العاهل المغربي يصل إلى جوبا في أول زيارة لزعيم عربي إلى جنوب السودان

أجرى مباحثات على انفراد مع الرئيس كير... ويرافقه وفد عالي المستوى

العاهل المغربي يصل إلى جوبا في أول زيارة لزعيم عربي إلى جنوب السودان
TT

العاهل المغربي يصل إلى جوبا في أول زيارة لزعيم عربي إلى جنوب السودان

العاهل المغربي يصل إلى جوبا في أول زيارة لزعيم عربي إلى جنوب السودان

قام العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، بزيارة رسمية لجوبا، عاصمة جنوب السودان، قادما من أديس أبابا بعد مشاركته في القمة الأفريقية.
واستغرقت زيارة ملك المغرب عدة ساعات، وهي زيارة كانت مبرمجة قبل عشرة أيام، بيد أنه جرى إرجاؤها إلى ما بعد انعقاد القمة الأفريقية الـ28 التي التأمت بداية الأسبوع الحالي في أديس أبابا.
وأجرى الملك محمد السادس بالقصر الرئاسي بجوبا مباحثات على انفراد مع رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت، تناولت قضايا التعاون الثنائي في جميع المجالات، والوضع في شرق أفريقيا والمنطقة بشكل عام.
وهذه أول زيارة لزعيم عربي لدولة جنوب السودان الحديثة العهد، التي تشهد حربًا أهلية طاحنة منذ ثلاث سنوات.
وقال مايكل مكواي، وزير الإعلام في جنوب السودان المتحدث الرسمي باسم الحكومة، لـ«الشرق الأوسط»، إن العاهل المغربي محمد السادس وصل جوبا في زيارة قصيرة، بحث فيها مع الرئيس سلفاكير ميارديت علاقات البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها، مضيفًا أن الزيارة لها أهميتها، لا سيما أنها جاءت بعد أن تم قبول عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، مشيرًا إلى أن البلدين سيوقعان على عدد من الاتفاقات.
وكشف مكواي عن أن تأجيل الزيارة التي كان يفترض أن تتم في الحادي والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي تم بطلب من عاهل المغرب، وقال إن الملك محمد السادس طلب إلغاء زيارته، مؤكدا أنه سيزور جوبا عقب مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي التي انتهت أول من أمس، وتابع موضحا: «الآن وصل الملك محمد السادس، وهو بيننا ضيف كبير في بلادنا».
وتأتي زيارة الملك محمد السادس إلى جوبا بعد مرور يومين من مصادقة القمة الأفريقية على طلب عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد غياب دام 32 عاما، وبعد يوم من إلقاء الملك خطابا في القمة وصف بـ«التاريخي».
ويضم الوفد المرافق للعاهل المغربي مستشاره فؤاد عالي الهمة، ومحمد حصاد وزير الداخلية، وصلاح الدين مزوار وزير الخارجية والتعاون، ومحمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية ووزير التجهيز والنقل واللوجيستيك بالنيابة، ونبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري ووزير السياحة بالنيابة، ومولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي ووزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة بالنيابة، والحسين الوردي وزير الصحة، وناصر بوريطة الوزير المنتدب في الخارجية والتعاون، والفريق عبد الفتاح الوراق المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، واللواء عبد الكريم محمودي مفتش مصلحة الصحة العسكرية، وعددا من الشخصيات المدنية والعسكرية.
وقال مراقبون إن الزيارة الرسمية للملك محمد السادس لجمهورية جنوب السودان، تشكل تجسيدا جديدا لمبادئ التنمية المشتركة والتضامن والتعاون جنوب - جنوب، التي ما فتئ يحث عليها ملك المغرب منذ توليه حكم البلاد صيف 1999.
كما تجسد هذه الزيارة أيضا الخيار الذي تتبناه المملكة المغربية المتمثل في تنويع شراكاتها، وإضفاء بعد قاري وعالمي على سياستها الأفريقية، وذلك على أساس مبادئ التضامن والتعاون والاحترام المتبادل.
وقال مصدر دبلوماسي مغربي لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة ملك المغرب لجوبا ستفتح صفحة جديدة في سجل العلاقات بين البلدين، وستعزز رؤية الملك محمد السادس لقارة أفريقية قادرة على تنمية نفسها بنفسها، وتغيير مصيرها بيديها، مستعينة في ذلك بالعزيمة الراسخة لشعوبها وغنى طاقاتها البشرية ومواردها الطبيعية.
ومن خلال الوفد المرافق للعاهل المغربي إلى جوبا، يتبين أن الرباط ستضع الخبرة والتجربة التي راكمتها على مدى السنوات الماضية، رهن إشارة جمهورية جنوب السودان، لا سيما في مجالي العمل على استتباب الأمن ومحاربة الإرهاب، حيث سيتم تمكين هذه البلاد الفتية من الخبرة المغربية التي تحظى باعتراف كبير على المستوى الدولي، خدمة للأمن والاستقرار بجنوب السودان.
وأضاف المصدر ذاته أن زيارة عاهل المغرب لجوبا ستعطي دفعة قوية للعلاقات السياسية والاقتصادية حديثة العهد بين البلدين، كما ستمكن الرباط وجوبا من الاتفاق حول مبادرات ملموسة من شأنها المساهمة في الدفع بتعاون ثنائي قوي، متنوع ومربح لكلا الطرفين.
ويسعى المغرب إلى مد يد العون لجمهورية جنوب السودان في مختلف المجالات؛ ويتجلى ذلك من خلال التعليمات الأخيرة لملك المغرب بإقامة مستشفى ميداني متعدد التخصصات من المستوى الثاني في جوبا، وذلك في إطار بعثة إنسانية لفائدة سكان جمهورية جنوب السودان ابتداء من 23 من يناير (كانون الثاني) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».