حرص رئيس وزراء الجزائر عبد المالك سلال على طمأنة الجزائريين بخصوص الأوضاع المالية للبلاد التي تعرف فترة صعبة، بسبب انخفاض أسعار النفط. وهاجم المعارضة التي «تهول من الأزمة وتزرع اليأس»، على حد تعبيره.
وحل سلال الليلة الماضية ضيفا على التلفزيون الحكومي لهدف واحد هو محاولة إزالة مخاوف قطاع واسع من المواطنين، بشأن ما ينتظرهم عام 2017 على إثر قرار الحكومة رفع سعر البنزين، وإضافة ضرائب على مواد ومنتجات كثيرة، تمخض عنها ارتفاع كبير في الأسعار. ويتضمن قانون الموازنة للعام الجديد تدابير اقتصادية وصفت بـ«اللاشعبية».
ويقول مراقبون إن إطلالة سلال بالتلفزيون تعكس خوف الحكومة من اندلاع مظاهرات واحتجاجات في الشارع قد لا تستطيع التحكم فيها. وقد بدأت مؤشرات «غضب شعبي» تلوح في الأفق منذ أسبوعين، تمثلت في غلق المحلات التجارية لعدة أيام بولايتي تيزي وزو وباتنة بشرق البلاد، تعبيرا عن استياء بالغ من غلاء المعيشة.
وبحسب سلال فقد بدأ الشعور بصدمة النفط في يوليو (تموز) 2014، «وقد كانت صدمة قوية جدا والتعامل معها كان صعبا». وردد رئيس الوزراء عدة مرات جملة «يجب المحافظة على الاستقرار الذي لم يأت من فراغ، وإنما بفضل إرادة سياسية قوية»، ما يعني أن السلطات تخشى رد فعل عنيفا غير متوقع في الشارع.
ويحلو للمسؤولين الجزائريين القول إن بلادهم «تعيش في واحة من الاستقرار والطمأنينة، ولكنها محاطة بالأهوال»، في إشارة إلى الاضطرابات التي تتخبط فيها بعض الدول المجاورة، وبالخصوص ليبيا. وكثيرا ما تلوح الحكومة بالتهديد الإرهابي في ليبيا ومالي، لثني الجزائريين عن المطالبة بتغيير النظام.
وقال سلال، وهو يرد ضمنا على المعارضة والصحافة، التي تنتقد الأداء الحكومي في زمن الأزمة: «برغم انخفاض مداخيل البلاد، لم يتغير نمط عيش الجزائريين، زيادة على أن كل أشكال الدعم الحكومي بقيت على حالها، وستستمر خلال العام الجديد، خاصة فيما يتعلق بدعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع».
وتتهم المعارضة السلطات بـ«محاولة شراء سلم اجتماعي بعد فوات الأوان»، بحجة أن الأزمة المالية هي من تسببت فيها لعدم اجتهادها في فك الارتباط بالنفط لما كانت الأموال متوفرة للبلاد.
وأوضح رئيس الوزراء أن إنتاج الجزائر من النفط تراجع بشكل لافت بين سنوات 2005 و2014، وارتفع في ديسمبر (كانون الأول) الجاري، حسبه، بنسبة 9.9 في المائة. فيما تتوقع الحكومة تحصيل مداخيل في حدود 35 مليار دولار بنهاية العام المقبل. أما في 2019 فتترقب عائدات بـ45 مليار دولار، علما بأن الجزائر عاجزة عن بيع كامل حصتها من النفط المخصصة في إطار «أوبك»، بسبب ضعف الإنتاج.
ورفض سلال الحديث عن «خطة تقشف» تتبعها الحكومة منذ بداية الأزمة، وقال موضحا «نحن بصدد ترشيد النفقات، وأعددنا برنامجا يسمح لنا بتنويع الاقتصاد للخروج من التبعية المفرطة للنفط». وأضاف: «في أواخر 2019 ستصبح الجزائر دولة ناشئة اقتصاديا».
ويوجد إجماع لدى خبراء الاقتصاد بأن هذا البرنامج الذي سبق أن تحدث عنه سلال قبل أربعة أشهر غامض، حيث لم تشرحه الحكومة، ولم توضح آليات تطبيقه. ويذكر نفس الخبراء أن حل الأزمة يتطلب جلب استثمارات أجنبية لتنشيط اقتصاد البلاد المريض، غير أن قوانين الاستثمار الجزائرية لا تغري رجال الأعمال الأجانب.
وعلى عكس نظرة التشاؤم هذه، قال سلال إن الحكومة «بذلت جهودا كبيرة لاستحداث مؤسسات صغيرة ومتوسطة لتكون دعامة للدفع باقتصادنا إلى الأمام»، مشيرا إلى أن السلطات تسعى إلى الاستلهام من تجارب أثبتت نجاحا في دول مثل ماليزيا وإندونيسيا. و«في كل الأحوال ليطمئن الجزائريون، فنحن متحكمون في زمام الأمور. صحيح أن مواردنا المالية انخفضت ولكننا متحكمون في الوضعية».
سلال يطمئن الجزائريين بخصوص الأوضاع المالية للبلاد
وسط تخوف الحكومة من غضب شعبي بعد ارتفاع كبير في الأسعار
سلال يطمئن الجزائريين بخصوص الأوضاع المالية للبلاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة