ناشدت المحامية مونية مسلم، وزيرة التضامن والأسرة والعائلة بالجزائر، كل النساء العاملات المتزوجات التنازل عن أجورهن للحكومة لمساعدتها على مواجهة أزمة شح الموارد المالية، الناجمة عن انخفاض مداخيل بيع النفط والغاز.
وصادق البرلمان الأسبوع الماضي على قانون موازنة عام 2017، يتضمن رسوما وضرائب يتحملها المواطنون، تعكس مدى الصعوبة التي يمر بها الاقتصاد المحلي.
وقالت وزيرة التضامن لقناة تلفزيونية خاصة أمس، إن النساء الأطر في المؤسسات الحكومية والخاصة، والعاملات في أجهزة الدولة «مدعوات إلى التخلي عن كامل مداخيلهن الشهرية، أو جزء منها إن أمكن، لصالح الدولة، على سبيل المساعدة على مواجهة الأزمة المالية».
وقالت الوزيرة إنها على استعداد للتنازل عن أجرها، «وسأكون سعيدة بذلك من أجل بلدي الذي لديه أفضال كثيرة علي، ومنها أنه علمني وأوصلني إلى هذه المرتبة من المسؤولية»، وأضافت مونية موضحة «لا أجد أي مانع في أن أدفع راتبي للدولة، ما دام زوجي يتكفل بحاجياتي وحاجيات أفراد العائلة، لذلك أنا أدعو كل امرأة عاملة متزوجة أن تفعل ذلك بشرط أن تتأكد بأن زوجها قادر على الوفاء بأعباء الأسرة. وهذا أقل شيء يمكن أن نبذله في سبيل بلدنا، بل هو واجب».
وخاضت القناة التلفزيونية في نفس الموضوع مع وزراء آخرين بطرح السؤال التالي «هل أنت مستعد للتخلي عن راتبك الشهري لدعم الدولة في المجهود الذي تبذله، في سبيل التخفيف من حدة الأزمة المالية على المواطن؟». وجاء الجواب بالإيجاب من طرف وزير الثقافة الشاعر والكاتب عز الدين ميهوبي، والوزيرة المنتدبة للصناعات التقليدية عائشة طاغابو.
وانتشر الفيديو الذي تضمن دعوة الوزيرة مسلم في شبكة التواصل الاجتماعي بشكل واسع، وأثار ردود فعل كثيرة جاءت في معظمها ضد هذا المسعى، الذي يعكس حسب مراقبين صعوبة في البحث عن حل للأزمة الاقتصادية والاجتماعية، من دون المساس بجيوب ملايين الجزائريين.
وكتبت ناشطة بـ«فيسبوك» تدعى ندى الجزائرية، مبدية استنكارا لتصريحات عضو الحكومة، وقالت إنه «من المؤسف أن يصدر هذا الموقف من امرأة، إنني أعتبر كلامها عنفا معنويا ضد المرأة. إن السيدة الوزيرة لا تمثل إلا نفسها بهذا الموقف، إذ يفترض أنها تدافع عن حقوق المرأة لا أن تحرض على هضمها».
وكتب ناشط آخر يدعى فريد العربي: «على الحكومة أن تصرف اهتمامها إلى المليارات من الأموال التي ضاعت بسبب الفساد في تسيير الاقتصاد خلال الـ15 سنة الماضية، زيادة على الأموال التي تم تبذيرها في دفع مستحقات الفنانين والفنانات الأجانب الذين غنوا ورقصوا في الحفلات. على الحكومة إذن أن تدفع حساب التسيير الأعوج للدولة، بدل أن تطلب من العاملات التنازل عن أجورهن».
ونشر الكاتب الصحافي الأخضر فراط على صفحته بـ«فيسبوك»، معبرا عن استغرابه: «من أين يأتون بهؤلاء الوزراء؟ إنهم مسؤولون خارج التاريخ، وتشاؤمي بمستقبل البلاد يزداد يوما بعد يوم»، مشيرا إلى أن النساء العاملات «لا يمكن أن يدفعن الثمن من أجل وزراء غير أكفاء يفترض أن يستقيلوا من مناصبهم».
وتفيد إحصاءات الحكومة بأن المداخيل من بيع النفط والغاز نزلت من 55 مليار دولار العام 2014 إلى أقل من 27 مليار دولار خلال الـ10 أشهر الأولى من العام الجاري، وهو ما ترتكز عليه الحكومة لتبرير سياسة التقشف التي أطلقتها والضرائب التي فرضتها، والتي تتخوف منها الفئات الهشة التي يقل دخلها عن 400 دولار شهريا.
ويتفق غالبية المحللين على أن الأزمة المتولدة عن شح الموارد المالية، سببها سياسات اقتصادية «عرجاء»، أفرزت سوء توزيع ريوع النفط على الجزائريين. فقد ضخت الدولة في آلة الاقتصاد مئات المليارات من الدولارات منذ مجيء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم قبل 16 سنة، ومع ذلك ما زال الاقتصاد يعاني من تبعية شبه كلية لعائدات النفط.
جدل حاد في الجزائر بعد دعوة وزيرة إلى تنازل العاملات عن أجورهن
بحجة مساعدة الحكومة على مواجهة الأزمة المالية
جدل حاد في الجزائر بعد دعوة وزيرة إلى تنازل العاملات عن أجورهن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة