«الشرق الأوسط»: إنه «بعدما كان التوجّه إلى المشاركة عبر وفد مصغّر بصفته إثبات وجود؛ وكي لا نكون نحن من أطلقنا رصاصة الرحمة على (آستانة)، يبدو أن القرار النهائي هو للمقاطعة»، مشيرا إلى أنه «إذا أعلن رسميا عن التمديد فيعني قبول وفد المعارضة على الذهاب». ولم ينف المصدر أن «مقاطعة (آستانة) ستضع المعارضة أمام مأزق جديد في مفاوضات جنيف المقبلة المحددة في 23 مارس (آذار) الحالي».
من جهته، قال ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا: «يجب تسريع وتيرة المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب في سوريا»، واصفا إياها في حديث لوكالة «رويترز» بأنها «أصبحت واحدة من أطول وأكثر الحروب وحشية في السنوات الأخيرة». وأضاف: «لهذا؛ هناك حاجة إلى تسريع أي نوع من المفاوضات، سواء في آستانة أو في جنيف أو في نيويورك... في أي مكان».
وأعلن عاقل بك كمال الدينوف، نائب وزير خارجية كازاخستان، انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات السورية في آستانة، فيما ندد موفدا روسيا، ألكسندر لافرينتييف، والنظام السوري، بشار الجعفري، بمقاطعة وفد فصائل المعارضة. وقال لافرينتييف: «يريدون وقف المفاوضات السياسية. هناك قوى تصر على حل عسكري للنزاع في سوريا الذي دخل عامه السابع». من جهته، اعتبر الجعفري، أن غياب وفد فصائل المعارضة «هو استهتار بالعملية بكاملها».
وكان مصدر مطلع في وزارة خارجية كازاخستان قال صباحا: «آستانة 3» تنتهي الأربعاء؛ لأن وفد المعارضة السورية لم يأتِ إلى العاصمة الكازاخية، مؤكدا عدم إجراء أي مفاوضات يوم الخميس. وأوضح لوكالة «إنترفاكس - كازاخستان»: «كان متوقعا أن يصل محمد علوش، إلا أنه رفض بعدما قرر وفد المعارضة عدم التوجه إلى آستانة».
في المقابل قال لافرينتييف: «لا تزال هناك فرصة لوصول وفد من المعارضة السورية إلى آستانة صباح الخميس»، مشيرا إلى أن الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) قررت إبقاء قسم من وفودها في العاصمة الكازاخستانية لإجراء مشاورات محتملة مع وفد المعارضة. وأكد لافرينتييف: «نعتقد أنه من الضروري مواصلة المفاوضات بين الدول الضامنة ووفد المعارضة السورية في آستانة».
وقال مدير دائرة آسيا وأفريقيا في الخارجية الكازاخستانية، آيدار بيك توماتوف: إن مفاوضات «آستانة - 3» ستمدد ليوم واحد إلى يوم غد الخميس (اليوم)؛ نظرا لوصول وفد المعارضة مساء الأربعاء للمشاركة في المحادثات. وقال: «غدا (اليوم) 16 من هذا الشهر ستستكمل المحادثات، حول الموضوعات العسكرية، باعتقادي إنه موضوع مهم، بالنظر إلى أنه سيناقش مسألة تموضع المجموعات الإرهابية كـ(داعش) و(النصرة) وكذلك المعارضة المعتدلة». وكشف عن أن وثيقة تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين موضوعة على جدول أعمال محادثات آستانة وتقوم الدول الضامنة بدراستها حاليا نظرا لأهميتها من الناحية الإنسانية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».