الأمم المتحدة تطالب دمشق بمعلومات عن ضباط متورطين باستخدام الكيماوي

الحكومة السورية حددت قاعدتي حميميم وحماة ورفضت تقديم أسماء

واقع استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا منذ قرار مجلس الأمن رقم 2118
واقع استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا منذ قرار مجلس الأمن رقم 2118
TT

الأمم المتحدة تطالب دمشق بمعلومات عن ضباط متورطين باستخدام الكيماوي

واقع استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا منذ قرار مجلس الأمن رقم 2118
واقع استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا منذ قرار مجلس الأمن رقم 2118

يستمع مجلس الأمن الدولي، الخميس المقبل، إلى إحاطة من الممثل السامي لشؤون نزع السلاح، كيم وون سو، الذي سيوفر معلومات مستكملة عن الآلية المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن التحقيقات التي أنشئت لتحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا. في وقت قالت فيه لجنة مختصة تابعة للأمم المتحدة إنها طالبت بمعلومات عن ضباط في قاعدتي حماة وحميميم الجويتين بتهمة استخدام الكيماوي.
كما يناقش المجلس الخميس المقبل، تقريرًا قدمه أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس للمجلس، وهو التقرير الخامس الذي أعدته رئيسة آلية التحقيق المشتركة، فرجينا غامبيا، وصدر أمس. وكانت الآلية قد وثقت في تقارير سابقة مسؤولية الحكومة السورية عن استخدام السلاح الكيماوي في 3 حالات على الأقل عن طريق مروحيات تابعة للجيش السوري.
وطلب الفريق رسميًا من الحكومة السورية تقديم أسماء الوحدات المحددة التابعة للقوات المسلحة السورية وأي كيانات خارج القوات المسلحة تلقت منها اللجنة الوطنية خطط الطيران والمعلومات المتعلقة بالعمليات الجوية.
وأشار تقرير غامبيا، إلى أن فريقها تلقى رسالة من الحكومة السورية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أشارت فيها إلى تحقيق داخلي تجريه اللجنة الوطنية السورية. وجاء في الرسالة السورية، حسب التقرير، أن اللجنة أجرت دراسة (تقنية وقانونية) وافية واستعرضت خطط الطيران والعمليات الجوية في بعض المناطق التي تجري الآلية تحقيقًا بشأنها، وأشارت بالتحديد إلى قاعدتي حماة وحميميم الجويتين.
وأضاف التقرير أن الفريق طلب من الحكومة السورية، تقديم أسماء الضباط المسؤولين في ذلك الوقت، «لكن لم يرد أي جواب على هذا الطلب حتى تاريخ كتابة هذا التقرير». مشددا على أن «لهذه المعلومات أهمية كبيرة، لأن القادة مسؤولون عن أي أصول خاضعة لسيطرتهم». وسيكون لدى المحققين أيضًا القدرة على استعراض وتحليل أي معلومات، إذا قدمت».
وجاء في التقرير، أيضًا أن مكتب نيويورك، التابع للآلية، تلقى تسعة ادعاءات من الدول الأعضاء بشأن قيام جهات فاعلة غير تابعة لدول بنقل أو حيازة أو استخدام، أو اعتزامها استخدام، الأسلحة الكيميائية أو المواد الكيميائية السامة. ويتعلق أحد الادعاءات باستخدام الكلور في حلب في ديسمبر (كانون الأول) 2016 من قبل مجموعة معارضة مسلحة. وتتعلق ثمانية ادعاءات بحيازة واعتزام استخدام الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك الصواريخ المزودة برؤوس حربية كيميائية. ويتعلق ادعاء منها، بنقل المواد الكيميائية إلى جماعات معارضة مسلحة بقصد استخدامها كأسلحة كيميائية.
وأشارت ثلاثة من هذه الادعاءات تحديدًا إلى أن تنظيم داعش تلقى وحاز مواد كيميائية سامة، بنية استخدامها كسلاح. وأُطلعت الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية على هذه الادعاءات. وفي ضوء ما سبق ذكره، قال التقرير إن مكتب نيويورك يتابع الموضوع بشكل منتظم مع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأعلن الفريق أنه يجري الإعداد لبعثة أخرى لتقصي الحقائق، وستكون الآلية جاهزة للتحقيق في أي حالات تقرر فيها البعثة أن المواد الكيميائية قد استخدمت أو يحتمل أن تكون قد استخدمت كأسلحة.
إلى ذلك، طلب رئيس الفريق من الأمم المتحدة تعزيز مكاتبها في جنيف ونيويورك بالموارد البشرية اللازمة، مشيرا إلى «أن ثمة حاجة إلى جهود بديلة لجمع المعلومات وإلى مهارات في مجال التحقيق بشأن مختلف مستويات ارتكاب مثل تلك الأعمال، بالإضافة إلى التحقيق بشأن من يتولون الرعاية أو التنظيم أو المشاركة فيه على نحو آخر».
وعلى الصعيد نفسه، تسعى فرنسا وبريطانيا من خلال مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن الهجمات الكيميائية وإلى حظر بيع مروحيات لسوريا، بعد ذلك التقرير.
على الصعيد الإنساني، يناقش مجلس الأمن الدولي، يوم غد، الملف الإنساني السوري ويستمع إلى إحاطة من رئيس الشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، يتحدث فيها عن الوضع الإنساني على الأرض، والجهود التي يقوم بها مكتبه للوصول غير المشروط لكل المناطق المتأثرة في الصراع.
إلى ذلك، ينظر مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل في الملف السياسي لسوريا، حيث ينتظر أن يقدم له المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا، معلومات إضافية عن اجتماعات آستانة وجنيف. في السياق، استعرض تقرير حقوقي إحصائية الهجمات الكيمائية التي نفذها النظام السوري في ظلِّ قرارات مجلس الأمن والتي بلغت 33 هجمة قبل صدور القرار رقم 2118 عام ،2013 في حين بلغت 158 هجمة بعد القرار ذاته. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن النظام السوري نفذ 89 هجمة بالأسلحة الكيمائية بعد القرار رقم 2209 الصادر عام 2015، و33 هجمة بعد القرار رقم 2235 الصادر عام 2015، والذي قرَّر إنشاء آلية تحقيق مشترك، كما بلغ عدد الهجمات الموثقة بعد إدانة لجنة التحقيق المشترك للنظام السوري، وتحديد مسؤوليته عن استخدام الأسلحة الكيميائية ما لا يقل عن 20 هجمة.
وبحسب التقرير فإن تنظيم داعش ارتكب 4 خروقات لقرار مجلس الأمن رقم 2118، وفي الوقت ذاته للقرار رقم 2209 والقرار رقم 2235، جميعها في محافظة حلب.
ووفقًا للتقرير فقد تسببت الهجمات الكيمائية بعد القرار رقم 2118 في مقتل ما لا يقل عن 130 شخصًا قضوا جميعًا في هجمات نفذها النظام السوري، يتوزعون إلى 78 مدنيًا بينهم 40 طفلاً، و13 امرأة، و45 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في أحد سجون المعارضة. كما بلغ عدد المصابين ما لا يقل عن 2289 شخصًا يتوزعون إلى 2164 شخصًا على يد النظام السوري، و125 شخصًا على يد تنظيم داعش.
وأشار التقرير إلى أن مجلس الأمن أصدر ثلاثة قرارات رئيسة في ما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وجميع تلك القرارات تُشير إلى فرض تدابير بموجب الفصل السابع في حال عدم الامتثال لها.
وصادق النظام السوري على معاهدة نزع الأسلحة الكيميائية في سبتمبر (أيلول) 2013. كما أكدت آلية التحقيق المشترك مسؤولية النظام عن عدة هجمات كيميائية، ومع كل هذا فقد فشل مجلس الأمن فشلاً ذريعًا في تنفيذ قراراته، ونجحَ النِّظام السوري في إهانة معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وقرارات مجلس الأمن كافة. وطالب فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان باللجوء إلى وسائل بديلة، وعلى الأقل، بمقاضاة مبدئية لمستخدمي الأسلحة الكيميائية في محاكم محلية ذات اختصاص، وعلى دول العالم أن تفتح محاكمها لمحاسبة مرتكبي الانتهاك المرعب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.