عون يؤكد متانة الوضع اللبناني أمنيًا وسياسيًا... واتفاق على إحياء اللجنة العليا المشتركة

الرئيس اللبناني في الدوحة بعد الرياض وأمير قطر في بيروت خلال 5 أشهر

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد خلال اجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال عون في الدوحة أمس (دلاتي ونهرا)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد خلال اجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال عون في الدوحة أمس (دلاتي ونهرا)
TT

عون يؤكد متانة الوضع اللبناني أمنيًا وسياسيًا... واتفاق على إحياء اللجنة العليا المشتركة

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد خلال اجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال عون في الدوحة أمس (دلاتي ونهرا)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد خلال اجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال عون في الدوحة أمس (دلاتي ونهرا)

بعد «الصفحة الجديدة» التي أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون عن فتحها مع السعودية، انتقل أمس إلى قطر - محطته الخليجية الثانية - معلنًا تدشين «مرحلة جديدة» في العلاقات بين البلدين، وقالت مصادر لبنانية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن عنوانها الأول سيكون زيارة رسمية سيقوم بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل خليفة إلى بيروت خلال خمسة أشهر، كما أثمرت عن إحياء «اللجنة المشتركة العليا» بين البلدين والتي ستعقد اجتماعها في الدوحة بعد توقف دام نحو سبع سنوات.
وقالت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس اللبناني غادر الرياض مرتاحًا، وكذلك سيفعل في الدوحة بعد الإيجابية الكبيرة التي قوبل بها في البلدين طاويا معهما صفحة من التوتر شاب العلاقات، على خلفية المواقف اللبنانية في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي رأت فيها دول الخليج «ابتعادًا عن التضامن العربي». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد اللبناني، لم يحمل إلى الرياض، ولا إلى الدوحة، لائحة مطالب، بل كان المطلوب فتح صفحة جديدة، وتأكيد ثبات لبنان في موقعه في العالم العربي وبقائه على ثوابته في هذا الشأن. مشيرة إلى أن نتائج الزيارتين سوف تبدأ بالظهور تباعًا مع التحسن المتواصل في العلاقات بين الطرفين.
وأعلن بيان رسمي لبناني أمس أن الرئيس اللبناني وأمير قطر اتفقا على إحياء اجتماعات اللجنة المشتركة العليا بين البلدين برئاسة رئيسي الحكومة في لبنان وقطر، على أن يتم التواصل لاحقًا لتحديد موعد الاجتماع. واعتبر أمير قطر أن لبنان دخل مرحلة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية، وأن خيار انتخاب الرئيس عون هو أفضل خيار؛ لأن الرئيس عون سيقود البلاد إلى بر الأمان، منوّهًا بما قامت وتقوم به الأجهزة اللبنانية للمحافظة على الاستقرار في لبنان، معتبرًا أن هذا الأمر شجع الكثير من العائلات القطرية على زيارة لبنان في فترة الأعياد. وأبدى الأمير تميم استعداد بلاده للمساهمة في مشاريع التنمية في لبنان، لافتًا إلى تشجيع المستثمرين القطريين على الاستثمار فيه.
وفي المقابل، ثمّن الرئيس عون عاليًا العلاقة الثنائية بين البلدين، ورأى أنه يجب تعزيزها في المجالات كافة، لافتًا إلى أن الوضع في لبنان خطا خطوات مهمة نحو التقدم وتجاوز مرحلة الخطر بعد اتفاق جميع اللبنانيين على البحث في المسائل الأساسية بروح من الحوار والإيجابية. كما تحدث رئيس الجمهورية عن الوضع الأمني المستتب في لبنان، والإنجازات التي تحققت في مجال مكافحة الإرهاب في العمليات الاستباقية التي ينفذها الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وتمنى الرئيس عون على الأمير تميم أن تواصل قطر جهودها للمساعدة في معرفة مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين والمطرانين بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم والصحافي سمير كساب، فكان وعد من الأمير بمواصلة الجهود في هذا المجال، على رغم دقة الموضوع وحساسيته. ووجه الرئيس عون دعوة إلى أمير قطر لزيارة لبنان، فوعد الأمير بتلبيتها. وعلمت «الشرق الأوسط» أن أمير قطر سيزامن زيارته الرسمية إلى لبنان مع افتتاح المكتبة الوطنية اللبنانية التي مولت قطر إقامتها، والتي تحتاج إلى نحو خمسة أشهر أو أقل لافتتاحها.
وكانت الطائرة التي تقل الرئيس عون والوفد المرافق قد حطت في مطار حمد الدولي الجديد، صباح أمس، وكان في استقباله على أرض المطار وزير المالية القطري علي شريف العمادي الذي كلّف بمرافقة رئيس الجمهورية طوال مدة الزيارة وعدد من المسؤولين القطريين.
وبعد مراسم التشريفات انتقل عون مع الوفد الرسمي إلى الديوان الأميري، حيث استقبله الأمير تميم بن حمد آل ثاني، وعقد اجتماعًا موسعًا بين أعضاء الوفدين، وأعقبه خلوة بين أمير قطر ورئيس الجمهورية استغرقت قرابة نصف ساعة.
وفي مستهل اللقاء الموسع، رحب الأمير تميم بالرئيس عون والوفد المرافق، معربًا عن سعادته بزيارة الرئيس عون إلى الدوحة نظرًا للعلاقات القوية جدًا التي تجمع بين البلدين، خصوصًا وأن الزيارة ستساهم في تعزيز التواصل بين المسؤولين في البلدين والعلاقات اللبنانية - القطرية. وأشار إلى أن لبنان دخل مرحلة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية، وأن خيار انتخاب الرئيس عون هو أفضل خيار؛ لأن الرئيس عون سيقود البلاد إلى بر الأمان. ولفت أمير قطر إلى أن لبنان واجه الكثير من الصعوبات والتحديات، لكنه استطاع أن يتجاوزها، وكان أقوى من الظروف التي أحاطت به، وأمل في أن تكون زيارة رئيس الجمهورية فاتحة لتبادل زيارات بين قطر ولبنان.
ورد الرئيس عون شاكرًا الأمير تميم على حفاوة الاستقبال، ومثمنًا عاليًا العلاقة الثنائية بين البلدين، ورأى أنه يجب أن تتعزز في المجالات كافة. ودعا رئيس الجمهورية أمير قطر لزيارة لبنان، فوعد الأمير بتلبية الدعوة؛ حيث أكد الرئيس عون أن لبنان سيسرّ بهذه الزيارة، لافتًا إلى أن الوضع فيه خطا خطوات مهمة نحو التقدم وتجاوز مرحلة الخطر، بعد اتفاق جميع اللبنانيين على البحث في المسائل الأساسية بروح من الحوار والإيجابية. كما تحدث رئيس الجمهورية عن الوضع الأمني المستتب في لبنان، والإنجازات التي تحققت في مجال مكافحة الإرهاب في العمليات الاستباقية التي ينفذها الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وقد نوّه الأمير تميم بما قامت وتقوم به الأجهزة اللبنانية للمحافظة على الاستقرار في لبنان، معتبرًا أن هذا الأمر شجع الكثير من العائلات القطرية على زيارة لبنان في فترة الأعياد.
وبعد التداول بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، أكد الأمير تميم والرئيس عون على ضرورة تطويرها، وأبدى أمير قطر استعداد بلاده للمساهمة في مشاريع التنمية في لبنان، لافتًا إلى تشجيع المستثمرين القطريين على الاستثمار فيه. واتفق الأمير تميم والرئيس عون على إحياء اجتماعات اللجنة المشتركة العليا بين البلدين برئاسة رئيسي الحكومة في لبنان وقطر، على أن يتم التواصل لاحقًا لتحديد موعد الاجتماع.
كما تناول البحث أيضًا موضوع العسكريين المخطوفين والمطرانين بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم والصحافي سمير كساب، حيث تمنى الرئيس عون أن تواصل قطر جهودها للمساعدة في معرفة مصيرهم، لا سيما وأنه كان لها مساهمة فاعلة في الإفراج عن مخطوفين سابقين، فكان وعد من الأمير بمواصلة الجهود في هذا المجال، على رغم دقة الموضوع وحساسيته.
وتطرقت المحادثات إلى ضرورة تشجيع حوار الأديان والتعايش المسيحي - الإسلامي، فتقرر أن تنسق وزارتا الخارجية بين البلدين لتحديد موعد انعقاد مثل هذا الحوار.
وعرض الرئيس عون والأمير تميم موضوع انتقال اللبنانيين إلى قطر، لا سيما جمع شمل العائلات، وكان توافق على درس هذا الأمر بعناية وإيجابية، خصوصًا وأن عدد اللبنانيين في قطر بلغ 24 ألفًا. ثم تناول البحث الأوضاع الإقليمية والوضع في سوريا، وأهمية الوصول إلى حل سياسي يعيد الاستقرار إلى هذا البلد، ويضع حدًا لمعاناة النازحين السوريين.
ومساء التقى الرئيس عون أبناء الجالية اللبنانية في مقر إقامته في الدوحة، وألقى كلمة أكد فيها على استقرار الوضع اللبناني، وعودة انتظام المؤسسات، وعلى العلاقة المتينة مع الدول العربية، وفي مقدمها دول الخليج العربي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».