ثلث أغلفة الوجبات السريعة تحتوي على كيماويات سامة

وفقا لنتائج دراسة أميركية حديثة

صورة من احدى مطاعم الوجبات السريعة بواشنطن (أ.ف.ب)
صورة من احدى مطاعم الوجبات السريعة بواشنطن (أ.ف.ب)
TT

ثلث أغلفة الوجبات السريعة تحتوي على كيماويات سامة

صورة من احدى مطاعم الوجبات السريعة بواشنطن (أ.ف.ب)
صورة من احدى مطاعم الوجبات السريعة بواشنطن (أ.ف.ب)

لا تشتهر الوجبات السريعة بفوائد صحية... أضف إلى ذلك أن دراسة أميركية جديدة أشارت إلى أن حتى طرق تعبئتها وتغليفها ربما تكون ضارة بالصحة.
فقد وجدت الدراسة أن ثلث عبوات وأغلفة الوجبات السريعة تحتوي على مواد كيماوية مثل البولي فلورو ألكيل والبيرفلورو ألكيل، وهي مواد تجعلها مقاومة للبقع ومانعة لتسرب الماء وغير قابلة للالتصاق.
والمشكلة أن هذه المواد الكيماوية مرتبطة أيضا بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان وباضطرابات هرمونية وبارتفاع الكولسترول وبالسمنة ونقص المناعة كما توصلت دراسات على الإنسان والحيوان.
وقال لوريل شيدر، قائد فريق البحث وهو من معهد سايلانت سبرينغ في نيوتن بولاية ماساتشوستس «دراستنا هي أشمل تقييم لمدى انتشار استخدام المواد الكيماوية التي تحتوي على الفلور في أغلفة الوجبات السريعة بالولايات المتحدة وبأنواع الأغلفة التي يرجح بقوة أنها تحويها».
وأضاف: «وجدنا أن ما يقرب من نصف الأغلفة الورقية - على سبيل المثال أغلفة الشطائر والبرغر والعبوات المستخدمة لحلوى الكوكيز والمعجنات - تحتوي على كيماويات تحوي الفلور وكذلك نحو 20 في المائة من عبوات الورق المقوى كعبوات البطاطا (البطاطس) والأطعمة المقلية».
ولا يوجد البولي فلورو ألكيل أو البيرفلورو ألكيل في البيئة الطبيعية لكنها كيماويات مصنعة تستخدم منذ عقود في منتجات كثيرة بدءا بأغلفة الطعام وحتى الملبوسات وأوعية الطهي المضادة للالتصاق ومواد إطفاء الحرائق. ويمكن أن يتعرض الناس لهذه المواد من خلال الاستخدام المباشر لها أو عبر الهواء أو الطعام أو الماء.
واختبر شيدر وزملاؤه وجود هذه المواد في أكثر من 400 عينة من أغلفة الأطعمة وعبوات المشروبات من 27 سلسلة من سلاسل الوجبات السريعة في أنحاء الولايات المتحدة.
وأجريت أكثر من نصف التجارب على المواد الورقية الملامسة للطعام ومنها 138 من مواد تغليف الشطائر والبرغر و68 من أغلفة الحلوى أو المخبوزات و42 من عبوات المأكولات المكسيكية.
وفي المجمل أثبتت التجارب أن 46 في المائة من الأغلفة الورقية تحوي تلك المواد الكيماوية. وقال الباحثون في دورية (رسائل العلوم البيئية والتكنولوجيا) إن هذا يشمل 38 في المائة من أغلفة الشطائر والبرغر و56 في المائة من أغلفة المخبوزات أو الحلوى و57 في المائة من أغلفة الأطعمة المكسيكية.
وقال الدكتور ليوناردو ترازاند، الباحث في مجال الطب البيئي بكلية الطب في جامعة نيويورك، وهو ليس من المشاركين في البحث «هذه الدراسة تزيد من بواعث القلق المتعلقة بالمواد الكيماوية التي تلوث الأطعمة التي خضعت لمعالجة شديدة أو المعبأة مما يفاقم احتمال زيادة الآثار الصحية علاوة على تلك الآثار التي قد تنتج عن محتوى هذه الأطعمة من الدهون أو السكريات العالية».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.