السياحة المصرية تبحث عن طوق نجاة بعد أزمة ركود طويلة

عروض إضافية بالمواقع الأثرية وتخفيضات للأجانب ورحلات 5 نجوم

الصوت والضوء في معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل بأسوان - الصوت والضوء في مقابر النبلاء بأسوان ({الشرق الأوسط})
الصوت والضوء في معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل بأسوان - الصوت والضوء في مقابر النبلاء بأسوان ({الشرق الأوسط})
TT

السياحة المصرية تبحث عن طوق نجاة بعد أزمة ركود طويلة

الصوت والضوء في معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل بأسوان - الصوت والضوء في مقابر النبلاء بأسوان ({الشرق الأوسط})
الصوت والضوء في معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل بأسوان - الصوت والضوء في مقابر النبلاء بأسوان ({الشرق الأوسط})

خطط ومشاريع وعروض مُغرية يلوح بها المسؤولون عن السياحة في مصر بحثا عن طوق نجاة يعيدها إلى ألقها وانتعاشها السابق المعتاد. في هذا السياق أعلنت شركة «مصر للصوت والضوء والتنمية السياحية» عن عروض إضافية للصوت والضوء باللغة العربية للمصريين والعرب في المناطق الأثرية بخلاف العروض الثابتة باللغات الأجنبية للأجانب، كما تعتزم شركات سياحية تخفيض أسعار الرحلات النيلية والجوية للمصريين للأقصر وأسوان وأبو سمبل (جنوب مصر)، فضلا عن طرح عروض مخفضة شاملة تذاكر الطيران على الرحلات الداخلية والخارجية. بينما قال خبراء سياحيون إن «سلطات البلاد تبحث عن طوق نجاة للموسم الشتوي بعد أزمة ركود طويلة للسياحة استمرت 5 سنوات».
وتسعى القاهرة لاستعادة السياحة مرة أخرى بعد أن قرر الكثير من الدول الأوروبية حظر سفر رعاياها من السياح إلى مصر. ويعتمد نحو ستة ملايين مصري على العمل في قطاع السياحة، سواء سياحة الآثار في القاهرة والصعيد جنوبا، أو سياحة الشواطئ على البحر الأحمر والساحل الشمالي، أو سياحة السفاري في الواحات الغربية. وعلق عدد من الدول الغربية على رأسها روسيا وبريطانيا رحلات الطيران مصر عقب حادثة سقوط طائرة الركاب الروسية في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وسط شبه جزيرة سيناء ومقتل جميع ركابها وعددهم 224.
وطالبت شركة «مصر للصوت والضوء» في إخطار أرسلته لغرفة شركات السياحة أمس، بتعميم العروض على الشركات السياحية لإدراجها في البرامج السياحية لترويجها في داخل وخارج مصر، لافتة إلى أن العروض ستقام في معبد الكرنك خلال الفترة من 25 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 28 فبراير (شباط) عام 2017. كما ستقام العروض في معبد فيلة خلال الفترة من 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل حتى 28 فبراير 2017، على أن تقام العروض بمنطقة الهرم وإدفو وأبو سمبل خلال إجازة نصف العام الدراسي.
وقالت الشركة إنه «تقرر عمل تخفيضات للأجانب على أسعار التذكر ومنح خصم خاص للمجموعات.. يأتي ذلك في إطار حرص الشركة على تشجيع السياحة الداخلية تزامنا مع موعد إجازة نصف العام الدراسي».
وفي مشاهد تخيلية يتحدث الملوك داخل معابدهم عن قصة حياتهم.. ونفذت الحكومة عددا كبيرا من مشروعات «الصوت والضوء» في المناطق الأثرية منها أهرامات الجيزة، ومعبد الكرنك في الأقصر، ومعابد فيلة وأبو سمبل وحورس في أسوان.
ويقول خبراء أثريون إن «أي عرض للصوت والضوء في المعابد التاريخية يتكون غالبا من ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تبدأ في موقع التل الفرعوني بعد دخول المشاهدين إلى المعبد، حيث يرون منظورا للمعبد ويتابعون مقدمة عن قصته وتاريخ بنائه، ثم تبدأ المرحلة الثانية من العرض بمصاحبة الموسيقى والأضواء ثم الوصول إلى الأعمدة ذات التيجان، ويرون عناصر المعبد المعمارية الأخرى مثل الفناء والصالة، وبعد انتهاء هذه المرحلة يغادر المشاهدون الفناء المكشوف في اتجاه فناء الصرح الكبير لمشاهدة قصة المعبد والطقوس والآلهة».
في السياق نفسه، قال عدد من أصحاب ومديري شركات سياحية في أسوان، إن «هناك تخفيضات كبيرة على الرحلات وتشمل الرحلة تقديم برنامج سياحي متكامل، يتضمن تذكرة الطائرة والإقامة بفنادق أربع وخمس نجوم وزيارة المناطق الأثرية والسياحية». وأضافوا «هذا يتوازى مع الرحلات النيلية الطويلة من مدينة أسوان بأقصى جنوب البلاد في طريقهم إلى القاهرة، يزور السياح خلال الرحلة السياحية آثار إدفو وكوم أمبو وإسنا والأقصر، وآثار قنا وسوهاج وأسيوط والمنيا فالقاهرة». وعن اختيار الأقصر وأسوان لرحلات نصف العام، أكد عضو نقابة المرشدين السياحيين في أسوان، أسامة إبراهيم، أن «المدينتين تحملان طابعا متميزا للمصريين، فأسوان كانت بمثابة كنز كبير أو مقبرة لملوك النوبة الذين عاشوا فيها آلاف السنين، أما الأقصر فتضم أكثر من 800 منطقة ومزار أثري».
من جانبه، قال اللواء مجدي حجازي محافظ أسوان لـ«الشرق الأوسط» إن «رحلات المصريين في إجازة نصف العام للمناطق الأثرية في الأقصر وأسوان، سوف تسهم في تنشيط السياحة وجذب مزيد من الشباب، للتعرف على المواقع الأثرية المهمة والحضارة المصرية القديمة، فضلا عن أن رحلات الأجانب سوف يكون لها دور في بث رسالة للعالم بأن مصر بلد أمن وأمان».
ويأمل مديرون وشركات الفنادق السياحية في شرم الشيخ والغردقة، أن تشكل كل هذه الأنشطة نقطة جذب لعودة السياحة الخارجية إلى معدلاتها الطبيعية، خاصة بعد أن عانوا من السياحة الداخلية خلال الأعوام الماضية؛ إلا أنهم ليس لهم سبيل سوى تشجيعها، في محاولة لعودة السياحة لما كانت عليه.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».