متحف العلوم

متحف العلوم
TT

متحف العلوم

متحف العلوم

يعد متحف العلوم واحدًا من أكبر 4 متاحف تقع بالقرب من محطة قطار أنفاق ساوث كينزينغتون في لندن. المتاحف الثلاثة الأخرى هي متحف التاريخ الطبيعي، ومتحف الجيولوجيا، ومتحف فيكتوريا وألبرت.
لطالما كان البريطانيون من أعظم المبتكرين، ونذكر منهم جورج ستيفنسون، الذي أنشأ أول خط سكة حديد ينقل ركاب، وألكسندر فلمنغ، مكتشف عقار البنسلين، وفرانك ويتل، مخترع المحرك النفاث. لذا من المناسب والطبيعي جدًا أن يوجد في لندن متحف يحتفي بالإنجازات العلمية الكبرى.
وتم تأسيس متحف العلوم عام 1857، وتم نقله إلى المبنى الذي يوجد به حاليًا، في شارع إيغزبيشن رود، عام 1928. ويجذب المتحف نحو 3.3 مليون زائر سنويًا، ويحتوي على أكثر من 300 ألف قطعة. ودخول المتحف مجانًا طوال أيام الأسبوع، باستثناء أيام العطلات الرسمية مثل أعياد الميلاد، ويوم رأس السنة. ويعد مقصدًا رائعًا للأسر، لذا يكون مزدحمًا بوجه خاص خلال عطلات نهاية الأسبوع، والأيام الدراسية، لذا يفضل تفادي زيارته في ذلك الوقت.
ويشغل المتحف خمسة طوابق، وتشمل المعروضات مجالات العلوم الطبيعية، والزراعة، والنقل، واستكشاف الفضاء، وعلوم الكومبيوتر. عند دخول المتحف تكون أول قاعة عرض تقابلك هي قاعة «الطاقة»، التي تزخر بالمحركات البخارية التي كانت تزود الآلات المستخدمة في المصانع والمناجم بالطاقة. هذه المجموعة مثيرة للإعجاب، وتوضح كيف تحققت الثورة الصناعية في بريطانيا. يوجد في المتحف أيضًا قسم للأطفال يتمتع بشعبية كبيرة.
ما مواطن الجذب الأساسية في المتحف؟ هذا يعتمد على اهتماماتك، لكن المعروضات التكنولوجية هي المفضلة بالنسبة لي.
قاعة السكك الحديدية: اخترع البريطانيون نظام السكك الحديدية الذي يعمل بقوة البخار. وكان جورج ستيفنسون هو من صمم أول محرك بخاري لسحب قطارات الركاب، وتم إطلاق اسم «روكيت» عليه. وتم تصنيع هذا المحرك عام 1830 لسحب قطارات الركاب على الخط الجديد الذي كان يربط بين ليفربول ومانشستر. وكان المحرك قادرًا على العمل لمسافة 30 ميلاً في الساعة، مما أحدث ثورة في طرق انتقال الناس. واستمر استخدام المحرك الأصلي حتى عام 1862، وتم الاحتفاظ به في المتحف. ويتكون المحرك من عجلات خشبية، تم فيها الربط بين إطار حديدي، وألواح غلاية حديدية معًا. ويعد هذا الشكل بدائيًا طبقًا لمعايير اليوم، لكنه كان ناجحًا آنذاك ويفي بالغرض. كذلك من بين معروضات هذه القاعة محركات بخارية بدائية أخرى كانت تستخدم في سحب قطارات البضائع، ومنها محرك «بافينغ بيلي»، وهو أقدم محرك بخاري موجود.
قاعة النقل البري: تضم هذه القاعة مجموعة من السيارات التاريخية التي تعمل بمحرك، ومنها سيارة طراز «بنز»، ذات 3 عجلات تعود إلى عام 1888، وكانت هذه السيارة هي أول سيارة تعمل بالبنزين في إنجلترا. كذلك تضم القاعة أقدم سيارة من طراز «رولز رويس» وتعود إلى عام 1904.
قاعة المركبات الجوية: رغم أن الأميركيين يستطيعون القول إنهم أول أمة تطلق رحلة جوية مشارك بها إنسان، وهي التي قام بها الأخوان أورفيل (الأخوان رايت) عام 1903، كان البريطانيون آنذاك في ركابهم في هذا الأمر. لقد كان البريطانيون هم أول من يصنع المحرك النفّاث، رغم أن الألمان كانوا هم أول من صنعوا طائرة نفاثة، وهي الطائرة النفاثة الحربية من طراز «مسرشميدت 262» وظهرت في نهاية الحرب العالمية الثانية. ويعد متحف العلوم محل عرض كثير من المركبات الجوية المهمة، ومنها «سبيت فاير أند هوريكان»، الطائرة البريطانية الحربية الشهيرة التي تم استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية، إلى جانب نموذج للطائرة «فيكرز فيمي»، وهي أول طائرة تحلق أعلى المحيط الأطلسي عام 1919.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».