لم ينجُ مهرجان عربي هذا العام من النقد المباح. الضربات انهالت على مهرجان «أيام قرطاج السينمائية» بسبب سوء تنظيمه، والبعض قال: سوء إدارته. وسواء أكان التنظيم هو الخطأ أم الإدارة هي المشكلة، فإن الناتج تحصيل حاصل أدّى إلى عزل مديره العام، وتجميد العمل، بانتظار انتخاب من يتولى هذا المهرجان العريق.
> بالنسبة لمهرجان القاهرة، تناوب النقد عليه وعلى نطاق أوسع. تخليه عن فيلم «آخر أيام المدينة» (تحفة الأفلام المصرية الحديثة إلى جانب «أخضر يابس»)، بصرف النظر عن السبب، ومن معه حق أو عليه حق، أدّى إلى هجوم أولي على المهرجان. بعد ذلك، تسابقت بعض الصحف المصرية في محاولة النيل من المهرجان لأسباب بعضها محق وبعضها الآخر ليس من مسؤوليات المهرجان أساسًا.
> مهرجان مراكش الذي ينطلق اليوم لا يحتوي هذا العام على أي فيلم مغربي، مما دفع بنقاد وسينمائيين من المغرب للاحتجاج، علمًا بأن المهرجان متهم أساسًا بأنه لم يقدّم أي ترويج يذكر للسينما المغربية ومخرجيها.
> هذا يدلف بنا إلى آخر مهرجانات السينما في العالم العربي، وآخر مهرجان سينمائي دولي كبير حول العالم، وهو مهرجان دبي الذي سينطلق في السابع من الشهر الحالي حتى الرابع عشر منه.. هل سيمر من دون شكوى؟
> الشكاوى لا تتوقف، والبعض يأتي جاهزًا لها على أي حال. لكن هذا المهرجان الذي يبدأ دورته الثالثة عشرة هذه السنة، هو أكثر المهرجانات العربية سعيًا لعدم الوقوع في أخطاء تنظيمية، وفي تجنب ما من شأنه إثارة نقد صحيح. النقد غير الصحيح أمر يعود إلى صاحبه، أما النقد الصائب، فلا بد له من مبررات. والمهرجان الإماراتي يبذل كثيرًا من الوقت والجهد والمال في سبيل عدم إتاحة الفرصة لأي أخطاء.
> كيف يتسنى له ذلك؟ هل هناك من مهرجان في العالم لا تشوبه أخطاء؟ هل خلا تاريخ «كان» و«برلين» و«فنيسيا» من أخطاء؟ لا، ولا حتى دبي بالمقارنة. لكن المسألة المهمّة أن الغايات التي يضعها المهرجان نصب عينيه تتحقق: تشجيع ورعاية سينما إماراتية، استقطاب أفضل الأفلام العربية من كل مكان، قصيرة وطويلة، تسجيلية وروائية، داخل المسابقة ذات الجوائز الكبيرة أو خارجها. كل ذلك وسواه معمول بحسابات فنية وإدارية لا تكترث للوقت الذي تصرفه، بل للأهداف المناطة وكيفية تحقيقها.
> هي أيام قليلة تبعدنا عن الافتتاح الكبير، وعن 156 فيلمًا من 55 دولة تجتمع تحت مظلة هي بمثابة عيد سينمائي يختم عامًا بكامله.