حركة ألمانية ـ تركية لدعم لبنان في ملف النازحين السوريين

حركة ألمانية ـ تركية لدعم لبنان في ملف النازحين السوريين
TT

حركة ألمانية ـ تركية لدعم لبنان في ملف النازحين السوريين

حركة ألمانية ـ تركية لدعم لبنان في ملف النازحين السوريين

شهد لبنان في الساعات الـ24 الماضية حركة ألمانية - تركية طغت على المباحثات المتعثرة لتشكيل الحكومة؛ إذ تصدر ملف النازحين السوريين أجندة كل من وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير ووزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو اللذين التقيا المسؤولين اللبنانيين، وأكدا دعم استقرار لبنان من خلال تقديم المساعدات اللازمة لتنشيط المشروعات الإنمائية، ولا سيما تلك المرتبطة بأوضاع النازحين.
وفيما أعلن شتاينماير أمس تقديم مساعدة قدرها 10 ملايين يورو لمواكبة أزمة اللاجئين، حثّ وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل خلال لقائه نظيريه على ضرورة عودة النازحين إلى بلدهم والاستفادة من المناطق المستقرة أو خلق مناطق مماثلة لتأمين هذه العودة.
وتعكس الحركة المذكورة كما المواقف التي أطلقها الدبلوماسيان التركي والألماني من بيروت حجم الاهتمام الغربي المستمر باستقرار لبنان كونه يستضيف ما يزيد على مليون و500 ألف لاجئ سوري يسعى المجتمع الدولي لإبقائهم في مخيماتهم المنتشرة على كامل الأراضي اللبنانية، ومنع أي عملية لانتقالهم إلى أوروبا. في هذا السياق، نقل زوار عواصم أوروبية عن مسؤولين دوليين تأكيدهم أن «لا أولوية غربية حاليا تعلو فوق الاستقرار اللبناني، السياسي والأمني كما الاقتصادي والاجتماعي؛ لأن اهتزاز أحد هذه الأسس يؤدي تلقائيا إلى تدهور أو انهيار البقية».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا تجد دول أوروبا كما واشنطن نفسها معنية إلى حد كبير بتفاصيل اللعبة السياسية اللبنانية، فكل ما يهمها وضع القطار على السكة الصحيحة وتفعيل عمل المؤسسات، والأهم تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن كي تنطلق عملية دعم حقيقية للبنان بمواجهة أزمة اللجوء السوري»، لافتة إلى أن الشغور الرئاسي والفراغ الذي ضرب المؤسسات في المرحلة السابقة كانا سببا رئيسيا وراء تراجع الدعم والمساعدات. وأوضحت المصادر، أن ما حكي عن اجتماعات دولية ستعقد في باريس لتأمين دعم مادي للبنان، كما تحريك بعض الهبات المعلّقة: «كلها مرتبطة بتشكيل الحكومة، ولن يكون هناك أي جديد على هذه الصعد قبل قيام اللبنانيين بواجباتهم وبأسرع وقت ممكن، خصوصا بعد مضي عامين ونصف العام على شلل نخر عميقا في مؤسسات الدولة».
وتحدث رئيس الجمهورية ميشال عون بعد لقائه شتاينماير عن وجود مؤشرات تعد بإمكان تحقيق تقدم في اتجاه النهوض بلبنان، معلنا «العمل على إعداد خطط لاستنهاض اقتصادي، ولا سيما أن الظروف التي تكونت مع الانتخابات الرئاسية ستساعد على تحقيق ذلك».
وإذ شدّد على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وتأمين التزام دولي جدي في تخفيف العبء المترتب على لبنان بفعل استمرار هذه مأساة اللجوء السوري، اعتبر عون أن «أي محاولة لتحسين العلاقات بين الدول المعنية بالوضع في المنطقة هي خطوة إيجابية وجيدة».
وخلال استقباله وزير الخارجية التركية، أعرب عون عن رغبة لبنان في تطوير العلاقات مع تركيا في المجالات كافة، مركزا على أهمية العمل المشترك من أجل مكافحة الإرهاب وإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا والمساعدة على معالجة مأساة النازحين السوريين. بدوره، نقل أوغلو إلى عون تحيات الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان، وحرصه على استمرار العلاقات الجيدة التي تربط البلدين الصديقين، وقال: «إن تركيا تتابع باهتمام التطورات الإيجابية التي رافقت انتخاب الرئيس عون، وهي على ثقة بأن تشكيل الحكومة الجديدة سيساعد في تقوية العلاقات الثنائية، وخصوصا في المجال الاقتصادي وفي إطار التعاون الإقليمي». وأكد أوغلو أن «استقرار لبنان عامل مهم للاستقرار في المنطقة»، مشددا على استعداد بلاده لمساعدة لبنان في المشروعات الإنمائية، ولا سيما تلك التي تتعلق بالاهتمام بأوضاع النازحين.
وعقد الوزيران الألماني والتركي اللذان جالا على المسؤولين اللبنانيين، وأبرزهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام، مؤتمرين صحافيين في وزارة الخارجية مع نظيرهما وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل، الذي حثّ على ضرورة عودة النازحين إلى بلدهم والاستفادة من المناطق المستقرة أو خلق مناطق مماثلة لتأمين هذه العودة.
وقال باسيل: «إننا متفقون مع ألمانيا على مكافحة المنظمات الإرهابية من خلال وقف منابع تمويلها، ونرى أن «الحل السياسي في سوريا هو الحل الأنسب وعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بأمان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».