أعلن علي بن فليس، رئيس الحكومة الجزائرية سابقًا، الذي يقود أحد أهم أحزاب المعارضة، عن رفض المشاركة في انتخابات البرلمان التي ستجرى في مايو (أيار) المقبل، محدثا بذلك شرخا في «هيئة التشاور للمعارضة»، التي تضم عدة أحزاب، بعد أن أعلن قطبان منها دخول السباق الانتخابي. وقال بن فليس، رئيس «طلائع الحريات»، في مؤتمر صحافي بالعاصمة أمس، إن «علة وجود الانتخابات في منظومتنا السياسية، تتمثل في التكييف الدوري لعملية توزيع الحصص الانتخابية على القوى السياسية المشاركة، حسب معيار الطاعة أو العصيان. هذه هي الحقيقة الأليمة التي يدركها الجميع، وعليه، فإنه من غير المعقول أن ينتظر من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة أكثر من القيام بوظيفة المحاصصة المعهودة إليها».
وأفاد بن فليس بأن «النظام السياسي القائم سينظم الانتخابات التي يريدها، حسب الشروط التي تريحه، وحسب القواعد التي حددها بطريقة أحادية وتعسفية. ولكن ما الجديد الذي يمكن أن يسجل؟ وما المنفعة التي يمكن أن تجنى بالنسبة لبلدنا غداة هذه الانتخابات؟»، وأضاف بن فليس أنه «لا يمكن الجواب عن هذا السؤال إلا أن يكون على نحو واحد: سيظهر عزوف مواطناتنا ومواطنينا (عن الانتخابات) في تفاقم؛ وستستخلف مؤسسات غير شرعية وغير ممثلة، بمؤسسات غير شرعية وغير ممثلة بنفس المقدار؛ ستحل مؤسسات فاقدة للمصداقية والثقة محل مؤسسات حجب عنها المواطنات والمواطنون ثقتهم، وطعنوا في مصداقيتها منذ أمد بعيد؛ وسيكسب النظام السياسي القائم وقتا محسوبا له، كما سينجح في تأجيل التغيير الذي ينتظره البلد».
ويعتقد على نطاق واسع بأن البرلمان المقبل ستهيمن عليه الأغلبية نفسها السائدة حاليا، ممثلة في «جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده وزير الدولة مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، وهو رئيس حكومة سابق. وينتظر دخول حزبين آخرين إلى البرلمان ينتميان إلى «كتلة الموالاة»، هما «تجمع أمل الجزائر» برئاسة وزير السياحة سابقا عمر غول، و«الحركة الشعبية الجزائرية»، بقيادة وزير التجارة سابقا عمار بن يونس.
وأعلن الحزبان المعارضان الكبيران «حركة مجتمع السلم»، (إسلامي)، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، مشاركتهما في الانتخابات، على الرغم من أن قيادتيهما أظهرتا قناعة بأنها ستكون مزورة.
وفي هذا السياق، قال مراقبون إن غياب حزب بن فليس عن الاستحقاق أحدث شرخا عميقا وسط تكتل أحزاب المعارضة، الذي نشأ عام 2014 لقطع الطريق على ولاية رابعة للرئيس بوتفليقة، بمناسبة انتخابات نظمت في العام نفسه، غير أنه لم ينجح في هذا المسعى.
يشار إلى أن الحزب الليبرالي المعارض «جيل جديد»، سيغيب أيضا عن الموعد.
وشارك بن فليس في انتخابات الرئاسة 2014، وحل في المركز الثاني بعيدا عن بوتفليقة، الذي لم يخض الحملة الانتخابية بسبب حالته الصحية المتدهورة. ونشر بعد الانتخابات «كتابًا أبيض» يتضمن شواهد، على حد تعبيره، على «تزوير شامل لأصوات الناخبين».
وكان بن فليس من أشد رجال السياسة ولاء لبوتفليقة، حيث ترأس حملته الانتخابية عام 1999، وأصبح بعدها مديرا لديوانه الرئاسي ثم رئيسا للحكومة. غير أن علاقتهما انقطعت عندما تحدى بن فليس الرئيس بمنافسته على كرسي الحكم في انتخابات 2004.
وبرأي رئيس «الطلائع»، فإن «الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما هي سوى أزمات فرعية للأزمة الأم، وهي أزمة المنظومة السياسية الوطنية القائمة؛ وبالتالي لا يمكن فك أي أزمة فرعية عن الأزمات الفرعية الأخرى. فأزمة المنظومة السياسية الوطنية قد جرت البلد نحو الانسداد السياسي؛ والانسداد السياسي يمنع إيجاد الحلول الملائمة واللازمة للأزمة الاقتصادية؛ والأزمة الاقتصادية غير المتكفل بها على الوجه المطلوب، أدت بدورها إلى التصعيد الملحوظ في توتر الأوضاع الاجتماعية للبلد».
الجزائر: شرخ عميق وسط المعارضة بعد إعلان بن فليس رفض المشاركة في انتخابات البرلمان
فيما قرر أهم أقطاب «هيئة التشاور» مقاطعة الاستحقاق
الجزائر: شرخ عميق وسط المعارضة بعد إعلان بن فليس رفض المشاركة في انتخابات البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة