قال مسؤول أمني أفغاني إن مهاجماً انتحارياً راجلاً فجر نفسه قرب حافلة في العاصمة كابل أمس، بعد أقل من أسبوع من مقتل وإصابة العشرات في هجوم على أكبر مستشفى عسكري في البلاد. وأكد مسؤول في وزارة الداخلية وقوع الانفجار، لكن لم ترد معلومات عن سقوط قتلى أو مصابين أو وقوع أضرار. وسمع كثير من مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية دوي الانفجار وشاهدوا تصاعد عمود من الدخان الأسود الكثيف من مكان الانفجار في حي تيماني. وفي لشكركاه (أفغانستان) قالت وزارة الدفاع الأفغانية أمس إن قوات خاصة أطلقت سراح نحو 32 شخصاً، منهم 4 من رجال الشرطة كانت تحتجزهم حركة طالبان في إقليم هلمند. ويسيطر مقاتلو «طالبان» على مساحات كبيرة من أراضي إقليم هلمند. وتسعى الحركة للإطاحة بالحكومة المدعومة من الولايات المتحدة وإقامة دولة على أساس تفسيرها المتشدد للشريعة. وقال مسؤولون أمنيون في هلمند إن قوات خاصة شنت غارة في وقت متأخر من مساء أول من أمس في قرية في منطقة ناد علي بعد أن جمعت معلومات عن أن «طالبان» تحتجز عشرات من المدنيين وأفراد الأمن هناك. وقالت وزارة الدفاع في بيان إن 4 من الذين أطلق سراحهم من رجال الشرطة والباقين من المدنيين.
وتفيد تقديرات الجيش الأميركي بأن الحكومة الأفغانية تسيطر على أقل من 60 في المائة من مساحة البلاد وتقع 8 أحياء من بين 14 حياً في إقليم هلمند تحت سيطرة أو نفوذ المتشددين الذين اكتسبوا قوة في أعقاب انسحاب قوات دولية من العمليات القتالية عام 2014، وإقليم هلمند معقل قوي لـ«طالبان» منذ فترة طويلة، وقتل نحو ألف من أفراد قوات تحالف دولي هناك منذ أن تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً في البلاد عام 2001 وهو عدد أكبر من أعداد القتلى في أي إقليم آخر. وأطلقت القوات الأفغانية الخاصة سراح أكثر من 60 سجيناً كانت «طالبان» تحتجزهم في هلمند في مايو (أيار) الماضي.
إلى ذلك، كشفت روايات ناجين ومصادر أمنية وجود تواطؤ داخلي، وخصوصاً من قبل الطاقم الطبي خلال هجوم يوم الأربعاء على المستشفى العسكري في كابل الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة، مما يشكل ضربة لأجهزة الأمن والاستخبارات الأفغانية.
ومن جهة أخرى، نفى عدد من الشهود لوكالة الصحافة الفرنسية مسؤولية تنظيم داعش عن هذه المجزرة التي قتل فيها أكثر من مائة شخص، حسب مصادر عدة، فيما أشار أطباء إلى أن «المهاجمين كانوا يهتفون الله أكبر! تحيا طالبان». ومنذ بداية الهجوم على المستشفى الذي يبعد بضع خطوات عن السفارة الأميركية، تحدث شهود وأيضاً السلطات عن مهاجمين يرتدون ملابس أطباء. واعترفت وزارة الدفاع الأفغانية مساء أول من أمس بأن مدبري هذه العملية التي تم الإعداد لها بدقة «استفادوا حكماً من متواطئين في داخل المستشفى».
وقال مسؤول في المستشفى لوكالة الصحافة الفرنسية إن التواطؤ كان مع «طبيبين متدربين جاءا من جلال آباد»، المدينة التي تشهد أكبر اضطرابات في البلاد وتعد معقل المتمردين في الشرق. وكان المسؤول قد تابع تقدم القوات الخاصة لإنقاذ الضحايا وتعرف على جثتي الطبيبين.
وكغيره من الشهود الذين يعملون في المستشفى طلب عدم الكشف عن هويته بصفته ضابطاً. وقال إن «الطبيبين المتدربين وعمرهما 25 و26 عاماً وصلا قبل 4 أشهر إلى المستشفى بتوصية من كلية الطب في جلال آباد. نحن جميعاً كنا نعرفهما». وأضاف أن «أحدهما فجر نفسه في الطابق الثاني والآخر قتلته القوات الخاصة».
وصرح ناجٍ آخر أصيب بجروح ويكاد لا يصدق ما رآه: «كان معروفاً لدي. هو أحد طلابي. شعرت بالغضب عندما رأيته يطلق النار على الجميع». وأكد مصدر أمني تورط الطبيبين المتدربين. وبلغت الحصيلة الرسمية للهجوم الذي استمر 6 ساعات في المبنى الذي يتسع لـ400 مريض، 31 قتيلاً و44 جريحاً. لكن الناجين ومصادر أمنية تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية عن «أكثر من مائة» قتيل، سقطوا طعناً بالسكين أو في تفجير قنابل يدوية أو إطلاق نار من رشاشات. وأكد المسؤول أنه «أحصى شخصياً 53 جثة». وبدأ الهجوم بتفجير انتحاري نفسه عند مدخل المستشفى نحو الساعة التاسعة بالتوقيت المحلي. وعرض طبيب لوكالة الصحافة الفرنسية صوراً على هاتفه الجوال لساقين متفحمتين في قعر حوض داخل طوابق المبنى، بدأت مجزرة ممنهجة».
وقال الرجل الذي عاد الأحد إلى المستشفى إن «المرضى الذين لا يستطيعون التحرك من أسرتهم قتلوا طعناً بسكاكين أو ضرباً بعصي. والذين يستطيعون التحرك أعدموا برصاصة في الرأس أو بين العينين». وأضاف أن «المكان الذي يضم عدداً كبيراً من المرضى تلقى قنبلة يدوية».
وقد شاهد زميله لقطات لكاميرات المراقبة خلال جلسة استماع في وزارة الدفاع قال إنها «تظهر امرأة تدفع مريضاً على كرسي متحرك. قتلت هي، ثم تصافح مطلق النار والمريض». وأكد جميع الشهود أن عدد المهاجمين كان بالتأكيد أكثر من 5 تحدثت عنهم الرواية الرسمية. وقد أكدوا أن المهاجمين «كانوا يعرفون المستشفى تماماً»، و«يبدو أنهم وجدوا أسلحتهم في داخلها في كل طابق»، وأطلقوا النار بشكل متزامن. وأوضح أحد الأطباء أن المهاجمين «الثلاثة الأوائل دخلوا من باب خلفي مقفل عادة، وتم فتحه». وذكر ممرض: «كانوا يعرفون إلى أين عليهم أن يذهبوا وعمن يجب أن يبحثوا». وأضاف أنهم «توجهوا إلى قسم مخصص للشخصيات المهمة وطلبوا بالاسم أحد أبناء شقيق وزير سابق للدفاع وجنرال موجودين حالياً في المستشفى».
في المقابل، حرص المهاجمون على تجنب صالتين يعالج فيهما مقاتلون من «طالبان» في الطابق الأول. وقال الممرض: «قتلوا الأطباء لكنهم لم يمسوا أي مريض بأذى، بينما هاجموا عملياً كل الغرف حتى الطابق السابع». ورأى الشهود أن ذلك يؤكد مسؤولية «طالبان». وقال أحدهم: «كانوا جميعاً يتحدثون اللغة البشتون (إحدى اللغتين الرسميتين واللغة الشائعة في الشرق والجنوب)، باستثناء واحد كان يتكلم بلغة البنجاب» السائدة في باكستان المجاورة.
انتحاري يستهدف حافلة في وسط كابل
هجوم المستشفى العسكري... تواطؤ داخلي و«طالبان» أرجح من «داعش»

ناجون من تفجير كابل الانتحاري أمس (رويترز)
انتحاري يستهدف حافلة في وسط كابل

ناجون من تفجير كابل الانتحاري أمس (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة