ملك المغرب لقادة أفريقيا: أنا عدت لبيتي

قال إن الريادة للقارة الأفريقية... وإن الحلم المغاربي تعرض للخيانة

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)
TT

ملك المغرب لقادة أفريقيا: أنا عدت لبيتي

العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)
العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال إلقاء «خطاب العودة» في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب) - جانب من الجلسة الافتتاحية للجمعية الـ 28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي في أديس أبابا بإثيوبيا أمس (إ.ب.أ)

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس في«خطاب العودة» إلى حضن الاتحاد الأفريقي، الذي وجهه للرؤساء الأفارقة المجتمعين في القمة الـ28 للاتحاد، «أفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيرًا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد. لقد اشتقت إليكم جميعًا».
وتفادى العاهل المغربي لدى حضوره الجلسة الختامية للقمة الإشارة إلى نزاع الصحراء والعلاقات مع الجزائر، لكنه تحدث عن الوضع المزري لاتحاد المغرب العربي.
وبين الملك محمد السادس أن الدعم الصريح والقوي الذي حظي به المغرب لخير دليل على متانة الروابط التي تجمعه مع الدول الأفريقية.
وأوضح ملك المغرب أن الانسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية كان ضروريًا «فقد أتاح الفرصة للمغرب لإعادة تركيز عمله داخل القارة، ولإبراز مدى حاجة المغرب لأفريقيا، ومدى حاجة أفريقيا للمغرب». وكشف ملك المغرب أن قرار العودة إلى المؤسسة الأفريقية جاء ثمرة تفكير عميق. وقال بهذا الخصوص: «لقد حان موعد العودة إلى البيت... ففي الوقت الذي تعتبر فيه المملكة المغربية من بين البلدان الأفريقية الأكثر تقدمًا، وتتطلع فيه معظم الدول الأعضاء إلى رجوعنا، اخترنا العودة للقاء أسرتنا. وفي واقع الأمر، فإننا لم نغادر أبدًا هذه الأسرة». ورغم السنوات التي غبنا فيها عن مؤسسات الاتحاد الأفريقي، يضيف العاهل المغربي، فإن الروابط لم تنقطع قط؛ «بل إنها ظلت قوية. كما أن الدول الأفريقية وجدتنا دومًا بجانبها».
وأضاف عاهل المغرب: «إننا ندرك أننا لسنا محط إجماع داخل هذا الاتحاد الموقر، وإن هدفنا ليس إثارة نقاش عقيم، ولا نرغب إطلاقًا في التفرقة، كما قد يزعم البعض!». وخاطب القمة قائلا: «ستلمسون ذلك بأنفسكم؛ فبمجرد استعادة المملكة المغربية لمكانها فعليا داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكب على لم الشمل، والدفع به إلى الأمام».
وأشار العاهل المغربي إلى أن المغرب ساهم في انبثاق هذه المؤسسة الأفريقية العتيدة، وأنه من الطبيعي أن «نتطلع إلى استرجاع مكاننا فيها... وطيلة هذه السنوات، وعلى الرغم من عدم توفره على موارد طبيعية، استطاع المغرب أن يصبح بلدًا صاعدًا، بفضل خبرته المشهود بها. وقد أضحى اليوم من بين الدول الأكثر ازدهارًا في أفريقيا».
وأوضح العاهل المغربي الملك محمد السادس أن المغرب ظل يؤمن دائمًا بأنه ينبغي، قبل كل شيء، أن يستمد قوته من الاندماج في فضائه المغاربي. غير أنه من الواضح أن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك. وقال العاهل المغربي في هذا السياق إن الحلم المغاربي، الذي ناضل من أجله جيل الرواد في الخمسينات من القرن الماضي، يتعرض اليوم للخيانة، مبرزًا أن ما يبعث على الأسى هو أن الاتحاد المغاربي يشكل اليوم المنطقة الأقل اندماجًا في القارة الأفريقية، إن لم يكن في العالم أجمع.
من جهة أخرى، أشار العاهل المغربي إلى أن الرباط استطاعت تطوير علاقات ثنائية قوية وملموسة، وقال إنه منذ سنة 2000 أبرم المغرب مع البلدان الأفريقية نحو ألف اتفاقية، في مختلف مجالات التعاون.
وعلى سبيل المقارنة، قال ملك المغرب: «هل تعلمون أنه بين سنتي 1956 و1999 تم التوقيع على 515 اتفاقية، في حين أنه منذ سنة 2000 إلى اليوم، وصل العدد إلى 949 اتفاقية، أي نحو الضعف»، مضيفًا: «إنه خلال هذه السنوات ارتأيت شخصيًا أن أعطي دفعة ملموسة لهذا التوجه، وذلك من خلال تكثيف الزيارات إلى مختلف جهات ومناطق القارة... كما تم التوقيع أيضًا، خلال كل واحدة من الزيارات الست والأربعين، التي قمت بها إلى 25 بلدًا أفريقيا، على العديد من الاتفاقيات في القطاع الخاص».
وذكر ملك المغرب أن بلاده أولت عناية خاصة لمجال التكوين، الذي يوجد في صلب علاقات التعاون مع البلدان الأفريقية الشقيقة، مشيرًا إلى أن العديد من المواطنين المنحدرين من البلدان الأفريقية، تمكنوا من متابعة تكوينهم العالي في المغرب، وذلك بفضل آلاف المنح التي تقدم لهم.
وتحدث ملك المغرب عن زياراته للبلدان الأفريقية، وقال إنها تميزت بإطلاق مشاريع استراتيجية مهمة، معربًا عن سعادته ببلورة مشروع أنبوب الغاز «أفريقيا – الأطلسي»، مع الرئيس النيجيري محمد بخاري. كما تحدث عن المشاريع التي تهدف إلى الرفع من المردودية الفلاحية، وضمان الأمن الغذائي والتنمية القروية، وقال في هذا السياق إنه تمت إقامة وحدات لإنتاج الأسمدة بالشراكة مع كل من إثيوبيا ونيجيريا. وإن هذه المشاريع ستعود بالنفع على القارة بأكملها. وزاد موضحًا: «لا الغاز ولا البترول بإمكانهما تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية»، وتساءل: «أليس الأمن الغذائي أكبر تحد تواجهه القارة الأفريقية؟».
وردًا على تساؤله، قال العاهل المغربي: «هذا هو جوهر المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الأفريقية مع التغيرات المناخية، التي تعرف بمبادرة (Triple A)، التي أطلقناها بمناسبة قمة المناخ (كوب 22). إنها مبادرة تمثل جوابًا جد ملموس وغير مسبوق لمواجهة التحديات المشتركة المترتبة عن التغيرات المناخية»، مشيرًا إلى أنه مباشرة بعد إطلاقها، حظيت هذه المبادرة بدعم قرابة ثلاثين بلدا.
وأوضح عاهل المغرب أن مبادرة «Triple A» تهدف إلى توفير موارد مالية أكبر لتحقيق «ملاءمة الفلاحة الأفريقية الصغرى»، وأنها ستواكب أيضًا هيكلة وتسريع المشاريع الفلاحية بالاعتماد على أربعة برامج، وهي التدبير العقلاني للتربة، والتحكم المستدام في المياه المستعملة لأغراض فلاحية، وإدارة المخاطر البيئية، والتمويل التضامني لحاملي المشاريع الصغرى. وأوضح قائلا: «لقد شكلت هذه المبادرة أحد المحاور الرئيسية في قمة العمل الأفريقي، التي كان لي شرف رئاستها في مدينة مراكش في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي».
من جهة أخرى، تساءل ملك المغرب: «هل من حاجة للتذكير بأننا كنا دائمًا من السباقين للدفاع عن استقرار القارة الأفريقية؟ لقد شارك المغرب منذ استقلاله في 6 عمليات أممية لاستتباب الأمن في أفريقيا، وذلك بنشر آلاف الجنود في عدة جبهات»، مشيرًا إلى أن القوات المغربية لا تزال إلى اليوم منتشرة في أراضي جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى قيام المغرب بمبادرات في مجال الوساطة، ساهمت بشكل فعال في دعم وإقرار السلم، خاصة في ليبيا، ومنطقة نهر مانو.
وفي معرض حديث العاهل المغربي عن التعاون جنوب - جنوب، قال إن منظور بلاده واضح وثابت «فبلدي يتقاسم ما لديه من دون مباهاة أو تفاخر».
وذكر الملك محمد السادس أنه بالاعتماد على التعاون البناء سيصبح المغرب، وهو فاعل اقتصادي رائد في أفريقيا، قاطرة للتنمية المشتركة.
أما على الصعيد الداخلي، يقول الملك محمد السادس، فإنه يتم «استقبال الأفارقة من دول جنوب الصحراء، في إطار الالتزام بالمبادئ التي قمنا بالإعلان عنها سابقًا. وقد تم إطلاق العديد من عمليات تسوية الوضعية، حيث استفاد منها في المرحلة الأولى ما يزيد على 25 ألف شخص»، وذكر أنه في الأسابيع القليلة الماضية، تم إطلاق المرحلة الثانية بنجاح، وفقًا لنفس روح التضامن والقيم الإنسانية، التي طبعت سابقتها.
وأوضح العاهل المغربي أن هذه الجهود البناءة لفائدة المهاجرين عززت صورة المغرب، ورسخت الأواصر التي تجمعنا بشعوبهم منذ زمن بعيد.
وقال العاهل المغربي: «إن من يدعي أن المغرب يبتغي الحصول على الريادة الأفريقية عن طريق هذه المبادرات، أقول: إن المملكة المغربية تسعى لأن تكون الريادة للقارة الأفريقية»، مجددًا التأكيد على أن المغرب لا يدخل الاتحاد الأفريقي من الباب الضيق، وإنما من الباب الواسع، موضحًا أن «الاستقبال الحار الذي خصنا به إخواننا الأفارقة اليوم لدليل قاطع على ذلك».
من جهته، رحب الاتحاد الأوروبي، في بيان، بخطوة الاتحاد الأفريقي حيال المغرب التي «توحد القارة الأفريقية برمتها داخل منظمتها الإقليمية»، لافتا إلى أن «التعاون والاندماج الإقليميين حيويان من أجل الازدهار والاستقرار والسلام». وأوضح كثير من رؤساء الدول؛ بينهم رئيسة ليبيريا إيلين جونسون سيرليف، ورئيس بوركينا فاسو كريسيتيان كابوريه، أن عودة المغرب ستتيح بحث قضايا الخلاف داخل الاتحاد الأفريقي، «ضمن العائلة». وخلال هذه القمة التي كان جدول أعمالها حافلا، انتخب القادة الأفارقة أيضا هيئة تنفيذية جديدة للاتحاد؛ على رأسها وزير الخارجية التشادي موسى فقي محمد.
من جهته، سلم الرئيس التشادي إدريس ديبي الرئاسة الدورية للمنظمة لرئيس غينيا ألفا كوندي، الذي دعا دول الاتحاد إلى التضامن مع الصومال وليبيا والسودان المستهدفة بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شأن الهجرة. وقال كوندي: «علينا أن نتضامن مع هذه الدول الثلاث». وذكر بتبني القارة السوداء إصلاح عضوية مجلس الأمن الدولي بحيث يكون لأفريقيا فيه مقعد دائم.
وكلف رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما التفاوض مع الأمم المتحدة في هذا الشأن وحول عمليات حفظ السلام في أفريقيا. وكلف كوندي أيضا رئيس أوغندا يويري موسيفيني أن يبحث باسم القارة ملف المهاجرين مع الاتحاد الأوروبي. وقال: «لن نقبل بأن يتفاوض الاتحاد الأوروبي بوصفه اتحادا أوروبيا مع هذا البلد أو ذاك. إذا كان الاتحاد الأوروبي (يفاوض)، فينبغي أن يتم الأمر مع الاتحاد الأفريقي. علينا أن نتكلم بصوت واحد حول مشكلة الهجرة». وفي خطاب حاد اللهجة أشار فيه إلى الآباء المؤسسين للاتحاد الأفريقي، أورد الرئيس الغاني: «كثيرون في العالم خارج أفريقيا اعتقدوا أننا لن نتمكن من انتخاب مفوضية جديدة. اعتقدوا أننا سننقسم، وأن القمة ستنتهي بالتشرذم. ولكن اليوم، قررنا أن نتحمل مسؤولياتنا».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.