تقنيات مبهرة في عام 2016

بدء انتشار الواقع الافتراضي ورسومات تعبيرية إسلامية و«حمى» عالمية من «بوكيمون غو» وكومبيوترات «ذاتية» الحوار

جهاز «مايكروسوفت سيرفيس ستوديو» المكتبي المبتكر - أول رسم تعبيري  للزي الإسلامي للنساء - تسببت لعبة «بوكيمون غو» بحمى عالمية بين المستخدمين
جهاز «مايكروسوفت سيرفيس ستوديو» المكتبي المبتكر - أول رسم تعبيري للزي الإسلامي للنساء - تسببت لعبة «بوكيمون غو» بحمى عالمية بين المستخدمين
TT

تقنيات مبهرة في عام 2016

جهاز «مايكروسوفت سيرفيس ستوديو» المكتبي المبتكر - أول رسم تعبيري  للزي الإسلامي للنساء - تسببت لعبة «بوكيمون غو» بحمى عالمية بين المستخدمين
جهاز «مايكروسوفت سيرفيس ستوديو» المكتبي المبتكر - أول رسم تعبيري للزي الإسلامي للنساء - تسببت لعبة «بوكيمون غو» بحمى عالمية بين المستخدمين

قدّم عام 2016 الكثير من المنجزات التقنية، من بينها بدء انتشار تقنيات الواقع الافتراضي في المنازل، وإطلاق كثير من الهواتف الجوالة المبتكرة في مجالات التصوير والبطارية في تصاميم جميلة، وأجهزة ألعاب تجلب الدقة الفائقة إلى شاشات اللاعبين، مع إطلاق تطبيقات أشعلت ثورة بين المستخدمين (من بينها لعبتي «بوكيمون غو» و«سوبر ماريو ران» وولادة الكومبيوترات ذاتية الحوار، وإطلاق نظارات أنيقة لتصوير لقطات «سنابشات» بضغطة زر واحدة. ولكن العام كان كذلك قاسيا على بعض شركات التقنية، ومن بينها «سامسونغ» التي تأثرت بسلسلة انفجارات مجهولة السبب في هاتف «غالاكسي نوت 7»، مع تراجع أرباح «تويتر» وهجومات رقمية على أجهزة «ياهو» أثرت على نحو مليار مستخدم.

هواتف ذكية

وتعتبر مشكلة انفجار هواتف «غالاكسي نوت 7» الأبرز في عام 2016، حيث عانت الشركة من عدم معرفتها لأسباب المشكلة حتى بعد استرجاع الأجهزة وإعادة طرحها في الأسواق مرة أخرى، الأمر الذي نجم عنه استرجاع كامل وإيقاف البيع عالميًا وإطلاق تحديث برمجي يوقف عمل وظائف الهاتف، وذلك حتى لا يستخدمه أي شخص لم يرجع الهاتف للشركة، بهدف حمايته من الخطر. ويتوقع كثير من الخبراء أن تبذل الشركة جهودا مضاعفة لضمان جودة المنتج المقبل في السلسلة، من بينها توريد صناعة البطاريات إلى واحدة من كبرى الشركات في هذا القطاع، حتى لو كانت شركة منافسة. ولكن جهازي «غالاكسي إس 7» و«إس 7 إيدج» قدما تجربة مختلفة، حيث كانا من أفضل الهواتف التي أطلقتها الشركة إلى الآن من حيث التصميم والمواصفات التقنية والأداء والوظائف.
ومن جهتها أطلقت «أبل» هاتفي «آيفون 7 و7 بلاس» اللذين يتخليان عن منفذ السماعات الرأسية مقأبل سماعات لاسلكية أطلقتها الشركة بعد أشهر من إطلاق الهواتف في الأسواق. ويقدم إصدار «7 بلاس» كاميرتين خلفيتين لإلتقاط الصور وتقريبها بشكل أفضل، مع مقاومتهما للمياه والغبار لحماية المكونات الداخلية. ولوحظ أن «أبل» اعتمدت على شركات أخرى في مؤتمر الكشف عن جهازيها، من بينها «نينتندو» التي كشفت عن لعبة «سوبر ماريو ران».
وفاجأت «غوغل» العالم التقني بإطلاقها هاتفين جديدين من تصميمها اسمهما «بيكسل» ينافسان «آيفون» من حيث المواصفات والسعر، بالإضافة إلى الكشف عن بيئة متكاملة للذكاء الصناعي من خلال أجهزة منزلية مختلفة تقدم خدمات كثيرة للمستخدم من خلال مساعدها الشخصي الذكي الذي يتفاعل صوتيًا مع المستخدم. وتشمل التقنيات الجديدة سماعة ذكية متصلة بالإنترنت للإجابة على أسئلة المستخدم وتشغيل الموسيقى، ووحدة «واي فاي» ذكية لتقديم أفضل اتصال بالإنترنت للأجهزة المتصلة بها وفقًا لآلية الاستخدام، ونقطة ربط لاسلكية بين الهواتف الجوالة والتلفزيونات الحديثة.
وتستمر شركة «هواوي» بتقديم أجهزة مبتكرة من شأنها زيادة حصتها السوقية وجعلها تقترب من الإطاحة بحصة شركة «أبل»، لتصبح في المركز الثاني عالميًا بعد «سامسونغ»، حيث أبرمت شراكات مع عدة شركات نجم عنها تطوير مستويات التصوير والتصميم في أجهزة الشركة، مثل الشراكة مع «لايكا» Leica الألمانية المتخصصة بصناعة وتطوير نظم عدسات التصوير، وشركة «بورشه ديزاين» الألمانية كذلك المتخصصة بتطوير تصاميم الهواتف الجوالة. ومن الأجهزة المميزة التي أطلقتها الشركة «مايت 9» الذي يعتبر من أفضل الهواتف الذكية التي أطلقت في العام 2016 من حيث المواصفات التقنية والأداء والتصميم بكاميرتين خلفيتين لالتقاط أفضل التفاصيل والألوان ودمجهما ببعض في صورة واحد، بالإضافة إلى هاتف «بي 9» الذي يعتبر أول جهاز يُطلق الشراكة مع «لايكا»، بالإضافة إلى هاتف «أونر 8» الذي يقدم مواصفات متقدمة في تصميم جميل جدا ومبهر وبسعر منخفض مقارنة بالأجهزة الأخرى. كما وأطلقت الشركة ساعات رقمية راقية للسيدات مرصعة بكريستالات جميلة وملونة من شركة «سواروفسكي»، بالإضافة إلى إطلاق ساعات رقمية فاخرة للرجال.وشهدنا في هذا العام انسحاب شركة «بلاكبيري» من تصنيع الهواتف الجوالة بعد عدم نجاح أجهزتها التي تعمل بنظام التشغيل «بلاكبيري»، واستمرار انعدام النجاح حتى بعد الانتقال إلى نظام «آندرويد»، لتكتفي بتصنيع برمجيات المؤسسات والآليات وترخيص استخدام اسم «بلاكبيري» في الهواتف الجوالة لشركات أخرى.
وأطلقت «سوني» هاتف «إكسبيريا إكس زيد» المتقدم بتصميمه الجديد والجميل، والذي يتميز بأنه هاتف تصويري بامتياز يضاهي أداء مجموعة من أفضل كاميرات التصوير الرقمية الموجودة في الأسواق، وذلك بفضل استخدام 3 مستشعرات متخصصة أثناء التقاط الصور، الأمر الذي يرفع من جودتها بشكل كبير وفي جميع الظروف. المستشعر الأول يركز على التقاط الصور بألوان غنية والتنبؤ وتتبع حركة العناصر في الصورة وتعديل التركيز ليبقي عليها أثناء تحركها، الأمر الذي ينجم عنه صور بغاية الوضوح والجمال في جميع الظروف.
ويستخدم المستشعر الثاني الليزر لالتقاط الصور بوضوح كبير في ظروف الإضاءة الخافتة، بينما يعمل المستشعر الثالث لضبط دقة توازن اللون الأبيض وفقًا لمصدر الضوء المنبثق من البيئة المحيطة.

كومبيوترات ونظارات

ومن جهتها أطلقت «مايكروسوفت» جهاز «سيرفيس برو 4» Microsoft Surface Pro 4 اللوحي الذي يقدم مستويات أداء عالية جدا في تصميم مريح جدا للاستخدام، وتوفير نظام التشغيل «ويندوز 10» للعمل لتوافق أفضل مع البرامج المكتبية والمحمولة، بالإضافة إلى سهولة التنقل بين الجهاز والأجهزة الأخرى بسبب دعم تقنية التخزين السحابي آليا، ليكمل المستخدم عمله من أي جهاز متصل بالإنترنت ومن النقطة نفسها التي توقف عندها.
وأطلقت الشركة بعد ذلك جهاز «مايكروسوفت سيرفيس ستوديو» Surface Studio المكتبي الذي يقدم جهاز كومبيوتر مدمجا داخل شاشة كبيرة يمكن تغيير زاوية ميلها لتناسب نوع عمل المستخدم، مع تقديم مستويات أداء عالية جدا في وضوح مبهر. وأطلقت الشركة ملحقا صغيرا على شكل مؤشر دائري يوضع فوق شاشة «سيرفيس ستوديو» يسمح للمستخدم تعديل خصائص ما يرغب، مثل درجة الألوان أو سماكة فرشاة الرسم أو شدة ارتفاع الصوت أو تقريب الصورة، وغيرها، الأمر الذي يفتح آفاقًا جديدة مبتكرة لإنجاز المزيد من الأعمال.
كما وأطلقت «سناب» المالكة لتطبيق «سنابشات» نظارة «سبكتيكلز» Spectacles التي تعتبر نظارة شمسية جميلة تحتوي على كاميرتين جانبيتين يمكن تفعيلهما بمجرد الضغط على زر جانبي مخفي، لتصوران ما يجري حول المستخدم أثناء ارتداء النظارة في تسجيلات قصيرة وتنقلها إلى هاتفه لاسلكيا، الأمر الذي يسهل عملية التصوير والتنقل ومشاركة ما يجري من حول المستخدم. ويستطيع المشاهد تغيير زاوية عرض الصورة بإمالة هاتفه على شكل دائرة في الهواء، مع الحصول على زوايا رؤية جديدة، وهي ميزة خاصة بالنظارة. وتباع النظارة حاليا في الولايات المتحدة بسعر 129 دولارا.

الواقع الافتراضي

ومثّل هذا العام تجسيد الواقع الافتراضي للجميع، حيث أطلقت 3 نظارات رئيسية للواقع الافتراضي، هي «بلاي ستيشن في آر» Playstation VR و«إتش تي سي فايف» HTC Vive و«أوكيوليس ريفت» Oculus Rift، والتي تقدم تجربة استخدام متقدمة بسعر معتدل إلى مرتفع قليلا. وتمثل هذه النظارات الخطوة الأولى نحو انتشار الواقع الافتراضي بين المستخدمين على نطاق تجاري، ولا تزال الألعاب التي تقدمها متواضعة بعد الشيء، إلى حين دعم كبرى شركات برمجة الألعاب لهذه التقنية وتقدم تجارب مبهرة.
وأطلقت «إنفيديا» بطاقة الرسومات المطورة «جيفورس جي تي إكس 1080» للكومبيوترات الشخصية التي تقدم مستويات أداء غير مسبوقة في عالم الألعاب الإلكترونية، والتي تعتبر ضرورية لتشغيل تطبيقات وألعاب الواقع الافتراضي في أفضل صورة ممكنة، مع إطلاق إصدارات أقل من حيث المواصفات التقنية والسعر، ولكنها لا تزال تستطيع تشغيل برامج هذه التقنية.
وشاهدنا إطلاق «غوغل» لمنصة «دايدريم» Daydream الخاصة بتقنية الواقع الافتراضي، والتي يفترض أن تطور من تجربة برمجة الألعاب وتقدم ألعابًا وتطبيقات أفضل من السابق على الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «آندرويد». وتقدم المنصة الأدوات البرمجية اللازمة للمطورين وداخل الهواتف التي تدعمها، مع توفير نظارات تقدم تجربة عرض واقعية.

تقنيات متنوعة

وأطلقت «سوني» أجهزة الألعاب «بلاي ستيشن 4 برو» و«بلاي ستيشن» منخفض السماكة، مع إطلاق «مايكروسوفت» جهاز «إكس بوكس وان» المطور، والتي تقدم جميعا تجارب مطورة للاعبين من حيث مستويات الأداء والرسومات والألوان، الأمر الذي قد يشكل نقطة تحول في تاريخ أجيال أجهزة الألعاب الإلكترونية التي أصبح من الممكن ترقيتها تدريجيًا كل بضعة أعوام عوضًا عن الحصول على جيل جديد كليا في كل 8 إلى 9 أعوام.
وبالحديث عن عالم الألعاب الإلكترونية، توقفت «نينتندو» عن بيع جهازها «وي يو» بعد مبيعات مخيبة للآمال، وذلك بسبب مواصفاته التقنية المتدنية مقارنة بالأجهزة المنافسة «إكس بوكس وان» و«بلاي ستيشن 4» وعدم دعم الشركات المطورة للألعاب له بشكل مقنع، الأمر الذي أجبر الشركة على الكشف عن جهاز «سويتش» Switch الذي يمكن وصله بشاشة التلفزيون للعب أو حمله مع المستخدم. ولم تكشف الشركة عن الكثير من التفاصيل حوله، وقررت ترك الجماهير تنتظر إلى منتصف شهر يناير (كانون الثاني) المقبل لتطلعهم على المزيد من مواصفات الجهاز وقدراته.
ولتتعافى الشركة من الخسائر المالية جراء إيقاف تصنيع جهاز «وي يو» قبل أوانه، طورت «نينتندو» لعبة «سوبر ماريو ران» Super Mario Run على الهواتف الجوالة، والتي يمكن اللعب بها بيد واحدة للتحكم بقفزات الشخصية الرئيسية، ذلك أنها تسير من تلقاء نفسها. وحصلت اللعبة على نحو 5 ملايين عملية تحميل في اليوم الأول لإطلاقها في متجر «آي تيونز» الإلكتروني، و37 مليون عملية تحميل خلال أول 72 ساعة، مع احتلالها لصدارة قوائم التحميل في 60 بلدًا. وستُطلق اللعبة على الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «آندرويد» خلال عام 2017.
ونذكر كذلك الحمى الرقمية التي اجتاحت العالم لدى إطلاق لعبة «بوكيمون غو» على الهواتف الجوالة التي تم تحميلها أكثر من 10 ملايين مرة وحققت أرباحا صافية فاقت 200 مليون دولار خلال الشهر الأول من إطلاقها في يوليو (تموز) السابق. وتسببت هذه اللعبة بسير اللاعبين في الطرق دون الانتباه لما يجري حولهم، ذلك أنهم يبحثون عن حيوانات الـ«بوكيمون» المخفية حولهم من خلال هاتفهم الجوال، الأمر الذي تسبب بإصابة الكثير منهم بحوادث جسدية.
وشهدنا كذلك تمثيل الزي الإسلامي للسيدات في عالم الرسوم التعبيرية Emoji بإرسال فتاة سعودية تبلغ من العمر 15 عاما طلبا رسميا إلى المنظمة العالمية اللاربحية المسؤولة عن المعايير المختصة The Unicode Consortium عبر لجنة خاصة، والتي يتوقع أن تضيف الرسم التعبيري في عام 2017.
وشهد عام 2016 وضع «مايكروسوفت» أسس جديدة لآفاق التقنية المقبلة، تتمثل بإطلاق منصة برمجية لتطوير كومبيوترات ذاتية الحوار مع المستخدم تسمى «بوت» Bot. وتستطيع هذه البرمجيات فهم اللغة البشرية ومعانيها، وتحويلها إلى أوامر والرد على المستخدم، الأمر الذي يجعل الآلات تتكامل معنا في حياتنا اليومية لرفع الكفاءة بشكل كبير، مع خفض الأخطاء البشرية، ليصبح الكومبيوتر محاورًا رقميًا يقارب البشر.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».