الباب محررة من «داعش»... و«الحر» يبدأ تطهيرها من الألغام

السيطرة على المدينة تمت بعد 184 يومًا من انطلاق عملية «درع الفرات»

مقاتلو {درع الفرات} داخل الأحياء المحرَّرَة في الباب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو {درع الفرات} داخل الأحياء المحرَّرَة في الباب أمس (أ.ف.ب)
TT

الباب محررة من «داعش»... و«الحر» يبدأ تطهيرها من الألغام

مقاتلو {درع الفرات} داخل الأحياء المحرَّرَة في الباب أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو {درع الفرات} داخل الأحياء المحرَّرَة في الباب أمس (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا وفصائل الجيش السوري الحر المتحالفة معها في عملية درع الفرات، أمس (الخميس)، السيطرة «شبه الكاملة» على مدينة الباب معقل تنظيم داعش الإرهابي في ريف حلب الشرقي، فيما قال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك إنه سيتم إعلان أن المدينة تطهرت بالكامل بعد انتهاء أعمال البحث والتمشيط الحالية حاليا، مبديًا استعداد بلاده لدعم عملية السيطرة على الرقة معقل «داعش» الرئيسي، إذا نفذته قوات التحالف الدولي للحرب على «داعش» دون الاعتماد على القوات الكردية.
وقال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك إن مقاتلي الجيش السوري الحر الذين تدعمهم تركيا سيطروا مع قوات خاصة من الجيش التركي على مدينة الباب السورية (بالكامل تقريبًا)، ويعملون الآن على رصد وإزالة الألغام.
وأضاف: «الجيش السوري الحر مدعومًا بدبابات وطائرات حربية وقوات خاصة تركية دخل وسط الباب... سيطروا بشكل (شبه تام) على مدينة الباب الاستراتيجية شمال سوريا من تنظيم داعش الإرهابي... دخلت القوات إلى مركز المدينة، والآن تجري أعمال البحث والتمشيط وعند الانتهاء من عمليات البحث والتمشيط سنقول حينها إن الباب تطهرت بالكامل من عناصر (داعش)... لم يعد هناك حاجة لوقت كثير، اليوم دخلت القوات إلى مركز المدينة بالكامل».
ووسط مؤشرات على عدم تغير لافت في موقف واشنطن بشأن الاعتماد على تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي يغلب عليه قوات وحدات حماية الشعب الكردية في عملية مرتقبة لتطهير الرقة من «داعش» قال إيشيك إن تركيا ستقدم الدعم اللازم في حال تنفيذ عملية الرقة بالتعاون مع قوات التحالف الدولي ضد «داعش».
وتسعى تركيا لإبعاد القوات الكردية عن عملية الرقة وطرحت على واشنطن الاعتماد على عناصر محلية من القوات العربية والتركمانية التي تدربها منذ فترة في هذه العملية فضلاً عن دعم من دول بالمنطقة أبرزها السعودية وقطر لتنفيذ عملية الرقة، إلا أن خطة واشنطن حول الرقة لم تعلن حتى الآن.
في السياق ذاته، أعلنت ثلاثة فصائل مقاتلة في الجيش السوري الحر، أمس، سيطرتها على مدينة الباب بالكامل من تنظيم داعش، وذلك بعد أسابيع من المعارك. وذكر أحمد عثمان، قائد مجموعة «السلطان مراد» أحد قادة المجموعات الثلاث التي أعلنت سيطرتها على المدينة إنه تم تحرير مدينة الباب بالكامل، وحاليا يجري تمشيط الأحياء السكنية من الألغام.
وأشار أبو جعفر القائد العسكري في لواء المعتصم: «قتلنا العشرات من متشددي التنظيم وأخلينا نحو خمسين عائلة من الباب»، مشيرًا إلى أن القوات «ستنتهي من تمشيط بقية المدينة وسنعزز خطوطنا الدفاعية».
ونقلت صحيفة «حرييت» التركية عن أحمد الشهابي أحد قادة الجيش السوري الحر الميدانيين في مدينة الباب قوله: «إن مركز مدينة الباب الآن تحت سيطرة المعارضة، ونحاول مواصلة التقدّم بشكل دقيق عاملين على إزالة الألغام التي تصادفنا».
في المقابل، قال مصدر سوري مشارك في عملية «درع الفرات» إن التعليمات العسكرية قضت بالسيطرة على مدينة الباب، وبلدات قباسين وبزاعة وتادف، من غير أن تصدر تعليمات بمواصلة الهجوم شرقًا بمحاذاة طريق الباب - الطبقة الرئيسي، الذي يسيطر النظام على ضفته الجنوبية، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن بزاعة وقباسين «تمت السيطرة عليهما بالكامل بالتزامن مع السيطرة على مدينة الباب. وتستمر العمليات للسيطرة على بلدة تادف»، التي تفصل وجود قوات النظام في جنوب الباب، عن المدينة، وتبعد عن الباب مسافة 1.5 كيلومتر فقط.
وقال إن الاحتمالات العسكرية تقضي بالتقدم في شمال شرقي الباب شمال أوتوستراد الباب – الطبقة، وصولاً إلى حدود منبج، لكنه أكد أن هذه المرحلة من العملية العسكرية «مرهونة بالتعليمات التركية».
ولم يستبعد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن وجود تفاهم روسي – تركي حول تقسيم الخريطة الميدانية بين «درع الفرات» والنظام الذي خاض أمس عمليتين متوازيتين في ريفي حلب الشرقي والغربي، حيث أحرز تقدمًا ضد قوات «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على الريف الغربي لمدينة حلب، بينما أحرز تقدمًا على جبهة الريف الشرقي ضد «داعش». وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن الخطوط مرسومة سلفًا لتحرك القوات العسكرية في شرق حلب بموجب تنسيق روسي - تركي».
وتشكل مدينة الباب التي تعد آخر أبرز معقل لداعش في محافظة حلب، منذ نحو شهرين هدفًا رئيسيًا لعملية «درع الفرات» التي تنفذها القوات التركية وفصائل سوريا معارضة قريبة منها.
وتأتي السيطرة على المدينة بعد 184 يومًا من انطلاق عملية درع الفرات التي تمكنت حتى الآن من تحرير مساحة تتجاوز 1900 كيلومتر مربع، بالقرب من الحدود السورية - التركية، فيما تسعى تركيا إلى إقامة منطقة آمنة على مساحة من 4 آلاف إلى 5 آلاف كيلومتر مربع بعمق 45 كيلومترًا وبامتداد 98 كيلومترًا على محور جرابلس - أعزاز لإيواء قسم من اللاجئين السوريين وتأمين حدودها من «داعش»، وقطع الصلة بين مناطق سيطرة القوات الكردية نظرًا لتخوفها من نشوء كيان فيدرالي كردي على حدودها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.