تنوعت الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2017، حيث ضمت ندوات وحلقات نقاش وجلسات للتجربة الإبداعية.
ويوم أمس زاد حجم الإقبال على المعرض، على الرغم من وجود منصات للبيع الإلكتروني، التي تسهل لعشرات القراء الحصول على الكتب من دور النشر عبر مواقع البيع الإلكترونية.. وقال البريد السعودي إنه شحن في اليوم الأول من معرض الرياض الدولي للكتاب 5 آلاف كتاب، ليحقق بذلك أول رقم قياسي بعدد الكتب المشحونة منذ بدء مشاركته في المعرض قبل 6 أعوام.
وقال مدير المركز الإعلامي للبريد السعودي هاني الشحيتان: «لم نحقق في مشاركاتنا السابقة هذا الرقم بأعداد الكتب المشحونة، ونتوقع مضاعفة أعداد الكتب خلال الأيام القادمة»، مبيناً أن الإقبال على شحن هذه الكمية من الكتب يعبّر عن الثقة التي يحظى بها البريد السعودي.
وأضاف أن شعار البريد هذا العام «كتابك يصل إلى بيتك»، إذ نشارك بمعرض الكتاب بأسعار تنافسية شبه مجانية، فيما كانت خدمة التغليف مجانية.
وقال الشحيتان: «في الدورة الماضية لمعرض الرياض للكتاب تم شحن نحو 45 ألف كتاب، بزيادة نسبتها 62 في المائة عن العام الذي قبله، بوزن يقارب 16 ألف كيلوغرام من الكتب، كما أننا تميزنا بدقة التسليم، وبنسبة خطأ صفر، إذ لم يحدث أي خطأ أو طرد معاد، مما انعكس على عملنا هذا العام».
خطاب الكراهية
وخلال مشاركته في ندوة «خطاب الكراهية في شبكات التواصل»، أكد الدكتور سعيد السريحي أن الوسط الاجتماعي هو المسؤول عن إفراز خطاب الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي وليس بسبب المواقع نفسها، مبيناً أن خطاب الكراهية متجذر في المجتمع، ينخر فيه منذ عقود من الزمن.
وأضاف خلال المحاضرة التي أدارتها الإعلامية طرفة عبد الرحمن، أن وسائل التواصل الاجتماعي حاملة للكراهية وليست منتجة، مبيناً أنها تأسست على تقسيمات مزّقت أطراف الوطن الواحد.
وتابع الدكتور السريحي: «سابقاً لم نكن نعرف عدداً من المصطلحات التي أخذت تغزو حياتنا، مثل سنة وشيعة، ليبرالي، إسلامي، حيث إن خطاب الكراهية هو من زرع هذه التقسيمات فينا وعزلنا عن الأمم، وبتنا نظن أننا ضحية مؤامرة نتيجة هذا الخطاب».
وأشار إلى أنه من أساسيات هذا الخطاب تصنيفك تجاه فريق معين ثم إقصاؤك، مؤكداً أن خطاب الكراهية نتج من بعض المساجد وحلقات التحفيظ، ووصل أيضاً إلى لقاءاتنا الاجتماعية والعائلية.
فيما أشارت الكاتبة وعضو مجلس الشورى كوثر الأربش إلى أننا نعيش في مرحلة موغلة بالكراهية، وعلينا أن نكره في حياتنا الديكتاتوريين وقاتلي الأطفال، ومشردي العوائل، مبينة أن حالة الكراهية ليست طارئة، وهناك فرق كبير بينها وبين النقد.
فيما بين الدكتور محمد المحمود أن الانتماء لأي طائفة لا يورث الكراهية للآخر، وأن الانتماءات يجب ألا تدفعنا للإساءة للآخرين، موضحاً أنه لا علاج للكراهية إلا بالقانون.
واتفق المتحدثون ضرورة أن تقف المجتمعات في مواجهته ومعالجة كل ما يحدثه من أثر، وأهمية أن يقف المؤثرون في المجتمعات وقفة جادة لبث روح التسامح والموضوعية في النقد، وأكدوا في الندوة أن خطاب الكراهية يحمل ضمناً نظرة استعلائية نحو بعض مكونات المجتمع.
«الرواية والسينما»
وخلال ورشة عمل «الرواية والسينما» التي أقيمت ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب، أكد الكاتب والناقد السينمائي طارق خواجي أن العلاقة بين الأدب والسينما علاقة قديمة ومعقدة يحكمها التقارب والتنافر ويتعاقب فيها النجاح والفشل، حيث تشكلت تلك العلاقة في ظواهر عدة منها: التأثر والتأثير والتفاعل وتبادل الخبرات والأفكار والمناهج، مشيراً إلى أن المقولة الهوليوودية الشهيرة (كثير من الكتب السيئة تصنع أفلاماً رائعة، ولكن أغلب الكتب الرائعة تصنع أفلاماً سيئة) أصبحت حقيقة في عالم الرواية والسينما.
وقال الخواجي في الورشة التي أدارها أحمد العسيلان، إن السينما قامت في بدايتها على أنها وسيلة تعبير للكاتب، ثم تحولت إلى وسيلة تعبير للمخرج، مشيراً إلى أن الرواية تعبر عن ذاتها بالكلمة، أما السينما تتخذ الصورة وسيلة للتعبير.
وأوضح خواجي أن العلاقة بين الروائي والسينمائي علاقة مزدوجة وغريبة ومشكّلة، فالسينمائي يفتخر باطلاعه على الروايات والقصص القصيرة، بينما ينأى معظم الروائيين عن اهتمامهم بالسينما بشكل واضح وصريح.
ولفت إلى أن النص السينمائي يفقد كثيراً من خصائص النص الروائي والمسرحي، لذلك لا توفر النصوص السينمائية قراءة ممتعة كونها خريطة للإنتاج.
وأضاف خواجي أن الفيلم السينمائي في شكله العام يستمد عناصره من الفنون الأخرى، فمن التشكيل يحصل على عناصر التأثير البصري للصورة، ومن الموسيقى إحساس الانسجام والإيقاع، ومن الأدب إمكانية التعامل مع المواضيع الحياتية المختلفة، ويستمد من المسرح فن التمثيل، لكنه في الأخير هو الفن السابع الذي أصبح مستقلاً بذاته.
كما فصل بين منهجي الكتابة السينمائية المكتوب خصيصاً والمكتوب اقتباساً، والتي لا يعني أن أحدهما هو أفضل من الآخر، فما يكتب بالشكل السينمائي ما هو إلا ترجمات لمخيلة خصبة وإبداعات ذاتية، أما الاقتباسات وكل ما يلحقها من عناء وجهد كبيرين في التحويل لإعادة تقديمها بشكل مصور في حيز جديد ضمن الشروط السينمائية هو أيضاً ناتج عن الإبداع الفكري، كما أن فن السينما يرفع الحدود ويتجاوز الحواجز بين فني الكتابة، مشيراً إلى أن الفيلم يسيطر على الزمن والشكل معاً.
الأديب الناجح
وخلال مشاركته في ورشة عمل بعنوان: «السمات العشر للأديب الناجح»، كشف الروائي هاني حيدر، صاحب رواية ملحمة أركاديا، عن 10 سمات أساسية يجب أن يمتلكها الكاتب والأديب الناجح.
وقال، أن إلمام الأديب بهذه السمات تمكنه من الوصل إلى القارئ وكسب رضائه، مبيناً أن أهم هذه السمات هي أن يكون لدى الأديب الشغف والرغبة الملحة في الكتابة في أي وقت وأي لحظة، بالإضافة إلى الانضباط في القراءة كونها وقود الكتابة، والحرص على ترتيب الأولويات، ومكافأة النفس على كل إنجاز لتحقيق النجاح.
وتابع: «من السمات العشر أيضاً أنه كلما كان الأديب ملماً بالأصول الأساسية للحرفة والمصطلحات الخاصة تعلم مهارة الكتابة، وأن الكاتب المبدع يجعل من الصعب بسيط مقروء، وكلما صبر الكاتب على الكتابة وعلى الموهبة أصبح قادراً على الانطلاق للأفضل».
كما تطرق حيدر إلى قضية المصداقية في الكتابة، مبيناً أنها تغير المجتمعات، وكلما حرص الأديب الشغوف على التعلم المستمر، فيعني ذلك أنه يدرك النجاح، موضحاً أنه لا يمكن للأديب أن يحقق ما يرجوه إلا بالممارسة والتجربة والتميز عن الآخرين، ولا يتم ذلك إلا بالمحافظة على جميع السمات العشر للأديب الناجح.
يذكر أن اللجنة الثقافية لمعرض الرياض الدولي للكتاب أعدت برنامجاً ثقافياً ثرياً، يتضمن مسرحيات وورش عمل وأمسيات وندوات، ويمتد طيلة أيام المعرض.
سرقة الكتب إلكترونياً
وخلال جلسة «مسيرة كتاب» الحوارية، انتقد الكاتب محمد السالم سرقة الكتب إلكترونياً ونشرها دون موافقة الكاتب ودار النشر، مؤكداً أن ذلك يؤثر سلباً على مبيعات الكتاب ودار النشر.
وأضاف: «لابد من سن قوانين حماية الكتب المباعة إلكترونياً، لا سيما وأن التوجه الحالي والمستقبلي لبيع الكتاب إلكترونياً، وطالب الكتّاب القادمين بالتجربة الأولى بنشر كتبهم إلكترونياً، ليكون لديهم السبق في هذا المجال على مستوى الشرق الأوسط».
وقدّر السالم انخفاض التكلفة الاقتصادية لنشر الكتاب بنسخه إلكترونية، بما يُقارب 70% من نشره وطباعته ورقياً.
واستعرض إيجابيات احتكاك الكاتب بدور النشر، ودورها في إكسابه الخبرة والتجربة، عبر الاطلاع على عملهم عن قرب، الأمر الذي عدّه يحفظ الحقوق للمؤلف ويجعله في غاية الراحة، إذ يستطيع في أي وقت أن يعدل على كتابه أو أن يبدل دار التوزيع متى ما رغب في ذلك، إضافة لاطلاعه على مستوى المبيعات بوضوح أثناء مرحلة التوزيع.
ولفت السالم إلى أن بعض دور النشر تساهم في سدّ الخلل التحريري للكاتب، وإعطاء النص قوة وعمقاً وتجعله أكثر جمالية.