ملك المغرب لقادة أفريقيا: أنا عدت لبيتي

قال إن الريادة للقارة الأفريقية... وإن الحلم المغاربي تعرض للخيانة

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)
TT

ملك المغرب لقادة أفريقيا: أنا عدت لبيتي

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس في«خطاب العودة» إلى حضن الاتحاد الأفريقي، الذي وجهه للرؤساء الأفارقة المجتمعين في القمة الـ28 للاتحاد، «أفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيرًا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد. لقد اشتقت إليكم جميعًا».
وتفادى العاهل المغربي لدى حضوره الجلسة الختامية للقمة الإشارة إلى نزاع الصحراء والعلاقات مع الجزائر، لكنه تحدث عن الوضع المزري لاتحاد المغرب العربي.
وبين الملك محمد السادس أن الدعم الصريح والقوي الذي حظي به المغرب لخير دليل على متانة الروابط التي تجمعه مع الدول الأفريقية.
وأوضح ملك المغرب أن الانسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية كان ضروريًا «فقد أتاح الفرصة للمغرب لإعادة تركيز عمله داخل القارة، ولإبراز مدى حاجة المغرب لأفريقيا، ومدى حاجة أفريقيا للمغرب». وكشف ملك المغرب أن قرار العودة إلى المؤسسة الأفريقية جاء ثمرة تفكير عميق. وقال بهذا الخصوص: «لقد حان موعد العودة إلى البيت... ففي الوقت الذي تعتبر فيه المملكة المغربية من بين البلدان الأفريقية الأكثر تقدمًا، وتتطلع فيه معظم الدول الأعضاء إلى رجوعنا، اخترنا العودة للقاء أسرتنا. وفي واقع الأمر، فإننا لم نغادر أبدًا هذه الأسرة». ورغم السنوات التي غبنا فيها عن مؤسسات الاتحاد الأفريقي، يضيف العاهل المغربي، فإن الروابط لم تنقطع قط؛ «بل إنها ظلت قوية. كما أن الدول الأفريقية وجدتنا دومًا بجانبها».
وأضاف عاهل المغرب: «إننا ندرك أننا لسنا محط إجماع داخل هذا الاتحاد الموقر، وإن هدفنا ليس إثارة نقاش عقيم، ولا نرغب إطلاقًا في التفرقة، كما قد يزعم البعض!». وخاطب القمة قائلا: «ستلمسون ذلك بأنفسكم؛ فبمجرد استعادة المملكة المغربية لمكانها فعليا داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكب على لم الشمل، والدفع به إلى الأمام».
وأشار العاهل المغربي إلى أن المغرب ساهم في انبثاق هذه المؤسسة الأفريقية العتيدة، وأنه من الطبيعي أن «نتطلع إلى استرجاع مكاننا فيها... وطيلة هذه السنوات، وعلى الرغم من عدم توفره على موارد طبيعية، استطاع المغرب أن يصبح بلدًا صاعدًا، بفضل خبرته المشهود بها. وقد أضحى اليوم من بين الدول الأكثر ازدهارًا في أفريقيا».
وأوضح العاهل المغربي الملك محمد السادس أن المغرب ظل يؤمن دائمًا بأنه ينبغي، قبل كل شيء، أن يستمد قوته من الاندماج في فضائه المغاربي. غير أنه من الواضح أن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك. وقال العاهل المغربي في هذا السياق إن الحلم المغاربي، الذي ناضل من أجله جيل الرواد في الخمسينات من القرن الماضي، يتعرض اليوم للخيانة، مبرزًا أن ما يبعث على الأسى هو أن الاتحاد المغاربي يشكل اليوم المنطقة الأقل اندماجًا في القارة الأفريقية، إن لم يكن في العالم أجمع.
من جهة أخرى، أشار العاهل المغربي إلى أن الرباط استطاعت تطوير علاقات ثنائية قوية وملموسة، وقال إنه منذ سنة 2000 أبرم المغرب مع البلدان الأفريقية نحو ألف اتفاقية، في مختلف مجالات التعاون.
وعلى سبيل المقارنة، قال ملك المغرب: «هل تعلمون أنه بين سنتي 1956 و1999 تم التوقيع على 515 اتفاقية، في حين أنه منذ سنة 2000 إلى اليوم، وصل العدد إلى 949 اتفاقية، أي نحو الضعف»، مضيفًا: «إنه خلال هذه السنوات ارتأيت شخصيًا أن أعطي دفعة ملموسة لهذا التوجه، وذلك من خلال تكثيف الزيارات إلى مختلف جهات ومناطق القارة... كما تم التوقيع أيضًا، خلال كل واحدة من الزيارات الست والأربعين، التي قمت بها إلى 25 بلدًا أفريقيا، على العديد من الاتفاقيات في القطاع الخاص».
وذكر ملك المغرب أن بلاده أولت عناية خاصة لمجال التكوين، الذي يوجد في صلب علاقات التعاون مع البلدان الأفريقية الشقيقة، مشيرًا إلى أن العديد من المواطنين المنحدرين من البلدان الأفريقية، تمكنوا من متابعة تكوينهم العالي في المغرب، وذلك بفضل آلاف المنح التي تقدم لهم.
وتحدث ملك المغرب عن زياراته للبلدان الأفريقية، وقال إنها تميزت بإطلاق مشاريع استراتيجية مهمة، معربًا عن سعادته ببلورة مشروع أنبوب الغاز «أفريقيا – الأطلسي»، مع الرئيس النيجيري محمد بخاري. كما تحدث عن المشاريع التي تهدف إلى الرفع من المردودية الفلاحية، وضمان الأمن الغذائي والتنمية القروية، وقال في هذا السياق إنه تمت إقامة وحدات لإنتاج الأسمدة بالشراكة مع كل من إثيوبيا ونيجيريا. وإن هذه المشاريع ستعود بالنفع على القارة بأكملها. وزاد موضحًا: «لا الغاز ولا البترول بإمكانهما تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية»، وتساءل: «أليس الأمن الغذائي أكبر تحد تواجهه القارة الأفريقية؟».
وردًا على تساؤله، قال العاهل المغربي: «هذا هو جوهر المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الأفريقية مع التغيرات المناخية، التي تعرف بمبادرة (Triple A)، التي أطلقناها بمناسبة قمة المناخ (كوب 22). إنها مبادرة تمثل جوابًا جد ملموس وغير مسبوق لمواجهة التحديات المشتركة المترتبة عن التغيرات المناخية»، مشيرًا إلى أنه مباشرة بعد إطلاقها، حظيت هذه المبادرة بدعم قرابة ثلاثين بلدا.
وأوضح عاهل المغرب أن مبادرة «Triple A» تهدف إلى توفير موارد مالية أكبر لتحقيق «ملاءمة الفلاحة الأفريقية الصغرى»، وأنها ستواكب أيضًا هيكلة وتسريع المشاريع الفلاحية بالاعتماد على أربعة برامج، وهي التدبير العقلاني للتربة، والتحكم المستدام في المياه المستعملة لأغراض فلاحية، وإدارة المخاطر البيئية، والتمويل التضامني لحاملي المشاريع الصغرى. وأوضح قائلا: «لقد شكلت هذه المبادرة أحد المحاور الرئيسية في قمة العمل الأفريقي، التي كان لي شرف رئاستها في مدينة مراكش في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي».
من جهة أخرى، تساءل ملك المغرب: «هل من حاجة للتذكير بأننا كنا دائمًا من السباقين للدفاع عن استقرار القارة الأفريقية؟ لقد شارك المغرب منذ استقلاله في 6 عمليات أممية لاستتباب الأمن في أفريقيا، وذلك بنشر آلاف الجنود في عدة جبهات»، مشيرًا إلى أن القوات المغربية لا تزال إلى اليوم منتشرة في أراضي جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى قيام المغرب بمبادرات في مجال الوساطة، ساهمت بشكل فعال في دعم وإقرار السلم، خاصة في ليبيا، ومنطقة نهر مانو.
وفي معرض حديث العاهل المغربي عن التعاون جنوب - جنوب، قال إن منظور بلاده واضح وثابت «فبلدي يتقاسم ما لديه من دون مباهاة أو تفاخر».
وذكر الملك محمد السادس أنه بالاعتماد على التعاون البناء سيصبح المغرب، وهو فاعل اقتصادي رائد في أفريقيا، قاطرة للتنمية المشتركة.
أما على الصعيد الداخلي، يقول الملك محمد السادس، فإنه يتم «استقبال الأفارقة من دول جنوب الصحراء، في إطار الالتزام بالمبادئ التي قمنا بالإعلان عنها سابقًا. وقد تم إطلاق العديد من عمليات تسوية الوضعية، حيث استفاد منها في المرحلة الأولى ما يزيد على 25 ألف شخص»، وذكر أنه في الأسابيع القليلة الماضية، تم إطلاق المرحلة الثانية بنجاح، وفقًا لنفس روح التضامن والقيم الإنسانية، التي طبعت سابقتها.
وأوضح العاهل المغربي أن هذه الجهود البناءة لفائدة المهاجرين عززت صورة المغرب، ورسخت الأواصر التي تجمعنا بشعوبهم منذ زمن بعيد.
وقال العاهل المغربي: «إن من يدعي أن المغرب يبتغي الحصول على الريادة الأفريقية عن طريق هذه المبادرات، أقول: إن المملكة المغربية تسعى لأن تكون الريادة للقارة الأفريقية»، مجددًا التأكيد على أن المغرب لا يدخل الاتحاد الأفريقي من الباب الضيق، وإنما من الباب الواسع، موضحًا أن «الاستقبال الحار الذي خصنا به إخواننا الأفارقة اليوم لدليل قاطع على ذلك».
من جهته، رحب الاتحاد الأوروبي، في بيان، بخطوة الاتحاد الأفريقي حيال المغرب التي «توحد القارة الأفريقية برمتها داخل منظمتها الإقليمية»، لافتا إلى أن «التعاون والاندماج الإقليميين حيويان من أجل الازدهار والاستقرار والسلام». وأوضح كثير من رؤساء الدول؛ بينهم رئيسة ليبيريا إيلين جونسون سيرليف، ورئيس بوركينا فاسو كريسيتيان كابوريه، أن عودة المغرب ستتيح بحث قضايا الخلاف داخل الاتحاد الأفريقي، «ضمن العائلة». وخلال هذه القمة التي كان جدول أعمالها حافلا، انتخب القادة الأفارقة أيضا هيئة تنفيذية جديدة للاتحاد؛ على رأسها وزير الخارجية التشادي موسى فقي محمد.
من جهته، سلم الرئيس التشادي إدريس ديبي الرئاسة الدورية للمنظمة لرئيس غينيا ألفا كوندي، الذي دعا دول الاتحاد إلى التضامن مع الصومال وليبيا والسودان المستهدفة بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شأن الهجرة. وقال كوندي: «علينا أن نتضامن مع هذه الدول الثلاث». وذكر بتبني القارة السوداء إصلاح عضوية مجلس الأمن الدولي بحيث يكون لأفريقيا فيه مقعد دائم.
وكلف رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما التفاوض مع الأمم المتحدة في هذا الشأن وحول عمليات حفظ السلام في أفريقيا. وكلف كوندي أيضا رئيس أوغندا يويري موسيفيني أن يبحث باسم القارة ملف المهاجرين مع الاتحاد الأوروبي. وقال: «لن نقبل بأن يتفاوض الاتحاد الأوروبي بوصفه اتحادا أوروبيا مع هذا البلد أو ذاك. إذا كان الاتحاد الأوروبي (يفاوض)، فينبغي أن يتم الأمر مع الاتحاد الأفريقي. علينا أن نتكلم بصوت واحد حول مشكلة الهجرة». وفي خطاب حاد اللهجة أشار فيه إلى الآباء المؤسسين للاتحاد الأفريقي، أورد الرئيس الغاني: «كثيرون في العالم خارج أفريقيا اعتقدوا أننا لن نتمكن من انتخاب مفوضية جديدة. اعتقدوا أننا سننقسم، وأن القمة ستنتهي بالتشرذم. ولكن اليوم، قررنا أن نتحمل مسؤولياتنا».



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».