انتقدت «حركة مجتمع السلم» الجزائرية، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، مساعي رئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى طمأنة الجزائريين بشأن الأزمة المالية الخانقة، التي عجزت الحكومة عن التقليل من حدتها، واتهمت السلطات بـ«تنويم الشعب وإخفاء الحقيقة عنه».
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس «مجتمع السلم»، على صفحته في «فيسبوك» أمس، تعليقا على مضمون مقابلة أجراها سلال مع التلفزيون الحكومي، إن «كل كلامه أمنيات وتنويمات يكذبها الواقع بالأرقام التي تصدر عن مؤسسات رسمية». في إشارة إلى إحصائيات قدمها رئيس الوزراء بخصوص ترقب رفع إنتاج النفط، وبالتالي زيادة مداخيل البلاد في غضون العامين المقبلين. وتعهد سلال بأن يكون المستقبل أفضل في حال تحلى المواطنون بالصبر، وحافظوا على استقرار بلدهم.
وفي هذا الشأن، قال مقري، المعروف بحدة خطابه تجاه السلطات «أما عن المستقبل، فكيف لنا أن نثق فيما يقول سلال؟ إنها هي الحكومة نفسها والمنظومة نفسها التي أوصلتتا إلى الأزمة التي نحن فيها، وهم الأشخاص أنفسهم الذين ائتمناهم على خيرات البلد ففرطوا فيها».
وصرح سلال في المقابلة التلفزيونية، التي ترقبها الكثيرون، بأن الحكومة تنتهج خطة اقتصادية شبيهة بالنموذج الماليزي، وقال إن الجزائر «ستصبح دولة ناشئة اقتصاديا بنهاية 2019». وكتب مقري بهذا الخصوص «أما عن ماليزيا، فإن أول شرط لنهضتها كان التوافق السياسي على أسس شفافة وديمقراطية تتناسب مع إرادة الشعب، والتوقف عن سيطرة جهة على جهات أخرى بالخداع والغش والقوة. وهذه مناسبة لنقول لسلال وكل القوى التي خلفه، التي وضعته والتي تتنافس معه داخل منظومة الحكم الواحدة إن أردتم نهضة الجزائر دعوا الانتخابات تكون حرة وشفافة ونزيهة، ولا تتدخلوا بأي طريقة كانت لتغليب طرف على طرف، وسيعرف الجزائريون بعد ذلك طريقهم ليكونوا أفضل من ماليزيا وإندونيسيا وغيرهما».
وجاء تدخل سلال في التلفزيون، بناء على شعور السلطات بوجود تذمر شعبي كبير قد يتحول إلى مظاهرات عارمة في الشوارع؛ وذلك بسبب خطة تقشف حكومية صارمة، تمثلت في رفع أسعار البنزين والكهرباء، وفرض رسوم وضرائب عالية على منتجات ومواد مصنفة ضمن الاستهلاك الواسع. وحاول سلال تهدئة الأوضاع بقوله «في كل الأحوال ليطمئن الجزائريون، فنحن متحكمون في زمام الأمور. صحيح أن مواردنا المالية انخفضت، لكننا متحكمون في الوضعية».
وتعد «مجتمع السلم» من أبرز أحزاب المعارضة، التي تسعى إلى إقناع الجزائريين بأن الحكومة لا تملك خطة اقتصادية حقيقية لإخراج البلاد من تبعيتها للنفط، الذي ما إن نزلت أسعاره حتى اضطرت السلطات إلى إلغاء مشروعات عدة خاصة بالبنية التحتية، مثل أشغال توسعة «مترو الجزائر»، فضلا عن إلغاء بناء المدارس والمستشفيات، وأوقفت استيراد السيارات والمنتجات المصنعة ونصف المصنعة، ونجم عن ذلك توقف المئات من العمال والموظفين عن العمل. ورغم ذلك رفض سلال الحديث عن وجود «مخطط تقشف»، بل إن الأمر يتعلق، حسبه، بـ«ترشيد نفقات».
وتواجه «مجتمع السلم» أزمة داخلية عنيفة بسبب موقف رئيسها الراديكالي من السلطة؛ فرئيسها السابق أبو جرة سلطاني رفقة قياديين آخرين، أعلنوا معارضتهم هذا الخط ويسعون للإطاحة بمقري لإعادة الحزب إلى «خط المشاركة». و«الحركة» كانت حتى 2012 مشاركة في الحكومة بوزراء ضمن تحالف حزبي موال للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وبانعقاد مؤتمرها الخامس الذي تزامن مع ثورات الربيع العربي، غيرت رئيسها، وانتقلت إلى صف المعارضين المطالبين بتغيير النظام.
وأول امتحان سيخوضه مقري هو انتخابات البرلمان، المنتظرة في مايو (أيار) المقبل، فمعارضوه يترقبون هزيمة كبيرة للحزب مما سيتخذونه ذريعة للمطالبة بمؤتمر طارئ ينتهي بإبعاد مقري من القيادة. وستكون الحجة حينها أن خطة المعارضة هو سبب الهزيمة، وبالتالي لا بد من العود إلى المشاركة، أي الخط الذي أسس له زعيم الحزب الراحل الشيخ محفوظ نحناح.
الجزائر: «مجتمع السلم» يتهم رئيس الوزراء بتنويم الشعب
الأزمة المالية توسع الفجوة بين المعارضة والحكومة
الجزائر: «مجتمع السلم» يتهم رئيس الوزراء بتنويم الشعب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة