القوى السياسية اللبنانية تدرس خياراتها قبل جولة الانتخابات الثانية

«14 آذار» قد تطرح مرشحا غير جعجع.. وعون «لن يخوض معركة تصادمية»

جانب من جلسة مجلس النواب اللبناني التي عقدت في بيروت أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة مجلس النواب اللبناني التي عقدت في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

القوى السياسية اللبنانية تدرس خياراتها قبل جولة الانتخابات الثانية

جانب من جلسة مجلس النواب اللبناني التي عقدت في بيروت أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة مجلس النواب اللبناني التي عقدت في بيروت أمس (إ.ب.أ)

أخفقت جولة الاقتراع الأولى في مجلس النواب اللبناني، أمس، في انتخابات رئيس جديد للبلاد، وانتهت بتحديد رئيس البرلمان نبيه بري الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم الأربعاء المقبل موعدا لدورة الانتخاب الثانية.
وأسفرت الجولة الأولى عن حصول رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على 48 صوتا من قوى «14 آذار»، بينما حصل النائب هنري حلو، المرشح من قبل رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط والمدعوم من كتلته بـ16 صوتا، في حين اقترع 52 نائبا بأوراق بيضاء، هم نواب قوى «8 آذار». وفي حين انتخب أحد النواب لصالح رئيس حزب الكتائب اللبنانية، الرئيس اللبناني الأسبق، أمين الجميل، رغم عدم إعلان ترشحه رسميا للدورة الانتخابية الأولى، عدت سبعة أصوات أخرى ملغاة.
ويتوقع أن تنصرف القوى اللبنانية خلال الأيام المقبلة إلى تحليل حصيلة دورة الانتخابات الأولى، ومتابعة المشاورات داخل كل فريق من أجل الاتفاق على مرشح واحد، تمهيدا لتأمين أكبر عدد ممكن من الأصوات لمصلحته. وفي هذا الإطار، أوضح النائب ميشال عون، زعيم تكتل التغيير والإصلاح، بعد انسحابه من الجلسة أمس: «تبين أن لا إمكان للتوافق على أي من المرشحين في الدورة الثانية، لذلك نحن انسحبنا من القاعة على أمل أن نتوصل في الجلسة المقبلة إلى تشكيل نوع من الإجماع على مرشح». وعما إذا سيكون مرشحا في الجلسات المقبلة، أم سينتظر التوافق، أجاب: «حتى الساعة، لا نزال في انتظار التوافق».
في المقابل، رأت مصادر في قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا بد من إعادة درس الموقف بعد صدور نتائج الجولة الأولى لجهة ترشيح جعجع أو شخصية أخرى من (14 آذار) بعدما لم يوفق جعجع في الحصول على كامل أصوات قوى (14 آذار)، التي كان يفترض أن تكون أصوات مضمونة وأن ينال أصواتا من (الضفة الأخرى)».
وتوقعت هذه المصادر أن «يتقدم مرشحون آخرون إلى الأمام، من بينهم الرئيس الأسبق أمين الجميل الذي يعتقد الكتائبيون أن باستطاعته إحداث اختراق في أصوات الخصوم»، وقالت إنه «لو حصل جعجع على ما يقترب من 65 صوتا، لكان السير في ترشيحه في الدورة الثانية منطقيا، لكن هذا لم يحصل».
في المقابل، قال النائب الدكتور نبيل نقولا، عضو كتلة عون لـ«الشرق الأوسط» إن «قراءة العملية الديمقراطية التي شهدها البرلمان تفيد بأن أكثرية أعضاء المجلس النيابي لا تريد جعجع رئيسا، ويمكن القول إنه سقط عدديا ولم ينل إلا أصوات مسيحيي (14 آذار)». ورأى أن «على جعجع الاستفادة من الأمثولة التي حصلت والانطلاق منها»، عادا «إصراره على الترشح لدورة ثانية وعدم انسحابه يعني إصراره على إفشال الانتخابات الرئاسية».
وتابع نقولا أن عون «لن يخوض معركة تصادمية مع أحد، ولذلك لم يعد نفسه مرشحا ضد جعجع في الدورة الأولى».
وفي معرض تعليقه على حصيلة الدورة الأولى، وصف الدكتور جعجع ما جرى في مجلس النواب بأنه «انتصار كبير للديمقراطية ولو أن البعض حاول تشويهه من خلال تصرفات غير مسؤولة، ولكن هذا لا يمنع أننا قمنا بخطوة كبيرة نحو الأمام». وذكر «كيف كانت تجرى الانتخابات فيما مضى منذ ثلاثين أو أربعين سنة»، عادا «هذه المرة جعلت قوى (14 آذار) الانتخابات الرئاسية في لبنان تعود وتبدأ من جديد».
وتساءل جعجع، الذي نوه بما وصفه بـ«لبننة» الاستحقاق الرئاسي، عن «سبب عدم جهوز الفريق الآخر وإعلان مرشح خاص به»، وعزا هذا التصرف إلى أن «الفريق الآخر لا يريد انتخابات رئاسية، بل إنه قام بأعمال مقززة واستخدم أسماء شهداء أقامها من القبور لاستعمالها في معاركه، ليس محبة بهؤلاء الشهداء، بل لربح معركته». وأردف رئيس «القوات اللبنانية» قائلا إن انسحاب عدد من النواب «محاولة لتعطيل هذا الاستحقاق للعودة إلى ما كنا نراه في السابق، ولكن هذه المرة لن يحصل كما كان يحصل في العادة، بل ستجرى انتخابات رئاسية حقيقية، ونرفض اللجوء إلى بعض الدول الخارجية لتجتمع تحت تأثير موازين قوى معينة كما يجري في سوريا أو في العراق أو ما سواهما. فهذا الأمر غير وارد بالنسبة إلينا على الإطلاق». وفي السياق ذاته، توجهت زوجته النائبة ستريدا جعجع بالشكر إلى «الحلفاء في (14 آذار) على التزامهم». وقالت من المجلس النيابي: «كان الرهان أن نذهب موحدين إلى المجلس النيابي، وأشكر الرئيس سعد الحريري لوفائه لنا ولـ(14 آذار)، ولا يمكنني إلا أن أتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس الشهيد بشير الجميل».
أما النائب هنري حلو مرشح كتلة جنبلاط للرئاسة، فقال ما شهده البرلمان بأنه «عملية ممتازة، وديمقراطية بكل معنى الكلمة». وقال: «حكي الكثير عن تطيير النصاب في بداية الجلسة، لكنها عقدت وكانت لبنانية بكل معنى الكلمة، من دون أي تدخل خارجي، وأعتقد أنها عملية مهمة بالنسبة إلى الأصوات الـ16 التي حصلنا عليها».
وأشار حلو، الذي قال عنه جنبلاط إنه «ليس لدينا مرشح آخر وسيبقى مرشحنا»، إلى الاصطفافات الموجودة في لبنان، معلقا: «هناك انقسام عمودي وتعطيل لكل المؤسسات، والاصطفاف نتيجة الفراغ، والحل الوحيد لا يكون إلا بالاعتدال ومشاركة الجميع في العملية الانتخابية، والوصول إلى مرشح يجمع الكل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.