تجاوب أمس أئمة الجزائر، بمناسبة صلاة الجمعة، مع تعليمات صارمة صادرة عن الحكومة، تطالبهم بتوجيه خطبهم نحو «نشر الوعي بخصوص مفاسد العبث بأمن البلد». وتأتي هذه الخطوة انعكاسا لمخاوف من وجود مسعى خفي لتغيير النظام السياسي، بعد مظاهرات واحتجاجات في الشوارع وقعت الأسبوع الماضي، ميزها أعمال حرق وتخريب مرافق عامة وأملاك خاصة.
وتلقى الأئمة عشية الجمعة مراسلة من وزارة الشؤون الدينية، تملك «الشرق الأوسط» نسخة منها، تناولت مجموعة من التوجيهات، منها التذكير بأن «نعمة الأمن والاستقرار هي من أعظم ما امتن الله به على عباده»، و«استدامة الأمن والاستقرار مقصد من مقاصد الشريعة، وواجب شرعي يقع على عاتق كل المواطنين، كل في موقعه ومقامه». وذكرت الوزارة في وثيقتها، أن «ما حققه وطننا في ظلال الأمن من إنجازات ظاهرة، جعله محسودا من أكثر من جهة تكيد له، الأمر الذي يستدعي يقظة ووعيا من كل أفراد المجتمع»، داعية إلى «الحذر من الدعوات التي تثير الفتنة وتزرع الخوف»، وإلى «التذكير بحرمة النفوس والأموال والممتلكات وتحريم التعدي عليها».
وبررت الوثيقة الأوامر إلى الأئمة بـ«كون الجزائر تنعم بأمن أكسبها استقرارا في ظرف إقليمي متوتر، وفي أجواء هذه النعمة الربانية بلغ الجزائريون آفاق تنمية شاملة ما كانت لتتحقق لو لم يستتب فيها الأمن والاستقرار، وكان للمسجد دور رئيس في تكريسها على أرض الواقع».
وأضافت الوزارة أن الحكومة «حريصة على مواصلة رسالة المسجد الدينية والوطنية، وتسعى لاستدامة هذه النعمة والنأي بها عن كل ما من شأنه أن يعبث بها مهما كانت صفته، حتى نحصن بلدنا مما وقع في أوطان وبلدان أخرى»، في إشارة ضمنية إلى حروب أهلية واضطرابات تعيشها دول عربية، بعضها تجمعه حدود بالجزائر مثل ليبيا. وتتعامل الجزائر بحساسية بالغة حيال ما يعرف بـ«الربيع العربي»؛ لأن حكامها يرفضون كل فكرة تدعو إلى التغيير. وتنسجم التوجيهات التي تم إرسالها إلى المساجد، وعددها بالآلاف، مع تصريحات حادة لرئيس الوزراء عبد المالك سلال بخصوص مظاهرات واحتجاجات كبيرة، عاشتها ثلاث ولايات بشرق البلاد يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وكان الدافع إليها التعبير عن سخط من تدابير اتخذتها الحكومة لمواجهة أزمة مالية خانقة، عُدت في غير مصلحة المواطن البسيط.
وقال سلال، الليلة الماضية بالعاصمة، إن «أطرافا مجهولة تم تكليفها بمهمة تتمثل في ضرب استقرار الجزائر، الذي نعتبره مكسبا ينبغي لنا المحافظة عليه»، متهما «عددا قليلا من الأشخاص بمحاولة زعزعة الاستقرار، لكنهم لم ينجحوا... والدولة ستتصدى بحزم لمن يحاول العبث باستقرار الجزائريين». وعرفت مناطق بالبلاد هزة عنيفة الأسبوع الماضي، على إثر انتشار دعوة في شبكة التواصل الاجتماعي، تتعلق بإضراب التجار عن النشاط، احتجاجا على بدء تطبيق قانون الموازنة 2017، بسبب ما يتضمنه من رسوم وضرائب جديدة. ولقي النداء استجابة واسعة بولايات منطقة القبائل (شرق)، غير أنه تحول إلى مظاهرات في الشوارع تميزت بأعمال عنف خطيرة.
وأوضح سلال أن «هناك محاولات لجر الجزائريين كالقطيع إلى تجارب الربيع العربي. ونحن لا علاقة لنا بالربيع العربي»، وأشاد بـ«موقف الشباب والعائلات الجزائرية، وبردود فعل المنظمات والأحزاب السياسية بكل أطيافها، إذ أظهرت نضجا سياسيا في تعاملها مع الأحداث»، في إشارة إلى رفض الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني، ما جرى من أحداث بحكم أنها مجهولة المصدر.
وسعى رئيس الوزراء إلى طمأنة الجزائريين بخصوص «تقيد الحكومة بتعهدات رئيس الجمهورية فيما يتعلق بتلبية حاجيات المواطنين»، ودعا إلى «تفهم الظرف الاقتصادي الدقيق الذي تمر به البلاد، ولكن الحكومة متحكمة في الوضع»، حسب تعبيره.
الحكومة الجزائرية تجند المساجد للرد على «مزعزعي الاستقرار»
سلال يستنكر محاولات جر المواطنين إلى «الربيع العربي»
الحكومة الجزائرية تجند المساجد للرد على «مزعزعي الاستقرار»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة