البرلمان الليبي يعلن انهيار الحوار السياسي

النفط يتحول إلى معركة سياسية وعسكرية بعد اندلاع معارك عنيفة للسيطرة على موانئ رئيسية

العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش يشرح تطورات الوضع الأمني خلال مؤتمر صحافي عقده في بنغازي أمس (رويترز)
العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش يشرح تطورات الوضع الأمني خلال مؤتمر صحافي عقده في بنغازي أمس (رويترز)
TT

البرلمان الليبي يعلن انهيار الحوار السياسي

العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش يشرح تطورات الوضع الأمني خلال مؤتمر صحافي عقده في بنغازي أمس (رويترز)
العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش يشرح تطورات الوضع الأمني خلال مؤتمر صحافي عقده في بنغازي أمس (رويترز)

انهار أمس الحوار الليبي بعدما أعلن البرلمان، المعترف به دوليا، مقاطعته على نحو يهدد المساعي السياسية لإيجاد تسوية سلمية للأزمة الليبية، بينما دخل النفط الليبي بقوة على أجندة الصراع العسكري، حيث شنت قوات الجيش الوطني الليبي أمس ضربات جوية حول موانئ نفطية رئيسية لانتزاع السيطرة على منطقة الهلال النفطي، بعدما خسرت موقعا نفطيا هاما في شمال شرقي ليبيا سيطرت عليه مجموعات مسلحة منافسة.
وتزامنت هذه التطورات مع اقتحام ميليشيات يعتقد أنها تابعة لحكومة الإنقاذ الوطني، التي يترأسها خليفة الغويل، مقر المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس، وذلك بعد ساعات فقط من إعلان المهندس مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، أن البيانات الصادرة عن حكومة الغويل وهيئة النفط والغاز التابعة لها لا تمثل رأي المؤسسة الوطنية للنفط بأي شكل من الأشكال.
وأدان صنع الله اقتحام أفراد من هيئة النفط والغاز التابعة لحكومة الغويل مقر المؤسسة بالقوة، وإصدار بيان مرئي فيما وصفه بـ«محاولة رخيصة لإدخال المؤسسة في الصراعات السياسية»، مؤكدا في المقابل أن المؤسسة الوطنية للنفط تتبع لمجلس النواب بصفته أعلى سلطة تشريعية وللمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج والمدعومة من بعثة الأمم المتحدة، بصفته أعلى سلطة تنفيذية في البلاد، وذلك بموجب الاتفاق السياسي الليبي.
وبخصوص موانئ الهلال النفطي قال صنع الله: «نحن نقف مع وحدة البلاد دائما، وهدفنا هو زيادة الإنتاج النفطي والإيرادات»، مؤكدا رفضه أي أعمال من شأنها الإضرار بالبنية التحتية لقطاع النفط بالبلاد. ولا ينبغي أن تكون المؤسسة الوطنية للنفط ومنشآتها ورقة للمساومة في الصراعات السياسية، بل يجب تحييد قطاع النفط عن هذه الصراعات».
وأبلغ عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، «الشرق الأوسط» أن 46 نائبا من المجلس النواب أعلنوا مقاطعتهم للحوار السياسي، احتجاجاً على هذا الهجوم الذي اتهم الجماعات الإرهابية المتطرفة بشنه بمشاركة قوات أجنبية من قوات المعارضة التشادية، ودعم وزارة الدفاع بحكومة السراج، ودول أجنبية، وهو ما يعرض المصدر الوحيد لرزق الشعب الليبي للدمار، على حد تعبيره.
وأضاف بليحق موضحا: «لقد اعتبر أعضاء مجلس النواب هذا التصرف بمثابة تقويض للحوار السياسي الليبي».
ميدانيا، نشرت رئاسة أركان القوات الجوية للجيش الليبي قائمة تضم 11 من عناصر الجيش، قالت إنهم لقوا حتفهم في معركة صد الهجوم الذي نفذه تنظيم القاعدة على الهلال النفطي.
وقال العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، إن سرايا الدفاع عن بنغازي استعادت موقع «رأس لانوف»، موضحا أن «القوات المهاجمة زودت بمدرعات حديثة ورادار للتشويش على الدفاع الجوي». لكنه أكد أن «الوضع العسكري تحت السيطرة العامة» في منطقة الهلال النفطي، مشيرا إلى أن «المعركة مستمرة، وتتم بتوجيهات من قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر».
وأوضح المسماري أنه بعد فشل أربع محاولات سابقة، «رجعوا بقوة أكبر من المرات الأولى، وقررنا سحب كل الطائرات إلى مناطق خلفية آمنة».
وشنت مقاتلات سلاح الجو الليبي غارات ليلية أول من أمس على تمركزات لميليشيات سرايا الدفاع عن بنغازي في محيط ميناءي رأس لانوف والسدرة، وفقا لما أعلنه الناطق الرسمي لحرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطي محمد القبائلي، الذي أكد أن قوات الجيش تنظم صفوفها لشن هجوم مباغت على بقايا الجماعات الإرهابية التي تحاول السيطرة على الموانئ النفطية.
وقال المقدم طيار شريف العوامي، آمر غرفة عمليات القوات الجوية المنطقة الوسطى، أن مقاتلات حربية من طراز ميغ 21 و23، ومقاتلات مروحية شاركت في هذه الغارات، لكنه أضاف مستدركا: «انسحبنا من المطار العسكري في رأس لانوف، لكن معركة الهلال النفطي مع تنظيم القاعدة وسرايا الإرهاب ما زالت في بدايتها، ربما نخسر معركة لكن الحرب في الهلال النفطي بدأت من الآن».
وتراجعت قوات الجيش الوطني الليبي، التي تتمركز في الشرق والقوات المتحالفة معها، من ميناءي السدر ورأس لانوف النفطيين، وهما من أكبر المرافئ النفطية في البلاد، إثر هجوم فصيل، قالت مصادر ليبية رسمية إن ميليشيات سرايا دفاع بنغازي شنته بأوامر من وزارة دفاع حكومة السراج، وبتعليمات من مفتي البلاد المعزول الصادق الغرياني.
ويأتي الهجوم فيما اختتم فائز السراج، رئيس الحكومة المدعوم من الأمم المتحدة، زيارة إلى العاصمة الروسية موسكو، لطلب وساطتها مع حفتر.
ونفت حكومة السراج أي علاقة لها بهذا التصعيد العسكري، وقالت إنها لم تصدر أي تعليمات أو أوامر لأي قوة كانت بالتحرك نحو المنطقة، وأعلنت «إدانتها الشديدة لهذا التصعيد الخطير، الذي يحبط آمال الليبيين في حقن الدماء»، محذرة من أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمر التصعيد في تلك المنطقة أو غيرها».
وأثار الهجوم مخاوف من تصعيد جديد للعنف حول الموانئ، وتعريض زيادة إنتاج ليبيا من النفط للخطر، إذ رغم إعادة فتح ميناءي السدر ورأس لانوف أمام التصدير فإن أضرارا بالغة لحقت بهما نتيجة قتال سابق، وأصبحا يعملان بأقل كثيرا من قدرتهما.
وعقدت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط اجتماعا طارئا، أول من أمس، بهدف بحث سبل حماية منشآت النفط في المنطقة ومراجعة جداول التحميل الحالية. لكن لم تذكر تفاصيل أي إجراءات محددة اتخذت، أو توضح ما إذا كان هناك أي تغيير في العمليات بالموانئ. كما لا توجد معلومات بأن هناك ناقلات تحاول الرسو في الموانئ حاليا، لكن وكالة «رويترز» للأنباء نقلت عن مصادر شحن أنه من المقرر أن تصل ناقلة إلى ميناء السدر الثلاثاء المقبل لنقل 630 ألف برميل إلى شركة «أو إم في» الأسترالية.
ويصل إنتاج ليبيا النفطي في الآونة الأخيرة إلى نحو 700 ألف برميل يوميا، وهو ما يزيد عن مثلي إنتاجها العام الماضي. لكنه لا يزال أقل بكثير من إنتاجها قبل انتفاضة عام 2011، حيث كان يبلغ وقتها 1.6 مليون برميل نفط يوميا.
وكانت قوات حفتر سيطرت في سبتمبر (أيلول) الماضي على موانئ النفط الأربعة في شمال شرقي ليبيا (الزويتينة والبريقة وراس لانوف والسدرة)، التي تؤمن معظم صادرات النفط، وكانت تحت سيطرة قوة حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة السراج.
وتتشكل كتائب دفاع بنغازي من مقاتلين أخرجهم الجيش الوطني الليبي من بنغازي، حيث يشن حفتر حملة عسكرية منذ قرابة ثلاث سنوات على الإسلاميين وخصوم آخرين.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.