726 خرقا انقلابيا أفشلت تمديد وقف النار في اليمن

الجيش اليمني يعلن استئناف القتال في الجبهات كافة * عسيري لـ «الشرق الأوسط»: الانقلابيون لم يحضروا إلى ظهران الجنوب

مقاتلو الجيش اليمني بعد تحريرهم إحدى جهات تعز (رويترز)
مقاتلو الجيش اليمني بعد تحريرهم إحدى جهات تعز (رويترز)
TT

726 خرقا انقلابيا أفشلت تمديد وقف النار في اليمن

مقاتلو الجيش اليمني بعد تحريرهم إحدى جهات تعز (رويترز)
مقاتلو الجيش اليمني بعد تحريرهم إحدى جهات تعز (رويترز)

أعلنت قوات الجيش اليمني، أمس، عملية عسكرية واسعة النطاق في مختلف الجبهات لتحرير المناطق التي تقع تحت سيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، في أعقاب توقف هدنة وقف إطلاق النار في اليمن وانتهائها أمس، بعد أن استمرت لـ48 ساعة، وأفشلها انقلابيو اليمن بـ726 اختراقا داخل اليمن وعلى الحدود السعودية وفقا للواء أحمد عسيري المستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي المتحدث باسم التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن.
وأوضح اللواء عسيري في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن الانقلابيين لم يحضروا في اجتماع لجنة التهدئة والتنسيق في ظهران الجنوب، لتسجيل حالات خرق الهدنة السابعة التي انتهت ظهر أمس، مشيرا إلى أن «الحوثيين لم يقوموا بخدمة المجتمع الدولي ولا خدمة أنفسهم في الوصول إلى تسوية، بل سيجدون الجواب من التحالف على الأرض»، مؤكدا أن عمليات إطلاق النيران على الحدود السعودية، لا تزال مستمرة من الانقلابيين، وتقوم القوات المسلحة السعودية بواجبها بالرد عليهم، ورصد مصدر النيران في داخل الأراضي اليمنية لتدميره».
وأضاف عسيري أن «المجتمع الدولي والجميع حريصون على أن يكون هناك التزام بالهدنة، إلا أن هناك طرفا لا يريد الالتزام وهذه هي المرة السابعة التي يثبت للمجتمع الدولي فيها أن هؤلاء ليست لديهم الرغبة والالتزام بالوصول إلى حل سياسي، ونحن موقفنا لم يتغير».
ولفت المتحدث باسم التحالف إلى تسجيل 563 خرقا للهدنة من قبل الانقلابيين داخل اليمن، و163 خرقا على الحدود السعودية اليمنية.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه قيادة التحالف مسبقا بأن تمديد الهدنة مرهون بالتزام ميليشيات الانقلاب (الحوثي – صالح).
وقالت مصادر مقربة من الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن جبهات القتال زادت اشتعالا، بعدما استغل الانقلابيون يومي الهدنة وتوقف طيران التحالف، لإرسال المزيد من التعزيزات إلى تعز والضالع والبيضاء والجوف وغيرها من المحافظات.
وأعلنت قوات الجيش اليمني استئناف القتال في كافة الجبهات، بعد ساعات على انتهاء هدنة وقف إطلاق النار. وقال الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد الركن عبده مجلي إن العمليات العسكرية استؤنفت في مختلف الجبهات بعد انتهاء الهدنة التي لم يلتزم بها الانقلابيون على الإطلاق رغم أن الجيش التزم بوقف إطلاق النار وفقًا لتوجيهات القيادة السياسية والعسكرية.
وأكد العميد مجلي أن استئناف القتال يعني استئناف عملية التحرير «حتى استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب وتطهير كل شبر في اليمن»، وأشار إلى أن «الجيش مسنودا بالمقاومة وطيران التحالف العربي حقق اليوم انتصارات جديدة في محافظة تعز وتمكن من تحرير موقع الدفاع الجوي شمال المدينة، وأن المعارك قد استؤنفت في مختلف الجبهات وأن الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت ولن يقف أمام عملية التحرير أي عائق».
وأردف المتحدث باسم الجيش اليمني أن «الميليشيات الانقلابية كما هو معروف عنها لا تلتزم بعهد ولا ميثاق واستمرت في خروقاتها واعتداءاتها على مواقع الجيش في جميع المناطق، واستمرت في قصف المدنيين وإرسال الصواريخ الباليستية على المدن في الداخل والخارج».
وفي تعز، دمرت ميليشيات الحوثي وصالح 195 منزلا ومنشأة في حي الجحملية بتعز، وسط اشتداد المعارك، ونجحت القوات في تحرير معسكر الدفاع الجوي الاستراتيجي في المحافظة.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري في تعز، العقيد الركن منصور الحساني لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش اليمني حقق تقدما كبيرا في مختلف جبهات القتال وتمكن، أمس، من استكمال تحرير موقع الدفاع الجوي الاستراتيجي، شمال غربي المدينة، إضافة إلى تحقيق تقدم كبير في حي بازرعة، شرق تعز، والاقتراب من تطهيره بالكامل، وذلك بعد مواجهات عنيفة مع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، وأجبروها على التراجع والانسحاب من مواقعهم».
وأضاف أن «الميليشيات الانقلابية استمرت بخروقاتها لهدنة وقف إطلاق النار ولم تلتزم بها منذ بدء سريانها، حيث تمثلت هذه الخروقات في القصف بالأسلحة الثقيلة والضرب بالرشاشات المدفعية والمتوسطة ومحاولة الهجوم على مواقع الجيش الوطني في جميع الجبهات القتالية، حيث تركز قصفها بشكل أعنف على الأحياء السكنية والقرى المجاورة وعلى مواقع قوات الجيش».
وذكر أن ميليشيات الحوثي وصالح شنت أكثر من هجوم على مواقع الجيش وتركز الهجوم على «القطاع الأول والقطاع الثاني في الجبهة الشرقية وهجومهم على حي العسكري ووحي بازرعة وكذلك القطاع الخامس في الزنوج، الجبهة الشمالية، والقطاع السادس في جبهة الشقب بصبر، شنت هجومها على دار مزعل في قرية الشق، وجبل الهان في الجبهة الغربية، وجبهة الصلو، جنوبا، حيث تمكنت القوات من تحقيق تقدم فيها والسيطرة على مواقع جديدة، وتمكنت القوات من صد جميع هجماتهم وتكبيد الميليشيات الانقلابية الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد».
وأكد الحساني أن قوات الجيش اليمني «تمكنت من تطهير منطقة الخلل بالأقروض بمديرية المسراخ، جنوب المدينة التي ترتبط مع مناطق في مديرية دمنة خدير، وأصبح التوجه الآن نحو منطقة دمنة خدير، جنوب شرقي تعز، حيث تتواجد الميليشيات الانقلابية، في الوقت الذي ما زالت المواجهات مشتعلة في المدينة وفي جبهات حيفان والصلو الريفية».
وارتكبت الميليشيات الانقلابية الخروقات منذ بدء سريان الهدنة، من قصف للأحياء السكنية في مدينة تعز والقرى بمختلف أنواع الأسلحة وكذلك مواقع الجيش اليمني وتسببت في سقوط ضحايا من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، والدفع بتعزيزات عسكرية إلى محيط المدينة ومواقعها في جبهة الصلو.
وبعد مواجهات عنيفة، تمكنت قوات الجيش اليمني من تحقيق تقدم واسع في مختلف الجبهات في المدينة والريف، وحررت موقع الدفاع الجوي بعد مواجهات عنيفة، وبمساعدة قوات التحالف العربي، وأجبروا الميليشيات الانقلابية على التراجع والانسحاب بعد سقوط عدد من القتلى والجرحى من ميليشيات الحوثي وصالح.
ومن خلال السيطرة على تبة الدفاع الجوي، شمال غربي المدينة، تمكنت قوات الجيش اليمني من تأمين المدينة السكنية والزنقل والزنوج والدمينة وصولا إلى معسكر اللواء 35. بما فيها السيطرة النارية على التباب المحيطة، كون التبة أكثر ارتفاعا من غيرها في المنطقة، وتطل على شارع الخمسين والوصول إلى شارع الستين من ثلاثة اتجاهات، وذلك بحسب مصادر عسكرية ميدانية لـ«الشرق الأوسط».
وجراء الخسائر الكبيرة التي لحقت بها، تواصل ميليشيات الحوثي وصالح الدفع بتعزيزات عسكرية من جميع مواقعها إلى أطراف مدينة تعز، حيث عثرت قوات الجيش اليمني والقوات الموالية على مصنع خاص بصناعة المتفجرات التابعة للميليشيات الانقلابية في أحد المباني السكنية شرق المدينة، وذلك بعد تحرير الأحياء السكنية في المنطقة.
وشمل المصنع معدات ومواد متفجرة وعبوات ناسفة متعددة وصواريخ كانت تحضرها الميليشيات لتستخدمها في عملياتها العسكرية ضد الجيش اليمني والمواطنين في تعز، بعدما استخدما مثلها في وقت سابق وتسببت في سقوط قتلى وجرحى من المدنيين وخسائر مادية كبيرة.
في المقابل، كشف فريق اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، تدمير ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية لـ195 منزلا ومنشأة في حي الجحملية بمدينة تعز، شرق المدينة.
وقالت اللجنة في بيان لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «خلال زيارته الميدانية، إلى حي الجحملية، رصدت دمارا هائلا»، وقالت عضوة اللجنة الوطنية، المحامية إشراق المقطري، التي تترأس الفريق «إنهم زاروا حي الجحملية لغرض التحقُق من وقائع الألغام وتفاجأوا بحجم الدمار الهائل الذي خلفته الحرب»، وأضافت أن «هذه الممتلكات تقع في مساحة ما نسبته 70 في المائة من مساحة الحي الذي ما زال 30 في المائة منه مزروعا بالألغام ولم يسمح لها وفريقها بدخوله».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».