الهدنة في سوريا تبدأ منتصف الليل والمحادثات تنطلق

الائتلاف السوري والنظام يدعمان اتفاق وقف إطلاق النار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية
TT

الهدنة في سوريا تبدأ منتصف الليل والمحادثات تنطلق

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم (الخميس)، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة، وبدء محادثات سلام دولية مع تركيا وإيران. وقال خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية: «حدث انتظرناه منذ زمن وعملنا كثيرًا من أجل الوصول إليه، تحقق قبل بضع ساعات». وأضاف: «وقّعت ثلاث وثائق الأولى بين النظام السوري والمعارضة المسلحة بشأن وقف لإطلاق النار على مجمل الأراضي السورية»، موضحًا أنّ الوثيقة الثانية تشمل تطبيق إجراءات تهدف إلى مراقبة احترام الهدنة.
وتابع الرئيس الروسي أنّ «الوثيقة الثالثة هي إعلان (أطراف النزاع) استعدادهم لبدء محادثات السلام». وأعلن من جهة أخرى «خفض» الوجود العسكري الروسي في سوريا حيث تشن قواته حملة غارات جوية دعما للنظام في دمشق منذ سبتمبر (أيلول) 2015، وتابع: «أنا أؤيد اقتراح وزارة الدفاع بخفض وجودنا العسكري في سوريا». مؤكّدًا: «لكننا سنواصل من دون شك مكافحة الإرهاب الدولي» و«دعم الحكومة السورية الشرعية» في هذه الحملة.
من جهته، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنّ مجموعات تمثل 62 ألف مقاتل مسلح وقعت اتفاق وقف إطلاق النار مع النظام السوري. موضحًا: «إنّها أبرز قوات المعارضة المسلحة».
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم، بدء الاستعدادات لمحادثات السلام من أجل تسوية النزاع السوري التي يفترض أن تجري في آستانة عاصمة كازاخستان قريبا، بمبادرة من روسيا. وتابع: «سنبدأ مع تركيا وإيران الأعداد للقاء في آستانة»، في الوقت الذي أبدت فيه طهران وأنقرة استعدادهما لرعاية اتفاق سلام محتمل بين النظام السوري والمعارضة يمكن أن يجري التوصل إليه في آستانة.
وأعرب الائتلاف السوري المعارض دعمه لاتفاق وقف إطلاق النار الشامل في سوريا، الذي جرى التوصل إليه برعاية تركية روسية ويبدأ سريانه عند منتصف الليل، وفق ما أكّد متحدث باسمه اليوم.
وقال أحمد رمضان رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لوكالة الصحافة الفرنسية: «يعبر الائتلاف الوطني عن دعمه للاتفاق ويحث كافة الأطراف على التقيد به». وأكّد أنّ فصائل المعارضة «سوف تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، وسترد في حال حصول انتهاكات»، لافتا إلى أنّ من بين الفصائل الموقعة على الاتفاق «حركة أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام ونور الدين الزنكي».
واتفقت تركيا وروسيا اليوم، على خطة لوقف لإطلاق النار في كل أنحاء سوريا تدخل حيز التنفيذ منتصف الليل، في وقت تكثف فيه أنقرة وموسكو تعاونهما للتوصل إلى حل للنزاع السوري.
في السياق ذاته، أعلنت قوات النظام السوري في بيان اليوم، وقفًا شاملاً للعمليات القتالية على جميع الأراضي السورية بدءًا من منتصف ليل الخميس-الجمعة، على أن يستثني تنظيم داعش وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة).
لكن رمضان اعتبر أنّ «الاتفاق يستثني فقط تنظيم داعش وتنظيمات إرهابية أخرى» لكنه «لا يسمح بمس المدنيين». وأوضح أنّه يسري على «جميع المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة أو تلك التي تضم المعارضة المعتدلة مع عناصر فتح الشام على غرار إدلب» في شمال غربي البلاد. وقال إنه بعد سريان وقف إطلاق النار «نتوقع إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة بإشراف الأمم المتحدة».
وليست هذه أول مرة يجري التوصل فيها إلى اتفاق لوقف شامل لإطلاق النار في سوريا، لكنه كان يحصل برعاية روسية أميركية وتتسبب الانتهاكات بانهياره. وتعد هذه أول مرة ترعى فيها تركيا، أبرز داعمي الفصائل المعارضة اتفاقا مماثلا.
وشهدت الفترة الماضية تقاربا بين روسيا وتركيا، برز خلال اتفاق الشهر الحالي أجلي بموجبه مقاتلو الفصائل المعارضة والمدنيون الراغبون بالمغادرة من مدينة حلب (شمال)، ما أتاح لقوات النظام السوري السيطرة عليها بالكامل.
وتشهد سوريا نزاعًا داميًا تسبب منذ منتصف مارس 2011 بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.