مع حلول الربيع الأفغاني... «طالبان» تتخلى عن «التهديد» وتدعو إلى زراعة الأشجار

مصادر: زعيم الحركة الأصولية مختبئ في باكستان... وإنقاذ عشرات المدنيين من قبضة «الدواعش» في ننجرهار

تدريبات جنود الجيش الأفغاني في محيط مدينة هراة (إ.ب.أ)
تدريبات جنود الجيش الأفغاني في محيط مدينة هراة (إ.ب.أ)
TT

مع حلول الربيع الأفغاني... «طالبان» تتخلى عن «التهديد» وتدعو إلى زراعة الأشجار

تدريبات جنود الجيش الأفغاني في محيط مدينة هراة (إ.ب.أ)
تدريبات جنود الجيش الأفغاني في محيط مدينة هراة (إ.ب.أ)

في رسالة لم يعهدها الأفغان من حركة طالبان، التي تصدر رسائل وبيانات متنوعة حول قضايا مختلفة وفي مناسبات عدة، أصدرت الجماعة رسالة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع المنسوبة أو المقربة لـ«طالبان»، سواء في أفغانستان أو باكستان، هذه الرسالة نسبت إلى زعيم حركة طالبان الجديد (الملا هبة الله أخونزاده) يدعو فيها الأفغان، خصوصاً المزارعين منهم، إلى كثرة زراعة الأشجار بمناسبة حلول الربيع ورأس السنة الفارسية الجديدة التي يتم الاحتفال بها بعد أقل من 4 أسابيع. الرسالة صدرت أمس واعتبرت من المتابعين لشؤون «طالبان» بياناً نادراً باسم زعيمها الملا هبة الله أخونزاده، وذلك لدعوته الأفغان إلى زراعة مزيد من الأشجار. ونشرت وسائل إعلام تتبع «طالبان» رسمياً «رسالة خاصة» باسم أخونزاده في خطوة غير معتادة من الحركة التي نشرت في الآونة الأخيرة بيانات غير موقعة في عدد من القضايا مثل سقوط ضحايا من المدنيين والعمليات العسكرية المقبلة وذكرى انسحاب القوات السوفياتية في الثمانينات من القرن الماضي. ويعتقد أن أخونزاده مختبئ منذ تولى قيادة «طالبان» في مايو (أيار) 2016 بعد مقتل الزعيم السابق (الملا أختر منصور) في ضربة أميركية بطائرة بلا طيار قيل إنه كان عائداً من إيران قرب مدينة كويتا في باكستان.
وتقول مصادر مقربة من «طالبان» المتشددة إن الزعيم الروحي الجديد لـ«طالبان» لم يظهر إلى العلن بعد أن تمت مبايعته من قبل مجلس شورى «طالبان» في كويتا، وترجح المصادر التي تحدثت معها «الشرق الأوسط» في كابل أن الملا هبة الله أخونزاده قد يكون نقل إلى مدينة كراتشي الباكستانية، ليعيش في مكان آمن بعيدًا عن التهديدات التي يتلقاها معظم قيادات الحركة في مناطق القبائل ومدينة كويتا الباكستانيتين. وأضاف المصدر المقرب من «طالبان» أنه وبعد أن عين أخونزاده مسؤولاً للجماعة اختفى بصورة مفاجئة من منزله في كويتا، ولم يظهر إلى العلن حتى الآن.
وفي البيان الجديد المنسوب لقائد الجماعة، حث زعيم «طالبان» المدنيين ومقاتلي الحركة على «زراعة شجرة أو أكثر من الأشجار المثمرة وغير المثمرة لتجميل الأرض ولنفع مخلوقات الله».
وأضاف في رسالته: «مع اقتراب الربيع، ندعو المجاهدين وكل شخص إلى زرع شجرة أو أكثر، سواء كانت مثمرة أو لا، من أجل الأرض وتمجيداً لاسم الله سبحانه وتعالى». وأضاف أن «الأشجار تلعب دوراً مهماً في حماية البيئة والنمو الاقتصادي وإضفاء الجمال على الأرض»، متابعاً: «لو انقطعت زراعة النباتات والأشجار فالحياة نفسها ستصبح مهددة».
ولم يفوت المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية فرصة الرد على هذه التصريحات، خصوصاً أن «طالبان» معروفة بهجماتها واعتداءاتها أكثر من حبها للطبيعة، باستثناء زراعة الخشخاش التي تؤمن الجزء الأساسي من مدخولها. وقال المتحدث صديق صديقي على موقع «تويتر»: «ليبدأوا بالتوقف عن زرع المتفجرات التي تقتل عدداً كبيراً من الأفغان يومياً، بينهم نساء وأطفال».
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من 11500 مدني في 2016 في معارك بين القوات الأفغانية والمتمردين، خصوصاً «طالبان»، الذين تنسب إليهم الأمم المتحدة المسؤولية عن ثلثي القتلى.
ووصل الملا أخونزاده، الزعيم الديني أكثر مما هو قيادي عسكري، إلى رأس الحركة بعد مقتل الملا منصور في باكستان في غارة نفذتها طائرة أميركية بلا طيار في مايو 2016. ولم يصدر أي إعلان له منذ منتصف سبتمبر (أيلول) 2016.
وتشن «طالبان» تمرداً ضد الحكومة في كابل وداعميها من التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي منذ الإطاحة بحكمها في غزو قادته الولايات المتحدة في 2001. ومنذ انسحاب أغلب القوات القتالية الأجنبية في 2014 أحرزت «طالبان» مكاسب بطيئة لكن مطردة، وتسيطر حالياً أو تقاتل على مساحة تصل إلى 40 في المائة من أفغانستان.
وعلى الرغم من أن «طالبان» مشهورة في الأغلب بهجماتها المسلحة، فإن لها طموحات سياسية وعملت في العادة على توفير الخدمات الأساسية وتقوية العلاقات مع المجتمعات المحلية في المناطق التي تسيطر عليها، فعلى سبيل المثال تسهل «طالبان» فتح المدارس، لكن للذكور فقط في مناطق سيطرتها بولايات تقع في شمال الشرق الأفغاني، مثل خوست باكتيا وباكتيكا، كما أنها تراقب بناء الجسور ومشاريع تنموية أخرى، حسب شهادات الأهالي.
واستعان أخونزاده الذي قيل إنه قضى 15 عاماً وهو يعظ في مسجد في باكستان، في بيانه بتفسير آيات من القرآن في دعوته لزراعة مزيد من الأشجار في البلاد القاحلة.
الأمم المتحدة التي أصدرت بياناً قبل أقل من شهر وأعلنت فيه عن تخوفها من ارتفاع حصيلة القتلى من المدنيين الأفغان، كانت قد طالبت جميع أطراف الصراع، خصوصاً «طالبان»، بعدم استهداف المدنيين وضرورة تجنيبهم مناطق الصراع، فهل رسالة زعيم طالبان تأتي استجابة لدعوات أممية؟ أم أنها مناورة سياسية، خصوصاً أن السلطات الرسمية في كابل تتحدث عن انشقاقات كبيرة تحصل في صفوف «طالبان» والضعف الذي أصاب الحركة رغم تقدمها في بعض المناطق؟
إلى ذلك، ذكر مسؤولو أمن محليون أنه تم إنقاذ 42 مدنياً على الأقل، كانوا أسرى لدى تنظيم داعش بإقليم ننجرهار شرق أفغانستان. وأضاف مسؤولو الأمن أنه كان قد تم خطف المدنيين، بالقرب من منطقة باشر أجام بالإقليم، قبل نحو 4 أشهر. وتابع المسؤولون أنه تم إنقاذ المدنيين، بسبب جهود الحكومة المحلية ومسؤولي الأمن. ودان قائد الأمن الإقليمي، الجنرال سيد أجا جول روحاني، احتجاز أنصار الجماعة الإرهابية للمدنيين رهائن. وأضاف أن القوات الأفغانية قادرة بشكل كامل على مواجهة أنصار «داعش»، متعهداً بأن يتحول إقليم ننجرهار إلى مقبرة لهم. وإقليم ننجرهار من بين الأقاليم الهادئة نسبياً، في أعقاب سقوط نظام «طالبان»، لكن الجماعات المتشددة المسلحة المناهضة للحكومة، من بينها «داعش»، زادت أنشطتها المسلحة في بعض من مناطقه النائية، خلال السنوات الأخيرة.
وقبل أسبوع ذكر أهالي مناطق نائية في ولاية ننجرهار أن تنظيم داعش خطف نحو مائة من النساء بينهن متزوجات بهدف استغلالهن جنسياً، الأمر الذي لم تؤكده السلطات الرسمية ولم يعلق عليه تنظيم داعش النشط في عدة بلدات تابعة للإقليم منذ أكثر من سنة، وقد شنت القوات الأفغانية بمساعدة القوات الدولية ضمن مهمة «الدعم الحاسم» سلسلة عمليات تمشيطية ضد مواقع «داعش»، إلا أن التنظيم وبحسب خبراء يتوسع ويوسع رقعة انتشاره في مناطق كثيرة بالشرق والشمال الأفغانيين، خصوصاً في مناطق مثل نورستان وكونر وننجرهار، التي تقع بعض بلداتها خارج سيطرة الحكومة المركزية.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.