هل تنجح أنجيلا ميركل هذه المرة؟

بيرنهارد فوغل: خوض الانتخابات دونها صعب لكن الفوز معها أصعب

هل تنجح أنجيلا ميركل هذه المرة؟
TT

هل تنجح أنجيلا ميركل هذه المرة؟

هل تنجح أنجيلا ميركل هذه المرة؟

موضوع ترشيح المستشارة أنجيلا ميركل لفترة رابعة، وإذا كانت ستنجح هذه المرة أيضًا في كسب ثقة الناخبين، أم أنها ستفشل أمام التحديات الجديدة، أشغل المراقبين والمعلقين. حالة الجدل هذه اندلعت بعد أشهر من التكهنات في وسائل الإعلام الألمانية، بعد أن حسمت المستشارة أنجيلا ميركل الجدل حول انتخابات 2017 بأن رشحت نفسها عن الحزب الديمقراطي المسيحي لفترة مستشارية قادمة.
الديمقراطي المسيحي العجوز بيرنهارد فوغل، الذي ترأس في الثمانينات والتسعينات الحكومات المحلية في ولايتي بادن فورتمبرغ وتورنغن، وصف الموقف مؤخرًا كالآتي: إن خوض الانتخابات دون أنجيلا ميركل صعب، ولكن الفوز معها أصعب. ولخص الثعلب المسيحي العجوز بتصريحه هذا الوضع داخل الحزب المحافظ، كما لخص صعوبة الفوز هذه المرة.
إن ولاية جديدة لميركل ستكسبها لقب «المستشارة الأبدية» الذي كسبه قبلها المستشار الأول بعد الحرب كونراد أديناور، ومن ثم المستشار العجوز هيلموت كول الذي حكم 16 سنة. علما بأن ميركل تقود الحزب الديمقراطي المسيحي منذ 16 سنة، وتحتل كرسي المستشارية منذ 12 سنة. وربما ستواصل ميركل قيادة الحزب وإن فشلت في سباق المستشارية. وما يزال بعض الألمان يرفض تصديق أن «الفتاة» (هكذا كان هيلموت كول يسميها)، التي لا تزيد خبرتها السياسية عن العضوية في منظمة الشبيبة الشيوعية في ألمانيا الشرقية، يمكن أن تقود دولة باقتصاد جبار مثل ألمانيا.
فقدت ميركل في السنتين الأخيرتين الكثير من شعبيتها، لكنها بدأت تستعيد عافيتها بعد أن هبطت موجة اللاجئين، ونجت ألمانيا بـ«الحظ» من عمليات إرهابية كبيرة على غرار ما حصل في باريس وبروكسل. وكان وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير أكد أكثر من مرة أن ألمانيا في هدف الإرهابيين وأن الحالة خطرة جدًا، لكنه علل نجاة ألمانيا من الإرهاب بيقظة أجهزة الأمن وبـ«الحظ». وتشير آخر استطلاعات الرأي من معهد «ايمند»، قبل إعلان ميركل عن ترشيح نفسها جدًا لمنصب المستشارية، إلى أن 52 في المائة من الألمان يتمنون أن ترشح نفسها مجددًا. لكن الحديث عن استطلاعات الرأي اليوم سيكون عجولاً، لأن هناك 10 أشهر طويلة تسبق فتح صناديق الاقتراع يمكن أن تغير مزاج الناس بشكل حاسم. ويتساءل البعض: ماذا سيحدث لو أن «الحظ» فارق ألمانيا مرة وضرب الإرهابيون، ممن تسللوا إلى البلد مع اللاجئين، ضربة قوية تعيد إلى أذهان الألمان أخطاء سياسة ميركل تجاه اللاجئين؟.
ومنح استطلاع الرأي الأخير لمعهد ايمند الأحزاب السياسية الألمانية النسب التالية: الاتحاد المسيحي 33 في المائة، الحزب الديمقراطي الاشتراكي 23 في المائة، حزب البديل لألمانيا 12 في المائة، حزب الخضر11 في المائة، حزب اليسار 10 في المائة، الحزب الليبرالي 5 في المائة.
واضح أيضًا أن البرلمان الألماني المقبل سيتشكل من 6 أحزاب، وهذا ما تؤكده استطلاعات الرأي الحالية. ولا شك أن مثل هذا البرلمان، وتناقض القوى فيه بين اليسار واليمين المتطرف، لن يترك أمام ميركل كثيرًا من الخيارات، حتى وإن فازت كأقوى حزب في الانتخابات. والخيار الأكبر هو إعادة سبك التحالف مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي لتحقيق الأغلبية اللازمة. ولكن، ماذا سيحدث لو انحاز الاشتراكيون إلى «جبهة اليسار» وشكلوا الحكومة مع حزب الخضر وحزب اليسار؟. وسبق لجبهة اليسار أن اجتمعت مؤخرا لمناقشة هذا الخيار في مبنى البرلمان الألماني، وبحضور رئيس الحزب الاشتراكي زيغمار غابرييل لأول مرة. واضح أيضًا أن التحالف مع الخضر لا يكفي لبناء الأغلبية، وكذلك التحالف مع الحزب الليبرالي فقط، لكن الليبراليين فشلوا قبل 4 سنوات في تخطي حاجز الـ5 في المائة وبقوا خارج البرلمان، وربما يعيد التاريخ نفسه. هذا يعقّد أمام ميركل إمكانية تشكيل الحكومة المقبلة من أكثرية يشكلها المسيحيون مع الخضر والليبراليين. كتب اخيم فيندلر، المحلل السياسي الرئيسي في قناة التلفزيون الأولى (ارد)، تعليقًا يتوقع فيه أن تفشل ميركل هذه المرة. وقال فيندلر إنه إذا واصلت ميركل سياستها كما بدأت فيها عند إعلان ترشيحها لمنصب المستشارية قبل أيام، فإنها ستفشل. ولاحظ المحلل الرئيسي، في محطة برلين، أن خطاب ميركل افتقد إلى قوتها وتصميمها السابقين، وأنه كان بلا مضامين ولا خطط ولا وعود، وكان مجرد «التزام». وأضاف أن خطاب ميركل المذكور كان فاشلاً من ناحية الشكل والمضمون. من ناحية الشكل لأنه لم يكن جذابًا للناخبين، وبدأت فيه بالقول إنها «فكرت» كثيرًا هذه المرة، وهذا لا يعكس قوة ولا ثقة بالنفس. ومن ناحية المضمون يرى فيندلر أنها تحدثت عن ثلاثة مواضيع تدور حول «إن الوقت صعب جدًا» و«إن لديها أفكارا» ثم تحدثت عن «أهم هدف» في رأيها، وهو تحقيق «الانسجام» في المجتمع الألماني. وبرأيه أنها نفس المواضيع الثلاثة التي طرحتها عند إعلان ترشيح نفسها قبل أربع سنوات، وأن هذا لن يدفع الناخبين للتصويت لها.
واعتبر المحلل أن الدعوة إلى الانسجام موجهة إلى داخل حزبها أولاً، وإلى الاتحاد المسيحي ثانيًا، كما أنها موجهة إلى الحزب الاشتراكي في دعوة واضحة لتجديد التحالف الكبير بينهما.
ولن تكون الحملة الانتخابية المقبلة سهلة أمام ميركل، ولن تكون ضد خصوم «طيعين»، وإنما ضد خصوم أقوياء ومصممين سواء من داخل الحزب الاشتراكي أو حزب الخضر أو حزب اليسار أو حزب البديل لألمانيا. ويسعى الاشتراكيون بكل قوة هذه المرة لانتزاع الحكومة من المسيحيين كما نجح غيرهارد شرودر في ذلك سنة 1998 أمام هيلموت كول.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».