مستقبل الاستثمار السعودي يجذب أنظار العالم

توقعات بقفزة في أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى نصف تريليون دولار

في السعودية هناك فرص متعددة أمام القطاع الخاص للاستفادة من المرحلة الاقتصادية المقبلة
في السعودية هناك فرص متعددة أمام القطاع الخاص للاستفادة من المرحلة الاقتصادية المقبلة
TT

مستقبل الاستثمار السعودي يجذب أنظار العالم

في السعودية هناك فرص متعددة أمام القطاع الخاص للاستفادة من المرحلة الاقتصادية المقبلة
في السعودية هناك فرص متعددة أمام القطاع الخاص للاستفادة من المرحلة الاقتصادية المقبلة

في أروقة منتدى دافوس، الذي انتهت فعالياته قبل نحو 10 أيام، ظهر جليا استحواذ مستقبل الاستثمار السعودي على اهتمام واسع بين الحضور، من مسؤولين بارزين واقتصاديين نافذين، إلى جانب كثير من المستثمرين العالميين. وذلك في وقت يتوقع فيه كثير من الاقتصاديين حول العالم، أن يصبح صندوق الاستثمارات العامة السعودي الأكبر قيمة ونفوذا عبر العالم، وفق الخطط المعلنة من الإدارة السعودية.
ومن عرض خططتها الاقتصادية، و«رؤية المملكة 2030»، أمام المشاركين في منتدى دافوس عبر مشاركة من مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، أبدت صناديق استثمار اهتمامها البالغ بضخ رؤوس أموال للاستثمار في المملكة.
ووسط هذا الاهتمام الدولي، توقعت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أمس، أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي سيصبح من أكبر وأنشط الصناديق السيادية عالميًا خلال السنوات المقبلة، مع إعادة هيكلة الصندوق ليصبح الذراع الأساسية لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي في إطار «رؤية المملكة 2030».
وأشارت الصحيفة إلى النشاط غير المسبوق الذي شهده الصندوق خلال العام الماضي، حيث تم ضخ 45 مليار دولار في صندوق «رؤية سوفت» التكنولوجي بالتعاون مع «سوفت بنك» الياباني، كما استثمر 3.5 مليار دولار في شركة «أوبر»، وكذلك الإعلان عن تحويل 100 مليار ريال (نحو 26.7 مليار دولار) من الاحتياطيات إلى الصندوق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك إضافة إلى الدور المركزي الذي من المتوقع أن يلعبه الصندوق في خطط الإصلاح في المملكة.
وعلق أحد المصادر المصرفية لـ«فاينانشيال تايمز» قائلا: «بعد صفقات الصندوق الأخيرة، فإن لعاب كافة مديري صناديق الأصول بدأ يسيل.. لا عجب أنهم يسارعون حاليا لطرق أبواب الصندوق السعودي، ويريدون أن يشاركوا في تلك الصفقات».
ويأتي في صلب خطة تحديث «صندوق الاستثمارات العامة»، تحويل ملكية شركة «أرامكو» إلى الصندوق، وطرح حصة 5 في المائة من الشركة للاكتتاب في 2018.
وتتوقع مصادر مصرفية، بحسب الصحيفة البريطانية، أن مزيدًا من الأصول سيتم تحويل ملكيتها إلى الصندوق، فيما توقع مصدر آخر أن أصول الصندوق سترتفع من 190 مليار دولار حاليًا إلى 500 مليار دولار، قبل إضافة أصول «أرامكو».
ويشير التقرير إلى أنه عند إتمام طرح «أرامكو»، فإن الصندوق سيجني ما لا يقل عن 100 مليار دولار إضافية في خزينته.
كما أوضح التقرير، أن لقاءات ياسر الرميان، المشرف على الصندوق، مع عدد من المسؤولين التنفيذيين البارزين في دافوس، لفتت انتباه كبرى الشركات العالمية، والقطاع المصرفي على وجه الخصوص.
وأشارت الصحيفة إلى أن القوة الدافعة وراء هذا التحول هو الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، الذي يقود جهوداً لتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن الاعتماد الحصري على النفط، حيث يسعى إلى تحويل صندوق الاستثمارات العامة الذي أنشئ في عام 1971 ليكون أداة حاسمة في خطة التحول الوطني؛ ومن بينها خلق صناعات جديدة، على غرار التكنولوجيا، التي يمكن أن تجتذب الشباب السعودي إلى القطاع الخاص، وهو العنصر الحاسم لخطة الإصلاح السعودية.
وأشار مصدر مصرفي لـ«فاينانشيال تايمز» إلى أن «الاستراتيجية السعودية تسعى لتوفير الثروة للأجيال المقبلة.. وأيضا للتحول من اقتصاد يعتمد على عائدات النفط إلى آخر أكثر قابلية للبقاء والتطور وفقا للمعطيات الحديثة».
وظهر بوضوح حجم الاهتمام الدولي الذي يوليه قطاع الأعمال العالمي تجاه المملكة خلال أيام انعقاد منتدى دافوس، ولعل وصف أندرو ليفريس، الرئيس التنفيذي لشركة «داو»، للمملكة ورؤيتها بقوله: «السعودية هي أعظم قصة لم ترو بعد، ويجب علينا أن نحكيها»، يلخص هذه النظرة الإيجابية... بينما اعتبرها لورانس فينك، الرئيس التنفيذي لشركة «بلاك روك» بمثابة «نموذجا للإيجابية... في عالم من الشك».
وتناولت جلسة رئيسية بالمنتدى أدارها فيليب روسلر، العضو في مجلس إدارة منتدى الاقتصاد العالمي، الإصلاحات الاقتصادية والمالية والطاقية التي أقرتها السعودية ضمن خطتها لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. كما تطرقت للفرص الاستثمارية التي توفرها المملكة للشركات الأجنبية والاستثمارات في قطاعات البنية التحتية والتعليم والطاقة وغيرها. وهي الجلسة التي شارك بها وزير المالية السعودي محمد الجدعان، ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح، ووزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي.
وقال الفالح خلال الجلسة إن «(الرؤية السعودية) تنطلق من أساس قوي، فالاقتصاد السعودي هو الأكبر في الشرق الأوسط بناتج محلي إجمالي يتجاوز 1.6 تريليون ريال. كما نتمتع بعملة مستقرة، وبنية تحتية قوية رغم بعض الثغرات». مشيرا إلى أن أعمار 70 في المائة من السعوديين لا تتجاوز 25 سنة؛ ما يؤهل المملكة للحصول على قوة إنتاجية بارزة يستفيد منها القطاع الخاص.
وعن سبل تحقيق أهداف «رؤية المملكة 2030»، أشار الفالح إلى أن من بين الأولويات الاستثمار والإصلاح، قائلا إن الاستثمار سيكون آلية أساسية، وقد تم تأسيس صندوق الاستثمارات العامة بهذا الهدف. وأن السعودية ستستثمر في الداخل بشكل استراتيجي، وفي والخارج بهدف التنويع، وصفقات «سوفت بانك» و«أوبر» خير دليل على ذلك.
وبحسب المعلن، فإن المملكة تهدف من خلال برنامج «التحول الوطني» إلى رفع الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق للبلاد بنسبة 133 في المائة، ليصل إلى 70 مليار ريال (18.7 مليار دولار) بحلول عام 2020، وذلك من 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) عام 2015.
وقال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، في دافوس، إن «هناك فرصا متعددة أمام القطاع الخاص للاستفادة من المرحلة الاقتصادية المقبلة، نحاول أن يكون القطاع الخاص هو المسؤول عن توليد أكثر من 60 في المائة من الاقتصاد السعودي». متابعا: «لدينا تركيز واضح على تعظيم الإيرادات غير النفطية... تمت مضاعفتها خلال عامين، وعملنا بجد لزيادة كفاءة عملياتنا».
كما تستهدف «الرؤية السعودية» رفع الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار ريال (43.5 مليار دولار) في 2015، إلى نحو تريليون ريال سنويًا (267 مليار دولار).



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.