عباس: حكومة المصالحة مع حماس ستعترف بإسرائيل

الحركة تعد خطاب الرئيس الفلسطيني إيجابيا

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع المجلس المركزي في رام الله، أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع المجلس المركزي في رام الله، أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس: حكومة المصالحة مع حماس ستعترف بإسرائيل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع المجلس المركزي في رام الله، أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع المجلس المركزي في رام الله، أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الحكومة التوافقية المزمع تشكيلها، وفق اتفاق المصالحة مع حركة حماس الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي، ستعترف بإسرائيل وبالاتفاقات الدولية وستنبذ العنف. ولمح إلى الانتقال إلى «مرحلة الدولة»، داعيا إلى بحث إجراء انتخابات للدولة الفلسطينية وليس السلطة. وأكد التزامه بعملية السلام مع إسرائيل وعرض تمديد المفاوضات ثلاثة أشهر شريطة أن تبدأ بترسيم الحدود وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو.
وأَضاف عباس، في كلمة له في افتتاح أعمال المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعقد برئاسته ويستمر يومين، أن «الحكومة المقبلة ستأتمر بسياستي. أنا أعترف بإسرائيل وأنبذ العنف والإرهاب، وملتزم بالالتزامات الدولية».
ويشكل حديث عباس أبلغ رد على مطالب إسرائيلية وأميركية ودولية بضرورة اعتراف الحكومة الفلسطينية، التي تقرر تشكيلها بالتوافق بين حركتي فتح وحماس، بالاتفاقات الدولية. وكانت إسرائيل رفضت بشكل قاطع اتفاق المصالحة بين الحركتين، وردت بعقوبات اقتصادية على السلطة الفلسطينية ووقف الاتصالات المتعلقة بمفاوضات السلام، التي ترعاها الولايات المتحدة. فيما قالت واشنطن إنها ستراقب أداء الحكومة المنتظرة.
ورفض عباس التدخل الإسرائيلي في موضوع المصالحة مع حركة حماس، قائلا إنها «شأن فلسطيني داخلي». وسخر من اعتراض إسرائيل على التصالح مع الحركة بوصفها «إرهابية»، متسائلا «إذا كان الإسرائيليون يقولون إن حماس (إرهابية) فلماذا عقدوا معها اتفاقيات؟ ألم يعقد الإسرائيليون اتفاق تهدئة معها برعاية الشيخ مرسي (الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي)؟ إذا نسيتم أذكركم. وكانت هنا أيضا وزيرة خارجية أميركا (السابقة) هيلاري كلينتون، حيث حملت (كلينتون) اتفاق التهدئة ووقعوا عليه. فلماذا ممنوع علي أن اذهب أنا (ومسموح لإسرائيل)، ما معنى ذلك؟».
وأضاف «لسنا ضد الاتفاق، واحترمنا التهدئة، وقلت ذلك لصحافيين إسرائيليين زاروني قبل يومين هنا في مقر الرئاسة. حماس جزء من شعبنا، وإسرائيل شريكنا. وأنا لا أستطيع أن أستغني لا عن شعبنا ولا عن شركائنا».
وفاخر عباس بأن اتفاق المصالحة مع حماس أنهى مخططا لتقسيم فلسطيني عبر إعطاء الضفة الغربية حكما ذاتيا وضم غزة إلى مصر. وقال «منذ وعد بلفور (عام 1917)، كان المخطط إقامة حكم ذاتي في الضفة وضم آلاف الكيلومترات إلى غزة وإعلانها مستقلة. الآن كسرنا ذلك عبر المصالحة».
والمصالحة مع حماس واحد من بين الملفات «الأهم»، التي سيناقشها المجلس المركزي لمنظمة التحرير، في اجتماعه الذي سيستمر اليوم كذلك، ضمن دورته الـ26، التي يعقدها تحت شعار «دورة الأسرى وإنهاء الانقسام». ويناقش المركزي، أيضا، مستقبل السلطة الفلسطينية في ظل توقف المفاوضات مع إسرائيل. ودعا عباس أعضاء المجلس المركزي والخبراء إلى التفكير في شكل الانتخابات المقبلة، إن كانت ستخص المجلس التشريعي (بمثابة برلمان) للسلطة الفلسطينية أم برلمان الدولة، وإن كانت ستشمل انتخابات رئيس السلطة أم رئيس الدولة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «عباس يفكر في مسألة وضع دستور للدولة الفلسطينية تمهيدا لإجراء انتخابات للدولة، وليس السلطة، معلنا بذلك انتقال السلطة إلى دولة». وبحسب المصادر فإن ذلك يعني «انتهاء دور السلطة الانتقالية وإعلان الدولة، وبذلك تصبح إسرائيل رسميا آخر دولة في العالم تحتل دولة مثلها».
ولمح عباس ضمنا إلى ذلك، أمس، قائلا إن على إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها في الأراضي الفلسطينية إذا ظل الجمود يكتنف العملية السلمية. لكنه أبدى في الوقت ذاته اهتمامه بتمديد مباحثات السلام مع إسرائيل حتى بعد أن علقتها الأخيرة ردا على إعلان المصالحة مع حماس.
وجاء قرار إسرائيل فيما كان الطرفان، الفلسطيني والإسرائيلي، ما زالا يبحثان سبل تمديد مفاوضات السلام قبل انتهاء مهلتها المقررة بعد غد (الثلاثاء). وقال عباس «نوافق على التمديد ثلاثة أشهر نضع فيها خرائطنا على الطاولة (من أجل ترسيم الحدود) على أن توقف إسرائيل الاستيطان بشكل كامل حتى الانتهاء من الخرائط، وتفرج عن الدفعة الأخيرة من أسرى ما قبل (اتفاق) أوسلو (عام 1993). أما غير ذلك فنقول لإسرائيل تفضلي وتسلمي مسؤولياتك»، في إشارة إلى حل السلطة الفلسطينية وتحمل إسرائيل مسؤولية الضفة الغربية.
وجدد عباس رفضه الاعتراف بيهودية إسرائيل، وتعهد بأنه لن يوقع اتفاق سلام يتضمن ذلك أو من دون أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، أو بالتنازل عن حق عودة اللاجئين. وتنتهي أعمال المجلس المركزي اليوم، في أول اجتماع له منذ عامين. وكان آخر اجتماع عقده في 2011 وقرر الانضمام إلى المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة.
ويناقش المركزي في دورته الحالية تقريرا قدمه عباس، وتقريرا آخر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وتركز التقارير على العملية السياسية ومستقبلها، والأوضاع في مدينة القدس، والاستيطان والأسرى والمصالحة الوطنية، وتفعيل دور المجلس المركزي، وتفعيل المقاومة الشعبية، ومعركة الانضمام إلى باقي المؤسسات الدولية.
من جانبها، وصفت حركة حماس خطاب عباس بـ«الإيجابي» و«المهم» والذي يجب «المراكمة عليه». وقال الناطق باسم الحركة، فوزي برهوم «خطاب الرئيس عباس أمام المجلس المركزي اعتراف وإعلان بفشل خيار المفاوضات مع الاحتلال وخطورتها على ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني والذي كان يستدعي إعلان إنهائها والانسحاب منها تماما». وأضاف برهوم على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «أما حديثه (عباس) عن عدم الاعتراف بيهودية الدولة والتمسك بخيار عودة اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى وضرورة إنجاز المصالحة فهو حديث إيجابي ومهم يجب تطويره والمراكمة عليه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.