حكومة ماي تجتاز العقبة البرلمانية الأولى لتفعيل «بريكست»

السفير البريطاني السابق لدى «الأوروبي»: بروكسل قد تسعى لتكبيدنا تكلفة الخروج

متظاهرون يحتجون ضد «بريكست» أمام البرلمان البريطاني قبل ساعات من التصويت على تفعيله أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون يحتجون ضد «بريكست» أمام البرلمان البريطاني قبل ساعات من التصويت على تفعيله أمس (إ.ب.أ)
TT

حكومة ماي تجتاز العقبة البرلمانية الأولى لتفعيل «بريكست»

متظاهرون يحتجون ضد «بريكست» أمام البرلمان البريطاني قبل ساعات من التصويت على تفعيله أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون يحتجون ضد «بريكست» أمام البرلمان البريطاني قبل ساعات من التصويت على تفعيله أمس (إ.ب.أ)

وافق النواب البريطانيون، أمس، على مواصلة مناقشة مشروع قانون يتيح لرئيسة الوزراء تيريزا ماي بدء مفاوضات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، في أول تصويت على علاقة بـ«بريكست» في مجلس العموم.
ويأتي التصويت على النص المقتضب الذي يحمل اسم «مشروع قانون الاتحاد الأوروبي»، (بلاغ الانسحاب)، عشية نشر الحكومة خطتها التي توضح فيها استراتيجية الخروج من الاتحاد الأوروبي. وصوت النواب على «تعديل معلل» يهدف إلى وأد القانون في مهده، ويتضمن حجج 4 تعديلات أخرى تعترض على عدم استشارة برلمانات المناطق، وعدم عرض خطة الانفصال، وتقديم ضمانات حول مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا، وعدم رد ماي على أسئلة تتعلق بما بعد الانسحاب من السوق المشتركة.
ولكن حظوظ الموافقة على التعديل كانت تعادل الصفر؛ إذ يحظى حزب المحافظين بأغلبية ضئيلة في البرلمان، فيما وعد حزب العمال بعدم عرقلة مشروع القانون الذي سيتيح تفعيل المادة «50» من «معاهدة لشبونة» المؤسسة للاتحاد الأوروبي، لتبدأ رسميا المفاوضات التي تستمر سنتين. وقال أمين عام حزب العمال المعارض جيريمي كوربن إنه لن يعرقل القانون، وعلى الرغم من أن العشرات من نوابه قد يعارضونه، فإنه يتوقع أن يتم اعتماده بسهولة بعد جلسة النقاش الثانية المقررة الأسبوع المقبل.
وشهدت جلسة أمس في مجلس العموم نقاشا حادا للغاية، بخاصة بعد أن عبر السفير السابق لدى الاتحاد الأوروبي إيفانز روجرز عن اعتقاده بأن يفرض الاتحاد على المملكة المتحدة تكلفة قد تصل إلى 60 مليار يورو (64 مليار دولار).
وحذر السفير السابق لدى بروكسل من أن محادثات «بريكست» مع الاتحاد الأوروبي قد تهبط لمستوى متدن للغاية. وأضاف إيفانز، الذي استقال بعدما شعر باليأس حيال «التفكير المشوش» لحكومة تيريزا ماي، أن الوزراء ينبغي ألا يقللوا من خطورة المهمة «العملاقة» التي يواجهونها الآن والمتمثلة في التفاوض حول مستقبل العلاقات بين المملكة المتحدة والكتلة الأوروبية.
وأشار الدبلوماسي السابق إلى أن ثمة مسؤولين أوروبيين تعذر عليهم تصديق أن المملكة المتحدة ستنفصل بالفعل عن الاتحاد الأوروبي، وأنها ستلجأ إلى قواعد منظمة التجارة العالمية إذا ما أخفقت في الوصول إلى اتفاق؛ وهو التهديد الذي أطلقته ماي. ولمح إيفانز إلى أن الاتحاد الأوروبي ليس مستعدا لتحميل ميزانيته تكلفة انسحاب بريطانيا، وأنه من المحتمل أن يطلب ما بين 40 و60 مليار يورو في إطار محادثات الانسحاب.
وأوضح الدبلوماسي السابق أن شخصيات رفيعة المستوى داخل المملكة المتحدة ترى أن تكاليف الإخفاق في التوصل لاتفاق والاحتكام إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، ستكون باهظة للغاية.
كما توقع سفير بريطانيا السابق لدى الاتحاد الأوروبي، بالاستناد إلى تصريحات مسؤولين أوروبيين، أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق تجاري بين بلاده والاتحاد الأوروبي ويصبح نافذا قبل ما بين عامي 2020 و2025. وقال روجرز إن لندن سيكون لديها الوقت لتوقيع اتفاقات للتبادل الحر مع بلدان أخرى قبل التوصل إلى اتفاق يحدد علاقاتها التجارية مع بروكسل.
وقال روجرز أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم: «إنها مفاوضات واسعة لا مثيل لها، على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية»، متوقعا أن تكون «هائلة (...) وشاقة». وقال روجرز إنه في حال تم إعلان خروج بريطانيا في 2019، يتوقع مسؤولون أوروبيون أن يستغرق التوصل إلى اتفاق تجاري والمصادقة عليه من مجمل برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حتى ما بين عامي 2020 و2025.
وتواجه ماي ضغوطا كثيفة لتمرير التشريع بسرعة، بعد أن وعدت قادة الاتحاد الأوروبي بأنها ستفعل المادة «50» بنهاية مارس (آذار) المقبل. وقالت ماي للنواب إنها ستنشر استراتيجية «بريكست» أو «الورقة البيضاء» التي طال انتظارها اليوم، على أن تعكس «خطة الحكومة حول (بريكست)»، وفق ما قالت المتحدثة باسمها للصحافيين.
وسعت الحكومة إلى تجاوز البرلمان، مؤكدة أن لديها السلطات التي تخولها بدء مفاوضات الانفصال، لكن المحكمة العليا فرضت عليها ذلك الأسبوع الماضي. وأيد معظم النواب البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء يونيو (حزيران) 2016، لكن مع بدء مناقشة التشريع أول من أمس، قال كثيرون إنهم يقبلون نتيجة الاستفتاء وإن على مضض.
ومن المتوقع أن يتأخر اعتماد التشريع في مجلس اللوردات، حيث لا يحظى حزب المحافظين بالأغلبية وحيث لا يخشى الأعضاء غير المنتخبين من غضب الشعب. وكشف مسح جديد أن النواب الذين أيدوا مغادرة الاتحاد الأوروبي متّحدون نسبيًا في موقفهم، في حين أن أولئك الذين أيدوا البقاء يعبرون عن وجهات نظر متباينة.
ويؤيد نحو 72 في المائة من مؤيدي «بريكست» مراقبة الهجرة أو عدم المساهمة في ميزانية الاتحاد الأوروبي، مقابل الاحتفاظ بالقدرة على دخول السوق الموحدة، ويتفقون بذلك نسبيا مع موقف ماي. وقالت ماي إنها تريد إنهاء التدابير التي تسمح بحرية دخول مواطني الاتحاد الأوروبي، وإن كانت تقر بأن طلبها لا يتماشي مع البقاء في السوق المشتركة.
في المقابل، يختلف مؤيدو البقاء بشأن الأولويات، وهذا يجعلهم أقل قدرة على «تأطير النقاش» وفق تعبير أناند مينون، مدير برنامج «تغيير أوروبا» البحثي في المملكة المتحدة. وتعتقد غالبية مؤيدي «بريكست»، (86 في المائة)، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، كذلك بأن بريطانيا ستتمكن من تعويض أي خسائر تجارية مع الولايات المتحدة عبر إبرام اتفاقيات أخرى، في حين يقول 71 في المائة من مؤيدي البقاء إن ذلك غير ممكن. وفي خطاب أول من أمس، اتهم كين كلارك، الذي قد يكون عضو حزب المحافظين الوحيد الذي سيصوت ضد التشريع، النواب المؤيدين للبقاء بأنهم يعيشون في الأوهام. ويتضمن تشريع إبلاغ الاتحاد الأوروبي بالانفصال 143 كلمة فقط، مما يجعل من الصعب تعديله؛ سواء بهدف المماطلة، أو تأخير خطط الحكومة.
ولكن معارضي ماي لا يزالون يحاولون، وهناك العشرات من مقترحات التعديل المطروحة للنقاش خلال 3 أيام ابتداء من الاثنين، ثم ينتقل التشريع إلى مجلس اللوردات لمناقشته ابتداء من 20 فبراير (شباط) الحالي، حيث تأمل الحكومة إقراره بحلول 7 مارس المقبل.



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.