مصر تشهد أكبر موجة ارتفاع أسعار في جيل كامل

الإصلاحات تفرغ جيوب المصريين... وتقلل عجز الحكومة

ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تعويم الجنيه دمر القوة الشرائية للمصريين
ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تعويم الجنيه دمر القوة الشرائية للمصريين
TT

مصر تشهد أكبر موجة ارتفاع أسعار في جيل كامل

ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تعويم الجنيه دمر القوة الشرائية للمصريين
ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تعويم الجنيه دمر القوة الشرائية للمصريين

بلغ معدل التضخم السنوي في مصر 29.6 في المائة لشهر يناير (كانون الثاني) 2017، وهو أعلى معدل ارتفاع في الرقم العام للأسعار منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1986، أي منذ أكثر من 30 عامًا، وفقًا للتاريخ الإحصائي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في بيان أمس (السبت)، إن قسم الطعام والشراب سجل ارتفاعًا قدره 38.6 في المائة ليُسهم بثلثي زيادة الأسعار، بينما أسهمت باقي بنود الإنفاق من مسكن وملبس وتعليم وخدمات صحية وترفيهية وغيرها بالثلث الباقي.
ومن أبرز الارتفاعات التي شهدتها السلع الغذائية كان الأرز الذي ارتفع سعره بنسبة 86 في المائة، وزيوت الطعام بنسبة 66.8 في المائة، والبصل بنسبة 80 في المائة، والسكر بنسبة 79.9 في المائة، والشاي بنسبة 86 في المائة، كما ارتفعت أسعار الوجبات الجاهزة بنسبة 31 في المائة.
وبعيدًا عن الطعام والشراب، شهدت أسعار الأجهزة المنزلية ارتفاعًا سنويًا بنسبة 52.1 في المائة، وارتفعت أسعار الحصول على خدمات الرعاية الصحية بنسبة 33.3 في المائة، وارتفعت أسعار المركبات، ومنها السيارات بنسبة 48.9 في المائة، كما ارتفعت تكلفة المواصلات الخاصة بنسبة 32.1 في المائة.
واتخذت الحكومة عدة قرارات اقتصادية أسهمت في زيادة الأسعار خلال العام الماضي، أهمها زيادة تعريفة الكهرباء في أغسطس (آب) الماضي، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي تصاحبها عادة زيادة في الأسعار، خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر (أيلول) الماضي.
كما أعلن البنك المركزي، في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر، تعويم سعر صرف الجنيه بشكل كامل، وإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي، مما تسبب في ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 17.8 جنيه حاليًا، مقارنة بنحو 8.88 جنيه، قبل قرار التعويم.
وبعدها بساعات، أعلنت الحكومة زيادة أسعار البنزين والسولار والمازوت والكيروسين وغاز السيارات وأسطوانات البوتاجاز بنسب تتراوح بين 7.1 في المائة و87.5 في المائة.
كان محللون في بنوك استثمار محلية ودولية توقعوا أن يؤدي قرار تعويم الجنيه ورفع أسعار المواد البترولية إلى قفزة كبيرة في أسعار السلع والخدمات، تظهر بقوة في أسعار النقل والمواصلات، والسلع الغذائية والأدوية التي كانت تحصل على الدولار بالسعر الرسمي.
وتعاني مصر في السنوات الأخيرة من تدهور اقتصادي وسط تفاقم عجز الموازنة وارتفاع التضخم وتراجع إنتاج الشركات والمصانع وشح العملة الصعبة في ظل غياب السائحين والمستثمرين الأجانب وتراجع إيرادات قناة السويس.
وليس من المتوقع أن يتوقف ارتفاع الأسعار في الفترة المقبلة، فوفقًا لوثيقة قرض صندوق النقد لمصر، الصادرة الشهر الماضي، يتوقع صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية استمرار ارتفاع الأسعار في السنوات المقبلة، ولكن بوتيرة أقل، خصوصًا أن الحكومة مُقبلة على رفع أسعار الوقود والكهرباء مرة أخرى خلال الأشهر المقبلة.
ووافق صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي على تقديم قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات، ولكن وثيقة القرض لم تُنشر إلا في يناير الماضي.
وتتوقع هبة الليثي، مستشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وأستاذة الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، ارتفاع معدلات الفقر خلال الفترة المقبلة.
وتقول: «طبعًا معدلات الفقر سترتفع للغاية... وأتوقع أن تصل نسبة الفقر إلى 35 في المائة من الشعب المصري في 2017».
وزادت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 27.8 في المائة من السكان في 2015، مقابل 26.3 في المائة قبلها بسنتين، وفقًا للبيانات الحكومية لبحث الدخل والإنفاق، الذي تشرف هبة الليثي على إعداده.
«الخطورة تكمن في طريقة تكيف الناس مع ارتفاع الأسعار، حيث سيتجهون إلى الاعتماد على أغذية أرخص، ولكنها أقل جودة وأكثر إضرارًا بصحتهم، خصوصًا الأطفال، وسيتجه البعض لوقف تعليم أبنائه»، كما تقول مستشارة الجهاز.
وشككت الليثي في قدرة برامج الدعم الحكومية مثل معاشات التضامن الاجتماعي وبرامج الدعم التمويني والدعم النقدي (تكافل وكرامة) على تلبية احتياجات المصريين تحت خط الفقر، «هذه مسكنات... المكافحة الحقيقية للفقر تتم عن طريق زيادة الإنتاج وفرص العمل».
ووفقًا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015، فإن كل فرد يقل دخله عن خط الفقر، 482 جنيهًا شهريًا، (27 دولارًا) فهو فقير، أي أن الأسرة المكونة من 4 أفراد تُعتبر فقيرة حال كان دخلها الشهري أقل من 1928 جنيهًا (108 دولارات) شهريًا، وهذا في 2015، قبل تطبيق حزمة الإصلاحات الاقتصادية.
«بعد معدلات التضخم المرتفعة، يمكن أن نضيف 30 في المائة أو 40 في المائة على هذا الرقم لنتوقع خط الفقر الجديد في 2017»، بحسب أستاذة الإحصاء.
ولم يقتصر الضرر على فقراء مصر فقط، بل إن كبار المُصنعين يشتكون من ارتفاع الأسعار، ووفقًا لمسح أجراه المركز المصري للدراسات الاقتصادية فإن 100 في المائة من رجال الأعمال المصريين يشتكون من ارتفاع الأسعار. أما النتائج الإيجابية للبرنامج الاقتصادي فتتركز في تحسن بعض المؤشرات الكلية للدولة، مثل تراجع العجز وارتفاع الاحتياطي.
وانخفض العجز الأولي في الموازنة الحكومية المصرية إلى 1.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، خلال الفترة من يوليو (تموز) إلى ديسمبر (كانون الأول)، مقابل 2.1 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.