جددت الشرطة الألمانية دعوتها إلى زيادة أعداد رجال الشرطة في ألمانيا، بهدف مواجهة الإرهاب من اليسار واليمين، والتصدي لعصابات الجريمة المنظمة.
ولأن عملية تدريب وإعداد الشرطة تستغرق فترة طويلة نسبيًا تتراوح بين 3 و4 سنوات، فقد حذر رئيس نقابة الشرطة الألمانية، راينر فيندت، من نشوء «مناطق خالية من الشرطة في ألمانيا»، بسبب النقص في أعداد رجال الشرطة. وأشار فيندت، في تصريحات خاصة لبرنامج «زات1 ماجازين» يوم أمس الثلاثاء، إلى أنه لا يستبعد نشوء مجتمعات موازية وتعزيزها في مجال القانون الجنائي مثلما تم بالفعل في القانون المدني.
وأوضح بقوله: «لا بد أن يكون عام 2017 عامًا للملاحقة القضائية، لا سيما الملاحقة القضائية الأكثر اتساقًا بالنسبة للأشخاص الذين يعتقدون أنهم ليسوا مضطرين للامتثال للقوانين في ألمانيا»، وإلا يمكن أن تنشأ «مناطق خالية من القوانين والشرطة».
وحول الموضوع نفسه، قال ديتمار شليف، نائب رئيس نقابة الشرطة في ولاية سكسونيا السفلى، إن الولاية بحاجة إلى ألف شرطي مدرب جديد، كي تستطيع النهوض بمهماتها في مواجهة الإرهاب والجريمة. وأشار شليف إلى أن فترة إعداد رجال الشرطة تتراوح بين 3 و4 سنوات. كما أنه يفتقد إلى نظام حوافز وترقية يشجع الشباب على الانتماء إلى سلك الشرطة.
من ناحيته، رفض أوليفر مالخوف، الرئيس الاتحادي لنقابة الشرطة الألمانية، مقترحات إنزال الجيش إلى المدن التي طرحها وزير الداخلية الاتحادي توماس ديميزيير. وقال إن كل ما تعرضت له ألمانيا حتى الآن تم حلها بالإجراءات البوليسية دون الحاجة إلى الجيش. وجدد مالخوف المطالبة بتعزيز أعداد رجال الشرطة وتحسين تدريبهم وتجهيزاتهم بدلاً من اللجوء إلى العسكر. وقال مالخوف، إنه «لا يفهم ماذا يريد الوزير». وأشار إلى إنزال الجيش ما كان ليوقف العملية الإرهابية التي نفذها يونس العامري يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في سوق لأعياد الميلاد ببرلين، وأودت بحياة 12 شخصًا.
جدير بالذكر أن الحكومة الألمانية، التي تقودها المستشارة أنجيلا ميركل، حسمت في العام الماضي النقاش حول إنزال الجيش في المدن لمكافحة الإرهاب. ونشرت في يوليو (تموز) ما يسمى «الكتاب الأبيض 2016» الذي يتيح استخدام الجيش في الحرب على الإرهاب في المدن عند حصول عمليات إرهابية ذات عواقب كارثية، ولكن بصورة مشتركة مع الشرطة الاتحادية، وبشرط أن تكون القيادة بيد الشرطة. وتخطط الشرطة الاتحادية مع القوات المسلحة لإجراء أول التدريبات المشتركة في ثلاث ولايات ألمانية في الفترة بين 7 و9 مارس (آذار) من العام الجاري. وكانت الحكومة الألمانية قررت في عام 2005 اعتماد استراتيجية جديدة لمواجهة الكوارث القومية الناجمة عن الكوارث الطبيعية والعمليات الإرهابية. وتعتمد الاستراتيجية الجديدة على تعزيز إنزال الجيش لحماية الأهداف المدنية، وعلى مبدأ التخلي عن معسكرات وقواعد الجيش التقليدية مقابل زرع مقرات الفرق العسكرية المختصة بالتنسيق مع السلطات المدنية في الولايات والمدن والأقضية.
وأقام الجيش الألماني فرقة عسكرية، تتبع لها 50 مقرًا آخر، في كل ولاية من الولايات الألمانية الـ16. وتم فتح مراكز في جميع المدن والأقضية الألمانية، يقودها ضابط رفيع المستوى، مهمتها التنسيق مع السلطات المدنية في مواجهة الكوارث المحتملة والممتدة بين الكوارث الطبيعية والكوارث الناجمة عن العمليات الإرهابية.
كما أنشأت وزارة الدفاع الألمانية 12 «مركزًا» على مستوى الاتحاد تتخصص في مواجهة الكوارث القومية ومجهزة بالأجهزة والمعدات الخاصة بالتصدي للكوارث. وهناك معقلان من هذه المعاقل متخصصان في مواجهة الهجمات بأسلحة الدمار الشامل أو الكوارث الناجمة عن الأعمال التخريبية ضد المفاعلات النووية. وكان وزير الداخلية دي ميزيير أثار الجدل حول إنزال الجيش في المدن مجددًا حينما كتب مقالاً في «فرنكفورت الجيماينة» يقول فيه إن بإمكان الجيش النزول إلى المدن لحماية المنشآت عندما تستنفد الشرطة كل وسائلها. وواضح هنا أن الوزير يتجاوز شرط حصول عمليات إرهابية ذات مدى خطير. وطالب مالخوف بفصل واضح بين المهمات الأمنية الداخلية والخارجية، لأن مهمات الجيش هي حماية الوطن. وتعود الحساسية المفرطة في قضية إنزال الجيش في ألمانيا إلى أحداث تاريخية تتعلق بمهمات الجيش إبان الحقبة النازية. ورغم اتفاق الحزب الديمقراطي الاشتراكي مع حليفه الحزب الديمقراطي المسيحي حول شروط إنزال الجيش التي تضمنها «الكتاب الأبيض 2016»، فإنه يشدد على التمسك بالشروط بحذافيرها. ويخشى الاشتراكيون أن يفسح القرار مجالاً أكبر للجيش للتدخل في الحياة السياسية. وهذا ما عبر عنه راينر أرنولد، خبير الشؤون العسكرية في الحزب، الذي قال: «لا نريد أن يصبح الجيش نائبا شريفا في الشرطة». نوّه أرنولد إلى أن الجيش نفسه يشكو من قلة المتطوعين، ويضطر إلى التعامل مع شركات أمنية خاصة لتوفير الحراسة إلى منشآته. وذكر مخاطبا دي ميزيير أن «عليه أن يهتم بتحسين تقنيات الرقابة والملاحقة، وتحسين التعاون مع الأجهزة الأمنية الصديقة بدلاً من التفكير في إنزال الجيش».
على صعيد الإرهاب اليميني توقعت أندريا بوركة، الخبيرة في شؤون اليمين التطرف، أن تشهد ألمانيا قريبًا «انفجارًا» في الاعتداءات من قبل اليمين المتطرف. وأشارت بوركه إلى تطور «انفجاري» حتى الآن في عدد الاعتداءات على المهاجرين واللاجئين وبيوتهم، وعلى المساجد.
ولاحظت الخبيرة أن اليمين المتطرف ينجح في كسب فئات مغلوبة على أمرها في المجتمع، وشهدت الأشهر الأخيرة قيام أناس اعتياديين بأعمال حرق واعتداء على اللاجئين. وذكرت الخبيرة، بمناسبة صدور كتابها الجديد «كتاب اليمين المتطرف 2016»، أنها تراقب بأسف كيف يختفي خطر اليمين المتطرف في المجتمع خلف خطر الإرهاب الإسلامي.
وزير الداخلية الألماني يجدد المطالبة بإنزال الجيش في الحرب ضد الإرهاب
نقابة الشرطة تحذر من نشوء مناطق خالية من نفوذ القانون
وزير الداخلية الألماني يجدد المطالبة بإنزال الجيش في الحرب ضد الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة