الجزائر: قيادي «الإنقاذ» يحتج على أوامر أصدرها بوتفليقة ضده

بن حاج اشتكى من مراقبة لصيقة يتعرض لها تعكس تخوف الحكومة من اجتماعاته بأنصاره

الجزائر: قيادي «الإنقاذ» يحتج على أوامر أصدرها بوتفليقة ضده
TT

الجزائر: قيادي «الإنقاذ» يحتج على أوامر أصدرها بوتفليقة ضده

الجزائر: قيادي «الإنقاذ» يحتج على أوامر أصدرها بوتفليقة ضده

طالب علي بن حاج، قيادي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة، من وزير العدل «رفع الظلم والتعسف في استعمال السلطة» ضده، وذلك بسبب مضايقات أمنية مشددة يتعرض لها منذ أكثر من شهر منعته من التنقل بحرية خارج العاصمة. وصدرت هذه التعليمات عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصيا.
وقال بن حاج للوزير الطيب لوح في رسالة، توصلت «الشرق الأوسط» بنسخة منها، «منذ منتصف رمضان الماضي وأنا أتردد بين محكمة حسين داي وقصر العدالة للعاصمة ووزارة العدل من أجل إبلاغ احتجاجي وتظلمي للجهات المعنية، بخصوص الملاحقة والمطاردة الأمنية صباح مساء، ومصادرة حقوقي المشروعة التي يضمنها ويكفلها الشرع الحنيف وكذا الدستور، والمواثيق الدولية التي وقعت علها الجزائر ولكن لا حياة لمن تنادي».
وذكر بن حاج أن «الكل يتهرب من المسؤولية، وتم منعي مؤخرا بالقوة من اختيار المسجد الذي أريد الصلاة فيه، وكذا منعي من الخروج من ولاية الجزائر العاصمة إلى سائر الولايات، وكل ذلك دون سند شرعي أو قانوني أو حكم قضائي، وهذا والله قمة التعسف في استخدام السلطة والاعتداء على حقوق المواطنين بالقوة الأمنية». وأضاف أنه «عندما أحتج على هذه المعاملة الجائرة الظالمة، يقال لي إن هذه أوامر وتعليمات من رئاسة الجمهورية، وأنا أصلا لا أعترف بمثل هذه الممارسات الظالمة القاسية، التي تدوس على أبسط حقوق المواطن في حرية التعبد الحر دون إكراه، والتعبير والتنقل عبر الولايات، فهل بمثل هذه المعاملة التعسفية يسود العدل؟».
وتابع بن حاج مخاطبا وزير العدل، الذي ينتمي لحزب الرئيس «جبهة التحرير الوطني»، «الغريب أيها الوزير أنك تكثر من التصريحات على الفضائيات وصفحات الجرائد بخصوص احترام القانون والحقوق والحريات الفردية، ولكن واقع الحال على خلاف ذلك تماما، فهل نؤسس للعدالة في شاشة التلفزة بالتصريحات الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟». وطلب قيادي «الإنقاذ» من لوح التحقيق في قضيته على عجل.
واحتج بن حاج في الصحافة الأسبوع الماضي على مذكرة موجهة إلى مدير الشرطة اللواء عبد الغني هامل، وقائد قوات الدرك اللواء مناد نوبة، تأمرهما بوضع حدود لحركة بن حاج الذي يشكل صداعا للسلطات، منذ خروجه من السجن العسكري عام 2003، حيث قضى 12 سنة. وورد في المذكرة، التي وقعها أحمد أويحيى مدير مكتب الرئيس بوتفليقة حاليا، ورئيس حكومته سابقا، أن الرئيس «يتلقى باستمرار معلومات حول تنقلات السيد علي بن حاج خارج إقليم ولاية الجزائر (العاصمة) ليأخذ الكلمة في مساجد بمدن أخرى عبر الوطن»، وأشارت إلى أن بن حاج «يغتنم فرصة تنظيم جنائز أو أفراح من طرف عائلات كوادر سابقين في الحزب المحل (جبهة الإنقاذ)، لينشط حلقات تحريضية. ويحاول المعني، من خلال ذلك، التحايل على قرار منعه من التدخل عبر المساجد».
وأوضحت المذكرة أن بوتفليقة «يأمر باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع السيد علي بن حاج من مغادرة إقليم ولاية الجزائر، وإذا اقتضى الأمر رده عند مدخل أي منطقة أخرى عبر الوطن، باستثناء العاصمة». وأضافت: «إن منع السيد بن حاج من دخول المساجد على مستوى الجزائر العاصمة، يظل ساريا باستثناء المسجد الواقع بمقر إقامته (الضاحية الجنوبية للعاصمة)، علما بأنه يمنع أيضا أن يلقي بهذا الأخير أي خطبة أو خطاب، كما ينص عليه ذلك قانون العقوبات».
وقال خبراء في القانون إن المذكرة تتعارض مع الدستور وقانون الإجراءات الجنائية، اللذين يمنعان تقييد حركة أي شخص من دون قرار من قاضي التحقيق، بينما علي بن حاج لم يتعرض لإجراء قضائي يحظر حركته. وأكثر ما يقلق السلطات هو لقاء بن حاج بالمصلين، وحديثه معهم في شؤون السياسة، خاصة أنه شديد الانتقاد للرئيس وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
ودخل بن حاج السجن أول مرة مطلع ثمانينات القرن الماضي، وخرج منه بعد خمس سنوات. وفي صيف 1991 دخله مرة ثانية في قضية «العصيان المدني» الشهير، الذي نظمته «جبهة الإنقاذ»، وحكم عليه وعلى رئيس الحزب عباسي مدني (المقيم حاليا بقطر)، بـ12 سنة سجنا بتهمة «تهديد أمن الدولة». وعاد إلى السجن عام 2005، بسبب تصريحات في قضية خطف دبلوماسيين جزائريين بالعراق، فهمت بأنها تشجع على قتلهما، ومكث بالسجن هذه المرة 8 أشهر، ولكن من دون محاكمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.