«اليورو» يخشى الانسحاق تحت ضغط المخاوف الأوروبية

تحذيرات من انهيار «العملة الموحدة»... ودعوات لضرورة التقارب

برزت توقعات بإمكانية انهيار العملة الموحدة لمنطقة اليورو خلال 18 شهرًا (رويترز)
برزت توقعات بإمكانية انهيار العملة الموحدة لمنطقة اليورو خلال 18 شهرًا (رويترز)
TT

«اليورو» يخشى الانسحاق تحت ضغط المخاوف الأوروبية

برزت توقعات بإمكانية انهيار العملة الموحدة لمنطقة اليورو خلال 18 شهرًا (رويترز)
برزت توقعات بإمكانية انهيار العملة الموحدة لمنطقة اليورو خلال 18 شهرًا (رويترز)

مع توالي الضغوط التي تزيد من ثقلها على كاهل الاقتصاد الأوروبي، تعاني العملة الأوروبية الموحدة أكثر من غيرها من العملات، وسط تحذيرات باحتمالية انهيارها أمام الضغوط في حال عدم نجاح القادة الأوروبيين في إيجاد حلول واسعة النطاق لإنقاذ مستقبل اقتصاداتهم وعملتهم الموحدة.
ومن أزمة ديون اليونان «المزمنة»، وتفاقم مشكلات البنوك الإيطالية وخللها الذي يهدد القطاع المصرفي الأوروبي برمته، مرورا بما أنتجه الاستفتاء البريطاني بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي، مرت العملة الأوروبية بعام قاس في 2016، وافتتحت العام الجاري بصعود الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سدة الحكم، الذي تزامن مع زيادة المخاوف حول مستقبل الاقتصاد العالمي بشكل عام، خصوصا في ظل دعواته «الحمائية» ومعاداته الواضحة لاتفاقات التجارة الحرة، زاعما أنها «أحادية الفائدة» لأطراف أخرى، وليس نهاية بدعوته الصريحة لدول الاتحاد الأوروبي بالامتثال ببريطانيا والانفصال عن اتحادها القاري. وجاء تولي ترمب متزامنا مع انتخابات أوروبية متعددة تجري العام الحالي على المناصب الرفيعة، أبرزها في فرنسا وألمانيا وهولندا، وهي من أصحاب الاقتصادات الكبرى في أوروبا... وهي الانتخابات التي تشهد صعودا صاروخيا وقويا لـ«اليمين» بشتى أطرافه، ما يؤجج المخاوف من صعود «الشعبوية» في القارة الأوروبية بشكل واسع لم تشهده منذ فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
وفي دوائر المخاوف، تعددت التحذيرات من المخاطر التي تحيق وتهدد مستقبل الاقتصاد الأوروبي «المجمع»، الذي يعد «نظريا» ثاني أقوى اقتصاد على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة، بإجمالي ناتج محلي قدره أكثر من 16 تريليون دولار، بحسب تقرير البنك الدولي لعام 2017.
وفي هذا الصدد، قال صندوق النقد الدولي في تقييم دوري لمنطقة اليورو، قبل نحو 10 أيام، إن اقتصادات المنطقة التي تضم 19 دولة تتقاسم العملة الأوروبية الموحدة، يجب أن تتقارب أكثر، وإلا فإنها ستعاني من أزمات متكررة. وقال الصندوق إنه «من دون مزيد من التقارب، من المرجح أن يعاني الاتحاد المالي من نوبات من عدم الاستقرار»، لكنه أضاف في نبرة أكثر تفاؤلا أن «التعافي الاقتصادي بمنطقة اليورو يتحسن»، وتوقع نموا بنحو 1.6 في المائة هذا العام، وفي 2018 و2019، لكن توقعاته للنمو في الأجل المتوسط كانت ضعيفة.

توقعات بالانهيار

وأمس، وعلى وقع المخاوف، هبط اليورو بنسبة 0.5 في المائة مع القلق المتصاعد بشأن الوضع السياسي في فرنسا قبيل الانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، وهو ما أعاد إلى أذهان المستثمرين مجددا المخاطر السياسية للنظام القائم في أوروبا.
وربما كانت أكثر التصريحات «صدمة» فيما يتعلق بالتوقعات حول مستقبل أوروبا الاقتصادي، من نصيب البروفسور تيد مالوك قبل نحو أسبوع، حين توقع إمكانية انهيار العملة الموحدة لمنطقة اليورو خلال 18 شهرا فقط، خلال حديث لشبكة «بي بي سي» البريطانية.
ووجه مالوك، وهو المرشح لمنصب السفير الأميركي بالاتحاد الأوروبي، انتقادا للسياسات التي يتبعها الاتحاد الأوروبي، قائلا إن «بريطانيا عندما تكون خارج السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، يمكنها تخطي البيروقراطيين الأوروبيين في بروكسل وإبرام اتفاق تجارة حرة».
ثم وجه تحذيرا للاتحاد الأوروبي من إعاقة المفاوضات بين بريطانيا والولايات المتحدة، وأوضح أنه سيكون أشبه «بالزوج الذي يحاول منع زوجته من تركه». وأشار مالوك إلى أن هذه العقبات لن تمنع بريطانيا من الحصول على اتفاق تجارة حرة متقدمة على بقية دول الاتحاد الأوروبي، كما أن الانتخابات المقبلة في هولندا وفرنسا وألمانيا قد تؤدي إلى هزة في البنية الأساسية للاتحاد.
وربما تكون تصريحات مالوك جزءا من السياسة الرسمية الجديدة التي تتبعها إدارة الرئيس ترمب، لكن مزيدا من البحث خلف ذات الأمر يكشف أنه لا يتعلق فقط بمناورات سياسية، لكنه يتصل بمخاوف فعلية.

«خيانة» وأخطاء

مالوك لم يكن الوحيد الذي يطلق مثل هذا التحذير، بل إن الأغرب من ذلك أن مطلق مشروع العملة الموحدة بنفسه كان سباقا في التحذير من انهياره. ونقلت «الإندبندنت» البريطانية عن أوتمار أسينغ، صاحب فكرة العملة الموحدة، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تصريحا جريئا، قال فيه إن سياسات المنطقة الأوروبية «خانت تجربة العملة الموحدة».
وأوضح الخبير الاقتصادي أسينغ، في سياق حديثه، أنه «من الناحية الواقعية، سوف تكون حالة من التخبط ومكافحة أزمة تلو الأخرى. من الصعب التنبؤ بمدة استمرار هذا الأمر، ولكنه لا يمكن أن يستمر للأبد»، مؤكدا أن البنك المركزي الأوروبي قام «بخطأ قاتل» لموافقته على إنقاذ دول مفلسة مثل اليونان وآيرلندا.
وأضاف أن «ميثاق الاستقرار والنمو فشل بشكل أو بآخر، وتقضي تدخلات البنك المركزي الأوروبي على انضباط السوق. لذلك فلا توجد آلية لدى الأسواق أو السياسة لممارسة الرقابة المالية، وكل هذا يتضمن كل عناصر الكارثة على الاتحاد النقدي»، متابعا أنه «لا مفر من مشكلات اليورو إلا من خلال وحدة سياسية»، لكنه استبعد تحقيق مثل هذه الوحدة.
وانتقد أسينغ قرض البنوك الفرنسية والألمانية اليونان في 2008، مؤكدا أن هذا كان في مصلحة البنوك ليس أكثر، وأنه كان يجب طرد اليونان من منطقة اليورو وتقديم الدعم السخي لها بعد استعادة استقرار سعر الصرف.

نجاة من الكبوات

لكن مع تلك التوقعات السوداوية، فإن قوة الاقتصاد الأوروبي النابع من قوة دوله فرديا، تبقى عاملا مهما في المعادلة. ولعل أبرز دليل على ذلك أن توقعات انهيار اقتصاد اليورو والعملة الموحدة ليست بجديدة تماما، فقد سبق أن ظهرت مثل تلك المخاوف في أعوام سابقة، ومن أبرزها توقع خاص بمؤسسة الاستثمار الأميركية البارزة «غولدمان ساكس» في مطلع عام 2015، حين قال البنك في بيان آنذاك: «نهاية العام المقبل (2016)، ستصبح قيمة الدولار الواحد تساوي قيمة اليورو الواحد»، وهو الأمر الذي لم يحدث.
وتوقع البنك، في تقريره، إمكانية انهيار الاقتصاد الأوروبي، وهبوط سعر اليورو إلى أقل من دولار، مشيرا إلى أن المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها القارة الأوروبية تعد سببا أساسيا في تراجع قيمة اليورو، خصوصا في ظل ارتفاع معدلات البطالة بالاتحاد الأوروبي، وانخفاض أسعار المستهلكين في أواخر عام 2014.
وأيضا في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011، ووفقًا للخبير الاقتصادي الفرنسي جاك أتالي، رئيس بنك إعادة البناء والتنمية الأوروبي سابقًا، فإن الأوضاع الاقتصادية العالمية والأوروبية بشكل خاص تضع اليورو أمام وضع استثنائي وغير مسبوق. وقال إن إمكان انهيار اليورو، وبالتالي منطقة اليورو بأكملها، لم يعد مجرد سيناريو «كابوس على الورق» فقط، وإنما احتمال قائم يمكن أن يصبح واقعا في أي لحظة الآن. وبحسب أتالي، يتمثل هذا الوضع في أن احتمالي بقاء العملة الأوروبية الموحدة أو انهيارها بالكامل متساويان تماما. مرجعا وقوف اليورو على حافة الانهيار في المقام الأول إلى أن اليونان تبدو، رغم تكرر محاولات الإنعاش التي تتلقاها بين الفينة والأخرى، ماضية على الطريق نحو إعلان إفلاسها وعجزها عن تسديد ديونها الخارجية.



«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.