تقديرات بتقهقر مجلس انقلابيي اليمن السياسي

يمني يبيع الماء وسط العاصمة صنعاء في ظل أوضاع اقتصادية صعبة (د.ب.أ)
يمني يبيع الماء وسط العاصمة صنعاء في ظل أوضاع اقتصادية صعبة (د.ب.أ)
TT

تقديرات بتقهقر مجلس انقلابيي اليمن السياسي

يمني يبيع الماء وسط العاصمة صنعاء في ظل أوضاع اقتصادية صعبة (د.ب.أ)
يمني يبيع الماء وسط العاصمة صنعاء في ظل أوضاع اقتصادية صعبة (د.ب.أ)

خلصت ورقتان قدمهما باحثان سياسيان إلى أن ما يسمى المجلس السياسي الأعلى التابع لانقلابيي اليمن يعيش أوضاعًا صعبة ومرتبكة في الوقت الراهن، وقد يعلن الإفلاس في القريب العاجل لعدم تمكنه من تشغيل اقتصاد الحرب التي يخوضها ضد الشرعية اليمنية، وهو ما يدفع بالمجلس إلى التقهقر والعجز.
وأكد الدكتور سعود السرحان، أمين عام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن المجلس السياسي الأعلى الذي يمثل شراكة بين الحوثيين والمجموعات المؤيدة للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، يواجه تحديًا ماليًا رئيسيًا، وقد يفلس في القريب العاجل لأنه يقوم بتشغيل اقتصاد حرب بمعنى الكلمة، وأضاف: «لا يمكنه الصمود وتغطية أي نفقات أخرى سوى نفقات القتال، لذلك قام بنهب أموال الدولة وانهارت معه احتياطيات البنك المركزي اليمني وفرض أشكالاً مختلفة من الضرائب على السكان وخفض رواتب موظفي الحكومة».
وبحسب السرحان، الذي كان يتحدث في ندوة نقاشية عقدت في الرياض أول من أمس، فإن «المجلس السياسي، الأعلى الذي يضم الحوثيين المتعصبين، كيحيى الحوثي شقيق عبد الملك الحوثي الذي أصبح وزيرا للتعليم، أصبح يعتمد بعد نقل البنك المركزي اليمني إلى سلطة الرئيس هادي في أواخر 2016 إلى العاصمة المؤقتة عدن، على حكومة هادي وائتلاف الرعاة في دفع رواتب موظفي الدولة وبعض رواتب جنوده، ولكن من الواضح أنه سيكون هناك تأخير في صرفها، فالرئيس هادي هو المسيطر على الأموال وليس المجلس السياسي الأعلى».
من جانبه، أوضح العميد علي ناجي عبيد، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة اليمنية، أن شرارة الحرب بدأت من أجل جرعة بعد رفع الحكومة الدعم عن المشتقات النفطية، الأمر الذي استغله الحوثيون وتبنوا الاحتجاجات حتى وصل الأمر للوضع المتدهور الحالي.
وتطرق ناجي إلى الانتصارات التي حققها الجيش الوطني والمقاومة على الساحل الغربي في الأيام الأخيرة، متوقعًا استمرار التقدم بمساندة فاعلة من التحالف العربي لتحرير ما تبقى من المناطق التي ما زالت خاضعة للانقلابيين.
ويعود أمين عام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالقول إن مجلس الانقلابيين السياسي سيواجه أيضًا مشكلة أخرى تتمثل في أن معظم المواد الغذائية في اليمن يتم استيرادها عن طريق التجار الموردين الذين يحصلون على الائتمان من البنوك المحلية لشراء الأغذية المحلية، ويضمنهم في ذلك البنك المركزي.
وأردف: «يظل المجلس السياسي الأعلى غير قادر على حل مشكلة أداء الوظائف الحيوية للحكومة، وقد يستمر في المقاومة ولكن قدرته على الحكم والسيطرة على الشمال ستضعف وتتلاشى بمعدل متسارع خلال عام 2017».
وفي الجانب العسكري، أشار الدكتور السرحان إلى تغيير موازين القوى، وأن ذلك سيتحقق بأمرين، الأول تأمين الساحل بتحرير محافظة الحديدة، والثاني تحرير تعز، ويرى أن ذلك سيؤدي إلى مفاوضات قد تؤدي إلى حل سياسي للوضع على حسب تعبيره. وتابع: «نتوقع أن تقوم قوات التحالف بعمل أفضل خلال الأشهر القليلة المقبلة بسبب تدهور قدرة الحوثيين على تمويل الحرب بخلاف قوات التحالف».
وفيما يخص الدور الإيراني، قال السرحان: «يظل الدور الإيراني واضحًا في استمرار إشغال التحالف في اليمن لتحويل الأنظار عما يفعله في العراق وسوريا، وستواصل إيران دعمها المالي والعسكري واللوجيستي، وهناك أنباء عن وجود مائة مستشار إيراني، وبعض الأعضاء من (حزب الله) ضمن قوات الحوثيين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».