74 مليون دولار تكاليف حفل زفاف يثير موجة من الغضب في الهند

تأثر حفلات الزواج المترفة بإلغاء تداول عملتين ورقيتين وتقييد السحب من المصارف

اضطرت الأسر الهندية إلى خفض تكاليف حفلات الزفاف بسبب القيود التي فرضتها الحكومة («الشرق الأوسط»)
اضطرت الأسر الهندية إلى خفض تكاليف حفلات الزفاف بسبب القيود التي فرضتها الحكومة («الشرق الأوسط»)
TT

74 مليون دولار تكاليف حفل زفاف يثير موجة من الغضب في الهند

اضطرت الأسر الهندية إلى خفض تكاليف حفلات الزفاف بسبب القيود التي فرضتها الحكومة («الشرق الأوسط»)
اضطرت الأسر الهندية إلى خفض تكاليف حفلات الزفاف بسبب القيود التي فرضتها الحكومة («الشرق الأوسط»)

يبدو أن أيام عقد حفلات الزفاف الهندي الكبير، الذي يمتد إلى أسبوع، ويتم دعوة مئات الأقارب إليه، وتعزف فيه الموسيقى ويكثر به الرقص، قد مضت وولت بسبب قرار إلغاء تداول فئتين من العملات الورقية عالية القيمة.
الضربة الجريئة التي سددها ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي، يوم 8 نوفمبر (تشرين الثاني) حين حظر تداول فئتي الألف روبية، والخمسمائة روبية، ووضع قيودا على المبالغ النقدية التي يمكن سحبها من المصارف، كانت تهدف إلى تجفيف مستنقع السوق السوداء، أو الاقتصاد غير الرسمي، والتصدي لتمويل الإرهاب، لكنها في الوقت ذاته طالت واحدا من أهم التقاليد الهندية التي يتم الإنفاق عليها ببذخ، وهي حفلات الزفاف الهندية.
فرضت الحكومة قيودًا مؤقتة على المبالغ النقدية التي يمكن للناس استبدالها، أو سحبها من المصارف، في محاولة لإبعادهم تدريجيًا عن استخدام النقد، وضخّ مزيد منه إلى القطاع المصرفي الرسمي الخاضع للضرائب. بعد غضب الأسر، ومنظمي حفلات الزفاف، سمحت الحكومة بإتمام عملية سحب خاصة لمبلغ 250 ألف روبية لكل حفل زفاف، وذلك لمرة واحدة، من أجل المساعدة في تغطية تكاليف الحفل. مع ذلك يظل هذا المبلغ ضئيلا جدا، ولا يكفي لإقامة حفل زفاف هندي.
كان كل من شوبام وساريكا، وهما مهندسان متخصصان في البرمجيات، منشغلين في التحضير لحفل زفافهما خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) عندما صدر قرار إلغاء تداول تلك الفئتين من العملات فجأة، وكانت العروس وعريسها يعتزمان إقامة حفل زفاف ضخم، لكن بسبب عدم توافر ما يكفي من المال قررا إقامة حفل واحد للخطوبة والزفاف معًا، وتم إلغاء حفل استقبال الصبية.
والجدير بالإشارة أن قيمة قطاع حفلات الزفاف في الهند خلال عام 2015 تجاوزت الـ40 مليار دولار أميركي، مع نمو متوقع يتراوح بين 25 في المائة و30 في المائة سنويًا بحسب التقديرات. وتشير الدراسات إلى أن الفرد في الهند ينفق في المتوسط خُمس مدخراته على إقامة حفل زفاف. حتى في أكبر 15 مدينة في الهند ومنها جايبور، وأودايبور، ودلهي، ومومباي، وحيدر آباد، وكلكوتا، وتشيناي، وولايات مثل غوا، وكيرالا، ينفق المقبلون على الزواج ما يتراوح بين مليوني روبية (30 ألف دولار) و20 مليون روبية (300 ألف دولار)، لإقامة احتفالات ومراسم الزفاف الضخمة التي تستمر من يومين إلى خمسة أيام. لذا لا تشتهر حفلات الزفاف الهندية ببذخها من فراغ، حيث يتم استخدام الديكورات المترفة، وأعجب أنواع الزهور، ويحمل جهاز العروس توقيع مصممين، فضلا عن الحضور الطاغي للمجوهرات المتلألئة المصنوعة من الذهب، والألماس، والبلاتينيوم، وأطايب الطعام الذي يسيل له اللعاب الوارد من مختلف أنحاء العالم.
كان من المتوقع أن يشهد سوق حفلات الزفاف ازدهارًا خلال العام الحالي، بل كان هناك أمل في أن يحطم الرقم القياسي، الذي تم تسجيله العام الماضي، لكن ذلك كان قبل قرار مودي الصادم، حيث لم يعد من الممكن دعوة عدد كبير من الضيوف إلى الحفلات، أو إقامة كل المراسم والفقرات المعتادة من حنة، ورقص، وموسيقى، وكوكتيل، وحفل الزفاف الرئيسي، وحفل استقبال، وغير ذلك. ونظرًا لعدم توفر ما يكفي من المال لدفعه مقابل إقامة هذه المراسم الكثيرة، تم إلغاء كثير من حفلات الزفاف، أو تأجيلها، في حين استغنت بعض الأسر عن الحفل السابق واللاحق لحفل الزفاف الرئيسي، والاكتفاء بالفقرات المهمة الرئيسية. وخضعت حفلات الزفاف المترفة لقيود الميزانية الجديدة.
بالنسبة إلى حفل زفاف شقيق ساكشي مالهوترا، كانت الخطة في البداية هي تعديل فقرات الحفل، بحيث يكون حفلا للخطوبة، وكوكتيل، وحنة، قبل حفل الزفاف الرئيسي. وقال ساكشي: «لقد قررنا تقليل عدد الفقرات، بحيث نكتفي بإقامة حفل ما قبل الزفاف في منزلنا. وبعد انتهاء الزفاف، أدركنا أن هذا كان قرارًا حكيمًا، حيث تمكنا من توفير مبلغ كبير من المال». لا يتعلق الأمر بالنسبة إلى بعض العائلات بتوفر النقود، بقدر ما يتعلق بالانتباه الذي يمكن أن يلفته حفل الزفاف الفخم. تقول سمية كورانا، منظمة حفلات زفاف: «أي حفل زفاف فخم وضخم تتم إقامته هذه الأيام يجذب الأنظار، ولا يريد أحد المخاطرة بذلك. يطلب عملاؤنا ألا يبدو حفل الزفاف ضخمًا، وحتى إذا كانوا سينفقون كثيرا من المال، ينبغي أن يظل الحفل يبدو عاديًا، بل ومتواضعًا. لدينا خيار الدفع عن طريق البطاقات الائتمانية، والشيكات، لكن لا يرغب أحد في أن يلفت الأنظار في وقت تتم مراقبة كل شيء فيه بدقة، وتوجد فيه قيود تحدد سقف عملية السحب النقدي. إذا أقام أحدهم الآن حفل زفاف من خمسة أجزاء، وهو الشكل المعتاد في دلهي، سوف يبدأ الأقارب والأصدقاء في الحديث عن الأمر».
وتتكرر القصة في كل المنازل التي من المقرر أن يقام فيها حفل زفاف.
يشهد عمل راجيف غويل، عامل محطة كيبل في سادارا بازار في دلهي، ازدهارًا، وهو ما يسمح له بتقاضي راتب شهري كبير، لكن أدى قرار منع تداول تلك الفئتين من العملات الورقية إلى إفلاسه، مما أجبره على طلب المساعدة من أقاربه في الترتيب لحفل زفاف ابنته. وكان راجيف ينتظر في صف أمام المصرف عندما أعلن مصرف «آر بي آي» الهندي القرار الذي يسمح للعائلات، التي بصدد إقامة حفلات زفاف، بسحب 250 ألف روبية، لكنه فشل في سحب هذا المبلغ، ثم قررت ابنته أرتي، العروس، تولي الأمر بنفسها. واتجهت العروس الشابة إلى المصرف وطلبت السماح لأبيها بسحب النقود فورًا.
وقال شراوان كومار، منظم حفلات زفاف في دلهي، إن أكثر عملائه ينفقون ما يتراوح بين بمليونين و23 مليون روبية على إقامة حفل زفاف، لكن خفض البعض ميزانية الحفلات بنسبة تصل إلى 40 في المائة، في حين قرر البعض الآخر تأجيل الحفل أو إلغائه. وقال كومار: «لا يمكنني أن أدفع أجر النادل، والمصور الفوتوغرافي، والمواصلات، ومنسق الزهور، وبائع الخضراوات، بشيكات. نحن في ورطة».
ومن ضحايا ذلك القرار واحد من أقدم أسواق الذهب في دلهي، حيث أغلق أبوابه مؤقتًا بعد الحملة التي شنّها موظفو الضرائب على متاجر المجوهرات في مختلف أنحاء البلاد على خلفية بلاغات عن حدوث حمى شراء للذهب عقب قرار منع تداول فئتين من العملات الورقية، نظرًا لمحاولة الناس تحويل أموالهم النقدية إلى ذهب. وترتبط نحو 50 في المائة من مبيعات الذهب في الهند بحفلات الزفاف، وذلك بحسب مجلس الذهب العالمي، في الوقت الذي يتم فيه إتمام أكثر عمليات الشراء باستخدام النقود.
وأصبحت صفوف الانتظار الطويلة أمام المصارف مشهدًا شائعًا في مختلف أنحاء البلاد في ظل تباطؤ تداول العملات الجديدة. في منطقة غازي آباد القريبة من دلهي اضطر والد العروس إلى رهن المجوهرات، التي طلب صنعها لابنته، من أجل إقامة حفل بسيط قبل حفل الزفاف. وحاول راجو سحب المال، الذي ادخره لزواج ابنته، لكن دون جدوى، حيث كان يرفض المصرف طلبه باستمرار. وأوضح راهوشيرينغ قائلا: «لقد ظلوا يقولون لي عد لاحقًا، لم أكن أعرف ما الذي يمكن فعله. لقد ادخرت ما يكفي من المال لإقامة حفل زفاف لابنتي، لكن كل شيء ضاع، لأنني لا أستطيع سحب أي مبلغ. في النهاية لجأت إلى رهن مجوهراتها لإقامة حفل خطوبة لها». لكنه قام بتأجيل حفل الزفاف إلى شهر فبراير (شباط) 2017 أملا في تحسن الأوضاع.
على الجانب الآخر، في الوقت الذي كان يعاني فيه ملايين الهنود من أزمة النقود، أثار زفاف مترف باذخ أقيم في مدينة بنغالور في الجنوب موجة عارمة من الغضب؛ حيث أنفق قطب التعدين، جاناردان ريدي، 5 مليارات روبية (74 مليون دولار) على إقامة حفل زفاف ابنته. ويحقق مسؤولو الضرائب حاليًا في تكاليف هذا الزفاف، ومصدر المال.
على العكس من ذلك، وبعيدًا عن حفلات الزفاف الهندية الباذخة، تزوج عريس وعروس في منزل مودي بولاية غوجارات بتكلفة 500 روبية فقط، وهو ما جذب انتباه وسائل الإعلام، وكذلك حاز على ثناء رئيس الوزراء الهندي. قالت العروس إنها وعريسها وعائلتيهما كانوا في مأزق بعد القرار المذكور آنفًا، الذي اتخذه رئيس الوزراء، وكان قد تم تحديد موعد زفافهما بالفعل، لكن بعدها قررت العائلتان إقامة حفل الزفاف في موعده.
وقالت العروس داكشا: «في البداية شعرنا بتوتر بعد قرار مودي بشأن إلغاء تداول فئتين من العملات الورقية، حيث كان قد تم تحديد موعد الزفاف بالفعل؛ لكن بعد التفكير في الأمر مليًا، قررنا إقامة حفل الزفاف، والاكتفاء بتقديم الشاي والماء للضيوف». وقال العريس بهارات: «لقد قررنا التخلي عن فكرة الزفاف الفخم الكبير، واكتفينا بحفل شاي بدلا منه».
الأمر المثير للدهشة هو انتحار والد عروس في راجكوت في ولاية غوجارات، نتيجة شعوره بالإحباط، لأنه لم يكن يعتقد أنه سيتمكن من إقامة حفل زفاف لابنته بعد ذلك القرار الخاص بالعملة. وكان تريبوفان سولانكي، وهو سائق عربة ريكشا متواضع الحال، يعتمد على أصدقائه وأقاربه الذين وعدوه بالمساهمة في الأموال اللازمة لإقامة حفل الزفاف.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.