ازدهار أدوات «إنترنت الأشياء» المقرصنة

متسللون إلكترونيون يجنون مكاسب مالية منها

ازدهار أدوات «إنترنت الأشياء» المقرصنة
TT

ازدهار أدوات «إنترنت الأشياء» المقرصنة

ازدهار أدوات «إنترنت الأشياء» المقرصنة

عندما يصبح في مقدور أي شخص استغلال جيش متنام من الأجهزة المارقة المتصلة بعضها ببعض مقابل أجر، فإن خطر إصابة الإنترنت بالشلل يصبح أكبر من أي وقت مضى. وقد أصبح مثل هذا الجيش من الأدوات المتصلة بالإنترنت جاهزًا للاستخدام من قبل أي شخص.
وقد ازدهرت «بوت نت» botnets (أو روبوتات الإنترنت الصغيرة) بين الأدوات المتصلة ضمن شبكة «إنترنت الأشياء»، التي يجري قرصنتها بحيث يمكن استعبادها وتسييرها - مثل الروبوتات - لتعمل معا لإحداث زيادة هائلة في كميات البيانات المرسلة إلى الكومبيوترات الخادمة على نحو ينهكها، وقد حدث كثير من الإخفاقات في الإنترنت في الأشهر الأخيرة بالولايات المتحدة.
وكانت شركة «دويتش تيليكوم» الألمانية المعنية بخدمات الهواتف قد كشفت العام الماضي أن قرابة مليون من مستخدميها عانوا من انقطاع في خدمات الإنترنت جراء محاولة فاشلة للسيطرة على أجهزة توجيه الإشارة (راوتر) الخاصة بالشركة، والتحكم بها كأجهزة من أجل استعبادها. وتبعًا لما أفاد به باحث أمني مستقل، فإن إجمالي عدد الأجهزة التي جرى استغلالها في «بوت نت» إنترنت الأشياء، من الممكن أن يكون قد تجاوز 500 ألف.
والملاحظ أن غالبية الأجهزة التي يعتمد عليها القراصنة في الوقت الراهن تبدو أقدم وتستغرق وقتًا أطول كي تنجح في استقطاب أحدث أجهزتك الذكية المنزلية وضمها إلى جيشها؛ وإن كان هذا الأمر يظل ممكنًا.
إلا أنه في الوقت الراهن، يبدو أن بعض القراصنة يحاولون جني مكاسب مالية من وراء استعباد أجهزة «إنترنت الأشياء» التي يملكونها. فقد أفادت مجلة «فوربس» مثلا أن 100 ألف جهاز من الممكن استغلاها مقابل 7.500 دولار. الآن، طرح عدد من الـ«هاكرز»، «بوت نت» يسيطرون عليها للإيجار بحيث يمكن استخدامها في مهاجمة كومبيوترات خادمة. وتشير تقارير إلى أن استئجار 50 ألف جهاز لشن هجوم يكلف ما يتراوح بين 3 آلاف و4 آلاف دولار، تبعًا لما ذكره موقع «بليبينغ كومبيوتر».
وأشار الموقع ذاته إلى أن باحثين لاحظوا أن النسخة الأخيرة من البرمجيات الخبيثة المستخدمة في بناء «بوت نت» من 40 ألف جهاز، من المعتقد أنها كانت مشاركة في محاولة قطع اتصالات ليبيريا بشبكة الإنترنت. وقد انطوت على حيلة جديدة. على ما يبدو، فإن هذه النسخة الجديدة تقدم عناوين «آي بي»، (بروتوكول إنترنت)، الأمر الذي سيزيد على نحو بالغ من صعوبة التصدي لها مستقبلاً.
ومع إدراك القراصنة أن ثمة أطرافا أخرى قد تبدي اهتمامها باستغلال الجيوش التي بنوها، تزداد حدة المخاطر القائمة بشدة.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».