«بريكست» قد لا يعني «بريكست»

قرار المحكمة العليا المنتظر قد يكبل الحكومة في مفاوضات الخروج

الصحف البريطانية أجمعت على ما جاء في خطاب ماي الذي أوضحت فيه أن الخروج يعني التخلي عن فكرة السوق الموحدة التي تتيح للمهاجرين الأوروبيين الدخول إلى بريطانيا بسهولة (إ.ب.أ)
الصحف البريطانية أجمعت على ما جاء في خطاب ماي الذي أوضحت فيه أن الخروج يعني التخلي عن فكرة السوق الموحدة التي تتيح للمهاجرين الأوروبيين الدخول إلى بريطانيا بسهولة (إ.ب.أ)
TT

«بريكست» قد لا يعني «بريكست»

الصحف البريطانية أجمعت على ما جاء في خطاب ماي الذي أوضحت فيه أن الخروج يعني التخلي عن فكرة السوق الموحدة التي تتيح للمهاجرين الأوروبيين الدخول إلى بريطانيا بسهولة (إ.ب.أ)
الصحف البريطانية أجمعت على ما جاء في خطاب ماي الذي أوضحت فيه أن الخروج يعني التخلي عن فكرة السوق الموحدة التي تتيح للمهاجرين الأوروبيين الدخول إلى بريطانيا بسهولة (إ.ب.أ)

اختارت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خروجا «صعبا» من الاتحاد الأوروبي، بدلا من خروج «سهل» في خطابها الذي ألقته هذا الأسبوع، وحددت فيه خريطة طريقها في مفاوضاتها مع التكتل الأوروبي، بدءا من تفعيل المادة «50» من معاهدة لشبونة. لكن كل خططها قد تتبدل وتلاقي العراقيل، بعدما تقرر المحكمة العليا الثلاثاء المقبل نتيجة استئناف الحكومة البريطانية بخصوص قرار سابق لمحكمة عليا (أقل درجة) يجبر ماي على عرض خططها على البرلمان قبل الشروع في تفعيل المادة «50». وهذا يعني أن شعارها الذي رفعته منذ توليها رئاسة الوزراء بأن «(بريكست) يعني (بريكست)» قد يعاد فيه النظر.
وهنا قد تصطدم ماي بأعضاء البرلمان، من شتى الأحزاب، الذين يميل معظمهم للبقاء في الاتحاد. وقد يناقش هؤلاء أن المطلوب هو الخروج من الاتحاد الأوروبي وليس من السوق الموحدة، وهذا ما أصبح يعرف بـ«خروج صعب» أو «خروج سهل»، وهذا قد يعني منعها من تفعيل المادة على هذا الأساس.
وكانت الحكومة البريطانية قد لجأت إلى المحكمة العليا، وطعنت بقرار من محكمة أدنى درجة يطالب رئيسة الوزراء تيريزا ماي باستشارة البرلمان قبل البدء في المحادثات الرسمية الخاصة بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ويتوقع كثير من المحللين أن يؤيد 11 من قضاة المحكمة العليا قرار المحكمة السابق. وفي خطاب مهم قالت ماي إنها لا تزال تخطط لتفعيل المادة «50» من معاهدة لشبونة، التي تضع قواعد عملية تفاوض تستمر لمدة عامين تتعلق بخروج أي دولة من الاتحاد الأوروبي، بحلول نهاية مارس (آذار).
واعتبر وزير الخارجية الألماني فرنك فالتر شتاينماير، أن ماي «قدمت أخيرا بعض الوضوح» عن مفهوم لندن لـ«بريكست» بعد سبعة أشهر على الاستفتاء الذي اختار البريطانيون عبره الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وكانت رئيسة الحكومة البريطانية دافعت عن خروج من الاتحاد الأوروبي، وأنه سيكون «واضحا وقاطعا» يتيح التحكم بأعداد المهاجرين الأوروبيين الوافدين. وأكدت أن هذا يعني خروجا من السوق الأوروبية الموحدة. الاتحاد الأوروبي يشترط بأن البقاء في السوق الموحدة، يعني القبول بحركة المهاجرين، وهذا ما ترفضه بريطانيا.
وذكرت صحيفة «تايمز» أن خطاب ماي «يوضح أنه من المقرر أن تنسحب المملكة المتحدة من السوق الموحدة ومن الاتحاد الجمركي الأوروبي، لكي تستعيد السيطرة على الهجرة (الوافدة إليها)، ولتنهي السلطة القضائية لمحكمة العدل الأوروبية (عليها)».
إلا أن الصحيفة حذرت من أن «موقف ماي إزاء خروج بريطانيا الصعب من الاتحاد الأوروبي، سوف يضعها على مسار تصادمي» مع نواب موالين للاتحاد الأوروبي، من حزب المحافظين الحاكم الذي تنتمي إليه.
وأعدت الحكومة بالفعل مشروع قانون بشأن المادة «50»، وفقا لتقارير غير مؤكدة من وسائل الإعلام البريطانية. وخلال شرح مهمة القضاة في ختام جلسة الاستئناف التي استمرت أربعة أيام في الشهر الماضي، قال رئيس المحكمة العليا إنه «لم يطلب منهم إلغاء نتيجة الاستفتاء بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «السؤال الجوهري في هذه القضية يتعلق بالعملية التي يمكن من خلالها تنفيذ النتيجة بشكل قانوني».
وقال لورد نوبرغر، أحد القضاة الأحد عشر، أعلى سلطة قضائية في المملكة المتحدة، بعد جلسات استمرت أربعة أيام: «نحن واعون لضرورة حل هذه القضية بأسرع ما يمكن، وسنعمل ما بوسعنا للتوصل إلى ذلك». ونظر قضاة المحكمة منذ الاثنين في قرار محكمة لندن العليا الذي قضى بأنه ليس بإمكان الحكومة تفعيل المادة «50» من معاهدة لشبونة لبدء مفاوضات الانفصال، من دون استشارة البرلمان. وأضاف القاضي نوبرغر: «من المفيد التكرار أنه لم يطلب منا الرجوع إلى نتيجة الاستفتاء حول الاتحاد الأوروبي».
وحرص على التوضيح أن «جوهر هذه القضية يتعلق بالآلية التي يمكن عبرها تنفيذ نتيجة (الاستفتاء) قانونا»، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية. وكان قرار محكمة لندن العليا أثار غضب المدافعين عن خروج المملكة من الاتحاد، ورأوا فيه تعديا على نتيجة الاستفتاء، وأبدوا خشيتهم من أن يؤخر ذلك تطبيق ما أيده 52 في المائة من الناخبين البريطانيين في 23 يونيو (حزيران) 2016.
وتؤكد رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، أن لديها الصلاحيات الضرورية لتفعيل عملية الخروج من الاتحاد.
أما من تقدموا بالاعتراض للمحكمة، وبينهم مديرة صناديق الاستثمار جينا ميلر، والحلاق دير دوس سانتوس، فاعتبروا أن خروج بريطانيا من الاتحاد يعني إبطال القوانين الأوروبية المدرجة ضمن القانون البريطاني، وأن الأمر يتطلب بالتالي قرارا من السلطة التشريعية. وفي حال لم تأخذ المحكمة العليا باعتراض الحكومة، فعلى الأخيرة إعداد مشروع قانون لتفعيل المادة «50» من معاهدة لشبونة وإحالته إلى مجلس العموم.
لكن أعضاء البرلمان أيدوا الأربعاء الجدول الزمني الذي اختارته تيريزا ماي التي تعهدت في المقابل كشف استراتيجيتها التفاوضية. وهذا التصويت غير الملزم هو بمثابة انتصار أول لرئيسة الحكومة في صراعها مع البرلمان.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت إن الخطاب الذي ألقته رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء الماضي قدم مزيدا من الوضوح عن «بريكست». وأكدت في الوقت نفسه أن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الباقية ستبقى موحدة. وقالت ميركل، في مؤتمر صحافي عقدته مع نظيرها الإيطالي باولو غنتيلوني، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية: «بعد خطاب رئيسة الحكومة تيريزا ماي بات لدينا انطباع واضح حول طريقة تحرك بريطانيا. إلا أن المفاوضات لن تبدأ إلا بعد تقديم الطلب» الرسمي للخروج من الاتحاد الأوروبي. كما أكدت ميركل أن القادة الأوروبيين «لن يسمحوا بأن يتم تقسيمهم».
من جهته، قال غنتيلوني: «قبلا لم يكن هناك سوى شعار (بريكست) هو (بريكست)، أما الآن فبتنا نعرف أكثر بقليل عن رؤية الحكومة البريطانية لـ(بريكست). أعتقد أن الاتحاد الأوروبي جاهز للمناقشة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».