اكتشاف أكبر بوابة أثرية في العالم بمنطقة كرمة

عالم آثار سويسري يؤكد أن الحضارات السودانية هي الأقدم أفريقيًا وعربيًا

مدخل مدينة كرمة الأثرية - شارلي بونيه يقدم محاضرته
مدخل مدينة كرمة الأثرية - شارلي بونيه يقدم محاضرته
TT

اكتشاف أكبر بوابة أثرية في العالم بمنطقة كرمة

مدخل مدينة كرمة الأثرية - شارلي بونيه يقدم محاضرته
مدخل مدينة كرمة الأثرية - شارلي بونيه يقدم محاضرته

يبذل عالم الآثار السويسري بروفسور شارلي بونيه، جهودًا مكثفة لإثبات أطروحته القائلة إن الحضارة السودانية هي الأقدم والأعرق في المنطقة العربية والأفريقية، وفي سبيل ذلك قدم الأسبوع الماضي سلسلة محاضرات لدعم هذه الفكرة، ولإبداء فخره بالاكتشافات التي توصل إليها، باعتبارها خلاصة جهود بحثية عكف عليها أكثر من 40 عامًا قضاها في العمل المضني بالسودان، كما أعلن عن اكتشاف أكبر بوابة في التاريخ بمنطقة «كرمة» الأثرية.
وقال بروفسور شارلي بونيه، في محاضرة نظمها مركز حوار الحضارات بجامعة النيلين الخميس، تحت عنوان «مكانة حضارة كرمة بين حضارات العالم القديمة»، إن اكتشافاته الأثرية وصلته للقول إن «كرمة» (نحو مائتي كيلومتر شمال الخرطوم) تعتبر «أول مدينة حضرية» في المنطقة العربية والأفريقية، وإن الحضارة النوبية السودانية واحدة من الحضارات «الأصيلة»، وليست امتدادًا لأي حضارة أخرى، مفندًا بذلك دعاوى قديمة بأن الحضارات السودانية امتداد للحضارة المصرية «الفرعونية».
وأوضح بونيه أن بعثته اكتشفت أن الحضارات والثقافات السودانية متعددة ومتصلة، بعضها مع بعض، خاصة حضارات كردفان ودارفور بغرب البلاد والبحر الأحمر وكسلا شرقها، ما أكسب مملكة كرمة منعة وقوة، على عكس ما كان شائعًا من أن الحضارة النوبية حضارة معزولة عن بقية الحضارات السودانية، أو أن مناطق السودان الأخرى لم تشهد حضارات مثيلة، مرجعًا هذه النظرة إلى عدم بذل الجهود الأثرية اللازمة لإعادة اكتشاف تلك الحضارات.
وقال إن جهوده وفريقه تستهدف «إعادة بناء تاريخ السودان»، وأضاف: «نعرف أنها البداية لبناء هذا التاريخ، لكننا نحتاج لمزيد من الباحثين والبحوث»، ملوحًا إلى ارتباط الحضارة السودانية بالحضارات الأفريقية، بقوله: «اكتشفنا مدينتين أثريتين في منطقة كرمة الأثرية، إحداها عاصمة النوبة، فيما تحمل الثانية طابعًا دوليًا، أو أفريقيًا، ما يتطلب جهودًا كبيرة في مجال التنقيب عن الآثار السودانية».
وأعلن أن اكتشاف آثار «دوكي قيل» (تعني باللغة النوبية التل الأحمر)، و«الدفوفة» (تعني باللغة ذاتها القلعة)، بمبانيها وطرازها المعماري المتطور، واستخدام «سيراميك» يعد من بين الأجود في العالم، تعد أهم أعماله واكتشافاته الأثرية، وأضاف: «آثار (دوكي قيل)، لا شبيه لها إلا قصر اكتشف في أوغندا القرن الماضي».
وأعلنت مصلحة الآثار السودانية الأسبوع الماضي، أن الفريق الأثري الذي يقوده بونيه، عثر في منطقة «دوكي قيل» قرب مدينة كرمة، على بوابة نوبية أثرية، تعتبر من أكبر البوابات المعروفة في التاريخ وربما في العالم.
وذكرت أن فريق الأثري السويسري المكون من بروفسور دومنيك فالبل، والدكتورة سفرين مارش، ومدير الآثار والمتاحف السوداني الدكتور عبد الرحمن محمد علي، اكتشف البوابة الكبيرة المبنية من الطوب الأخضر، وقالت إنها تعد «أكبر البوابات المعروفة في التاريخ».
وقطع بونيه بأن الحفريات الأثرية التي قام بها الفريق في كرمة والدفوفة ودوكي قيل أثبتت أن «كرمة»، كانت أكبر مركز حضري وعمراني في أفريقيا جنوب الصحراء، ويمتد عمرها إلى أكثر من 2500 عام قبل الميلاد، وقال إن فريقه كشف معابد مروية وأخرى تعود للحضارة المصرية الحديثة، وتحوي الآثار التي خلفها الفرعون تحتمس الأول والثالث، وآثار إخناتون والملكة المصرية حتشبسوت.
ولإثبات العلاقة بين الحضارات السودانية المتجاورة، قال إن كرمة استعانت بجيرانها لمواجهة الغزو المصري القادم من الشمال، لكنه قال إن الجهود البحثية لم تهتم بدراسة تلك الحضارات التي وقفت مع كرمة ضد الغزو، ما جعلها أكثر قوة ومنعة.
كما قطع بأن الطراز المعماري الذي شيدت به المعابد والقصور والمباني في كرمة والذي يتصف بـ(الدائري)، يختلف تمامًا عما هو معروف من نماذج البناء في الحضارة المصرية، ذات الطابع المعماري الذي يستخدم المستطيل والمربع، فضلاً عن كون المباني في مدينة كرمة كانت من الطين اللبن وفي مصر من الحجر. وقال إن لكل من مصر والسودان حضارته وتاريخه، لكن الحضارة المصرية كانت منغلقة على ذاتها، بينما الحضارة السودانية كانت منفتحة على أفريقيا.
وحذر بونيه من المخاطر التي تهدد الآثار السودانية، ومنها عوامل بيئية وبشرية، تتمثل في تحطيم المباني المبنية من الطين بسبب حركة البشر، أو تأثرها بالعوامل الطبيعية، بيد أنه قال: «هناك محاولات سنوية للحفاظ على هذه الآثار، وتصنع سنويًا نحو 120 قطعة طوب لصيانة آثار كرمة».
ودعا بونيه لبذل جهود كبيرة للحفاظ على الحضارة التي تثبت عظمة السودان وعمقه الحضاري، ودعا للتنقيب في مختلف أرجائه؛ «لأن هناك ممالك أخرى قابعة تحت أراضيه، ودعا السلطات لاتخاذ التدابير اللازمة لتأمين وحماية المناطق الأثرية، قبل فتحها للسياح، للتعريف بحضارة السودان».
وشارلي بونيه عالم آثار سويسري الجنسية، عمل مديرًا لبعثة جامعة جنيف في منطقة كرمة، وعمل هناك لأكثر من 40 عامًا رغم قسوة الطبيعية هناك، وأجرى خلال هذه الفترة كثيرا من البحوث التخصصية، وألف عددا من الكتب عن آثار السودان باللغات الفرنسية والإنجليزية، وقدم عروضا ثقافية عن الآثار السودانية في أوروبا.
وتثير آراؤه الجريئة عن السودان القديم جدلاً محتدمًا، خاصة قوله إن للحضارات السودانية علاقات وتأثير بالحضارات الأفريقية القديمة، وأن مملكة «كرمة» سودانية خالصة، على عكس المرويات التاريخية التي تعتبر الحضارة السودانية القديمة امتدادًا للحضارة المصرية، بل إنها «أقدم منها بآلاف السنين».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.