تصاعد حدة المعارك وتضييق الخناق على شرق حلب.. والمعارضة تتوعد بمفاجآت

طبيب يصف الوضع داخل المدينة بـ«المرعب»

سيارتا إسعاف مدمرتان كانت تستخدمهما قوات المعارضة السورية داخل حي الصاخور، شرق مدينة حلب، قبل سقوطها أخيرًا بأيدي قوات النظام والميليشيات الحليفة (أ.ف.ب)
سيارتا إسعاف مدمرتان كانت تستخدمهما قوات المعارضة السورية داخل حي الصاخور، شرق مدينة حلب، قبل سقوطها أخيرًا بأيدي قوات النظام والميليشيات الحليفة (أ.ف.ب)
TT

تصاعد حدة المعارك وتضييق الخناق على شرق حلب.. والمعارضة تتوعد بمفاجآت

سيارتا إسعاف مدمرتان كانت تستخدمهما قوات المعارضة السورية داخل حي الصاخور، شرق مدينة حلب، قبل سقوطها أخيرًا بأيدي قوات النظام والميليشيات الحليفة (أ.ف.ب)
سيارتا إسعاف مدمرتان كانت تستخدمهما قوات المعارضة السورية داخل حي الصاخور، شرق مدينة حلب، قبل سقوطها أخيرًا بأيدي قوات النظام والميليشيات الحليفة (أ.ف.ب)

تصاعدت حدة المعارك في مدينة حلب، عاصمة شمال سوريا، بالتزامن مع إعلان موسكو فشل ما أسمتها «خطة» وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتسوية الأزمة في المدينة، والتي تدفع روسيا لكي تشمل خروج كل مسلحي المعارضة دون استثناء. وهو أمر يرفضه هؤلاء جملة وتفصيلاً معوّلين على عون يأتيهم من الريف بعد توعُد غرفة عمليات «فتح حلب»، بـ«مفاجآت من العيار الثقيل خلال أيام قليلة».
في هذه الأثناء، واصلت قوات النظام السوري وحلفاؤها تقدمها في الأحياء الشرقية وسيطرت على كامل حي الشعار الاستراتيجي، بحسب مصادر مختلفة، في حين صعّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مواقفه بعيد استخدام بلاده والصين الاثنين حق النقض «الفيتو» على مشروع قانون في مجلس الأمن الدولي يطالب بهدنة مدتها سبعة أيام في حلب، معلنًا أن اقتراح خروج المسلحين من المدينة ليس مطروحًا حاليًا، لأن روسيا والولايات المتحدة لم تتوصلا إلى اتفاق بهذا الشأن. وأكد وزير الخارجية الروسي أيضًا أن المسلحين الرافضين مبادرة الخروج من شرق حلب «سيتم القضاء عليهم»، وهو ما لمّح إليه أيضا بيان صادر عن وزارة خارجية النظام السوري تحدث عن «رفض أي محاولة لوقف لإطلاق النار في شرق مدينة حلب ما لم تتضمن خروج جميع الإرهابيين منها»، حسب تعبير البيان.
بالمقابل، توعّد الرائد ياسر عبد الرحيم، قائد غرفة عمليات «فتح حلب»، أمس في تسجيل صوتي بُث على موقع «يوتيوب»، «قوات الأسد والميليشيات الرديفة، بما وصفها بالمفاجآت». وتوجه عبد الرحيم لأهالي حلب قائلاً: «أيام قلائل وسنقلب عاليها سافلها، ونعدكم بمفاجآت من العيار الثقيل في حلب تقلب كل الموازين». واعتبر القائد العسكري المعارض أن «النظام يراهن على إحباط المعنويات وإيقاع الهزيمة في نفوس الأهالي، ولكن المدد قادم إليكم وما هي إلا ساعات معدودة وسترون ما يسركم»، وأضاف: «تذكروا أن الحرب كر وفر».
ومن داخل أحياء حلب المحاصرة، تحدث الطبيب حمزة الخطيب لـ«الشرق الأوسط» واصفًا الوضع بـ«المرعب»، لافتًا إلى أن «الوضع سيئ جدًا، خاصة وأن معظم الأحياء من دون كهرباء، وبالتالي لا إمكانية لاستخراج المياه من الآبار». وتابع: «استهداف المشافي أثّر بشكل كبير في الوضع الصحي، ولكن وعلى الرغم من ذلك نحن لا نزال نقوم بواجبنا بمعالجة الجرحى والمرضى، ولن نترك أحياءنا مهما كانت الضغوط والتحديات كبيرة».
ميدانيا، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر في النظام السوري «السيطرة على كامل حي الشعار بعد معارك عنيفة جدا مع مسلحي المعارضة الذين انسحبوا باتجاه حي الكلاسة والنيرب من أحياء حلب الشرقية، كما السيطرة على أجزاء من حي قاضي عسكر شرق قلعة حلب». ومن جانبه، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «قوات النظام مدعمة بالمسلحين الموالين لها تمكنت من تحقيق تقدم جديد واستكمال سيطرتها على كامل حي الشعار مع مناطق المواصلات، وتربة اللالا، والأجزاء المتبقية من ضهرة عواد وجورة عواد، وصولاً لأطراف كرم الجبل، المتاخم لأحياء حلب القديمة، بالتزامن مع تمكنها من التقدم والسيطرة بشكل ناري على أجزاء واسعة من حي الشيخ لطفي، وأطراف حي المرجة في الجزء الجنوبي الشرقي من أحياء حلب الشرقية».
وبالتزامن مع التصعيد الميداني، انتقد ميشال كيلو، المعارض السوري البارز وعضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» بشدة ما أسماه بـ«غطرسة القوة الروسية»، معتبرًا أن موسكو تستفيد اليوم من الانكفاء الأميركي المستمر، معتمدة سياسة «السحق بالقوة» في حلب. وقال كيلو لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «للأسف لدى موسكو قدر من القوة لإجبار الثوار على الخروج من مدينتهم على الرغم من كل المقاومة والشجاعة التي يظهرونها». وشدّد كيلو على أن «كل الجهود يجب أن تبذل اليوم لإنقاذ وإخراج السكان العالقين في الأحياء الشرقية»، لافتا إلى أنّها «بالنهاية مسؤولية المجتمع الدولي والأمم المتحدة المطالبة منذ زمن باللجوء إلى قانون التدخل الإنساني لحماية المدنيين الموجودين في المدينة».
وفي هذا الاتجاه، توالت المواقف الدولية المنبّهة من خطورة ما يحصل في حلب. وحذّر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت من أن «احتمال تقسيم سوريا يلوح في الأفق»، متحدثًا عن جزء «سوريا المفيدة» الذي سيكون تحت سيطرة النظام وحلفائه، والآخر «داعشستان» تحت سيطرة تنظيم داعش. وقال إيرولت في مقابلة مع إذاعة «آر إف آي»: «ليس لأن حلب ستسقط خلال أسابيع، سيتم حل قضية السلام».
من جهتها، وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عجز المجتمع الدولي عن مساعدة حلب بـ«العار»، مشيرة إلى مسؤولية النظام السوري وداعميه الروسي والإيراني. وقالت في خطاب أمام مؤتمر حزبها «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، إن وضع «حلب عار (...) من العار أننا غير قادرين على إقامة ممرات إنسانية لكن يجب أن نستمر» في المحاولة.
وانتقدت ميركل المجتمع المدني في بلادها قائلاً إنها أصيبت بالصدمة لرؤية عشرات آلاف الألمان ينزلون إلى الشوارع للتظاهر احتجاجًا على اتفاقات تجارة حرة، ولكن ليس للتظاهر تنديدًا بإراقة الدماء في سوريا. وقالت: «هناك شيء غير مفهوم هنا».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.