بحلول فبراير (شباط) الحالي يكون قد مضى على رحلة النزوح المضنية لأهالي مختلف المناطق في محافظة صلاح الدين نحو سنتين، اختبروا خلالها أنواع الخوف والمصاعب المتعلقة بالسكن والعمل والتنقل من مكان لآخر، إلى جانب المخاطر المتعلقة بالوجود في منطقة الحرب الدائرة بين تنظيم داعش الذي سيطر على المحافظة في يونيو (حزيران) 2014، من جهة، والقوات الحكومية وقوات «الحشد الشعبي» من جهة أخرى. لكن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء قبل يومين، والقاضي بعودة النازحين إلى ديارهم بحلول منتصف فبراير الحالي، ربما سيضع نهاية أخيرة لمعانات آلاف العوائل.
ويؤكد رئيس مجلس محافظة صلاح أحمد الكريم الدين خبر العودة ويحددها بمدن «بيجي، يثرب، عزيز بلد، سامراء، الشرقاط». لكن الشيخ مروان الجبارة الذي قتل تنظيم داعش شقيقه الكبرى أمية الجبارة نهاية 2014، إلى جانب اختطاف تنظيم القاعدة وقتل أبيه وبعض أبناء عمومته في سنوات سابقة، يبدو متشككًا حيال موضوع العودة. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك قرار بعودة الأهالي، هذا صحيح، لكن ظروفًا معينة تقف ربما حائلاً دون ذلك»، ويرى أن «البعض يضع فيتو على عودة أهالي ناحية بيجي، وأن هناك قوى مؤثرة على الأرض لا تسمح في أحيان كثيرة بالعودة حتى الآن رغم الطلبات المستمرة التي تقدم بها أعضاء مجلس المحافظة والأهالي».
إلا أنه يتحدث بشيء من التفاؤل حيال قرار مجلس الوزراء الأخير.
وعن أهم المناطق التي يعاني سكانها من مشكلة عدم السماح بالعودة يقول: «لا توجد مشكلة كبيرة في تكريت مركز المحافظة وكذلك مدينة العلم، لكن المشكلة قائمة في قضاء بيجي ويثرب وناحية سليمان بيك ومحيط مدينة آمرلي»، مضيفًا: «أغلب سكان هذه المناطق لم يعودوا، بل لم يسمح بعودة سكان مدينة العوجة، مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين». لكن المتحدث باسم «عصائب أهل الحق» الدكتور نعيم العبودي، فيرفض مسألة الـ«الفيتو» وعدم سماح جهات محددة بعودة الأهالي، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من الأهالي عادوا إلى مناطقهم، لكن العائق الأهم الذي يقف حيال عودة الباقين، هي النزاعات والثارات بين عشائر المحافظة».
ويرى أن «العشائر التي تضررت من تنظيم داعش ترفض عودة العوائل التي انخرط أبناؤها في القتال مع التنظيم الإرهابي»، ويذكّر العبودي بالقرار الذي اتخذه مجلس محافظة صلاح الدين بداية ديسمبر (كانون الأول) 2016، وقضى «بنفي عائلة (الداعشي) عشر سنوات خارج أسوار المحافظة». لكنه يعترف بالصعوبات اللوجيستية التي تعرقل إمكانية عودة بعض السكان، وخصوصًا في قضاء بيجي الذي «تضررت بنيته التحتية كثيرا نتيجة الأعمال العسكرية»، ويرى أن ذلك يعود إلى «جهود الحكومة، ومن ناحيتنا بذلنا جهودًا طيبة في التوسط بين العشائر لتلافي مسألة الثارات والنزاعات بينها». يشار إلى أن أكثر من 50 ألف أسرة من محافظة صلاح الدين نزحت بعد 2014 إلى محافظتي كركوك وبغداد المحاذيتين وإقليم كردستان، لكن الحياة شبه الطبيعية عادت منذ أشهر طويلة إلى مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين بعد طرد تنظيم داعش مطلع شهر أبريل (نيسان) 2015.
نازحو صلاح الدين... عودة مؤجلة أم رجوع وشيك؟
مجلس الوزراء العراقي يوافق على عودتهم منتصف فبراير
نازحو صلاح الدين... عودة مؤجلة أم رجوع وشيك؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة