لبنان: الملف الحكومي يزداد تعقيدًا.. ومخاوف من استنزاف عهد عون في بدايته

الحقائب الخدماتية محور الخلاف.. وحصَّة فرنجية محاصرة بـ«الفيتو المسيحي»

الرئيس اللبناني ميشال عون خلال المشاورات النيابية لتأليف الحكومة (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون خلال المشاورات النيابية لتأليف الحكومة (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: الملف الحكومي يزداد تعقيدًا.. ومخاوف من استنزاف عهد عون في بدايته

الرئيس اللبناني ميشال عون خلال المشاورات النيابية لتأليف الحكومة (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون خلال المشاورات النيابية لتأليف الحكومة (دالاتي ونهرا)

يتجه ملف تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان نحو مزيد من التعقيد، في ظل الشروط الصعبة التي تضعها قوى سياسية كبرى، تقيّد مساعي الرئيس المكلّف سعد الحريري، الراغب في أن تبصر حكومته النور سريعًا، ليتسنّى لها إنجاز مشروعات مهمّة جدًا، وفي مقدمها قانون الانتخابات النيابية، وإقرار موازنة عام 2017، في وقت اعتبرت أوساط نيابية وسياسية أن وضع العقبات أمام تحرّك الحريري، مرتبط بأبعاد إقليمية، يراد منها استنزاف عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بدايته.
وعشية إتمام الشهر الأول لتكليف الحريري، تبدو مهمّة الأخير أصعب، في ظل تقاذف كرة المسؤولية والاتهامات المتبادلة بين الأطراف، التي تتنازع الحصص والحقائب الخدماتية، وأهمها وزارة الأشغال العامة التي يتمسّك رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن تبقى ضمن حصّته مع وزارة المال، لكن العقدة الأكبر تكمن في حصّة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي يربط مشاركته في الحكومة بإعطائه وزارة وازنة، كالأشغال أو الاتصالات أو الطاقة، غير أن مطلب فرنجية لا يزال يصطدم بـ«الفيتو المسيحي» المتمثّل في التيار «الوطني الحر» وحزب القوات اللبنانية، اللذين يفضلان حصر حصته بوزارة الثقافة.
في هذا الوقت، جدد رئيس مجلس النواب نبيه بري التأكيد على «الإسراع في تشكيل الحكومة». وأعلن خلال «لقاء الأربعاء» النيابي، أمس، أنه «قدم كل التسهيلات لتأليف الحكومة، وأن العقدة ليست عندي بل هي في مكان آخر». وقال بري: «منذ بداية عملية التأليف أبدينا حرصنا على كل ما يؤدي إلى ولادة الحكومة، وانتقلنا من تشكيلة الـ30 وزيرا إلى تشكيلة الـ24. كما قبلنا بالتخلي عن حقيبة وتحويلها إلى وزارة دولة من أجل تسهيل العملية، فالمشكلة ليست عندنا ونحن ننتظر».
أما عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أيوب حميد، فأعرب عن اعتقاده بأن «الملف الحكومي سهل لدرجة كبيرة، وفي نفس الوقت صعب لدرجة كبيرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس بري «أخذ على عاتقه تذليل كل العقبات، عندما يعلن التيار الوطني الحرّ إعطاء حقيبة التربية إلى تيار (المردة)، ونحن مستعدون لمقايضة الوزير فرنجية على حقيبة الأشغال العامة». وقال: «بات واضحًا أن التيار الحر ملتزم فقط بحقائب القوات اللبنانية، ويحاولون رمي المشكلة على الغير، ونحن حريصون على ولادة الحكومة أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد».
وأمام التصلّب في المواقف، والتحذير من استنزاف عهد الرئيس ميشال عون في بدايته، رأى عضو تكتل «الإصلاح والتغيير» النائب حكمت ديب، أنه «ليس بمقدور أحد أن يستنزف العهد من خلال إعاقة تشكيل الحكومة»، مذكرًا بأن العماد ميشال عون «وصل إلى رئاسة الجمهورية بتأييد شعبي ونيابي، بما لديه من مبادئ وطروحات، وصولاً إلى شراكة حقيقية في تكوين السلطة».
وشدد ديب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «العقدة التي تؤخر تشكيل الحكومة لا تزال في وزارة الأشغال التي يتمسّك بها تيار (المردة) للمشاركة في الحكومة، بينما يرفض الرئيس نبيه بري التخلي عنها»، معتبرًا أن «إصرار البعض على التمسك بوزارات معينة لا يقدم تسهيلاً للحكومة». وقال: «قد يكون عدم إقرار قانون الانتخابات هو السبب الأساس الذي يعرقل تأليف الحكومة». لكنه توقع «تسهيلات في اليومين المقبلين تذلل عقدًا كثيرة».
وللدلالة على أن الرئيس بري حريص على تسريع ولادة الحكومة، قال النائب أيوب حميّد: «لا شكّ أن تخلي التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية عن حقيبة التربية وإعطائها للوزير فرنجية يحل المشكلة، ونحن مستعدون للمساعدة حتى على حسابنا لتسهيل مهمة الرئيس سعد الحريري»، معتبرًا أن «تهميش دور فرنجية مرتبط بمناخات معينة، وله خلفيات واضحة أبعد بكثير من حقيبة وزارية».
وعطفا على مقولة الرئيس نبيه بري بأن يبقى القديم على قدمه في الحكومة من أجل التسهيل، بينما يطلب من التيار الوطني الحر التخلي عن حقيبة التربية، ذكّر النائب حميّد بأن «القوات اللبنانية لم تكن موجودة في حكومة تصريف الأعمال». وسأل: «هل يعني القديم على قدمه، أن تبقى القوات خارج الحكومة؟ ولماذا تصرّ القوات على نيل حقائب أكثر من حجمها النيابي؟».
ولا تزال الحملة الإعلامية التي تشنّها صحف لبنانية محسوبة على ما يسمى «حزب الله»، وتستهدف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ومن خلفه رئيس الجهورية العماد ميشال عون، تتفاعل، لكن عضو تكتل «الإصلاح والتغيير» النائب حكمت ديب قلل من أهميتها، واعتبر أن هذه الحملة لم تكن سوى «رسالة للتشويش والحرتقة»، وهي لن تؤثر على تحالفنا المتين مع المقاومة. وقال: «المشكلة ليست مع (حزب الله) ولا مع الطائفة الشيعية. المقصود من هذه الحملة، توتير الأجواء للاستفادة منه في عرقلة الحكومة».
بدوره، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري أن «العرقلة الحكومية ذات بعدين: إقليمي وداخلي»، مشيرا إلى أن «العقد ليست مستعصية، لكن لها خلفية سياسية، والحل يكون في السياسة وليس في توزيع الحقائب». ورأى أن «العقد التي توضع في مسار التأليف هي في تكريس كل فريق من المعترضين حجما وإرادة معينة»، لافتا إلى أن «الأسماء والحقائب تشكل ما هو معلن من رأس جبل الجليد، إنما العقدة الحقيقية تكمن في القلوب (المليانة) التي انفجرت في هذا الوقت».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.