تجدد الاشتباكات بين السلطة ومسلحين في نابلس يعزز المخاوف من «الفوضى»

مقتل سيدة وإصابة 3 من عناصر الأمن في أحدث مواجهات

تجدد الاشتباكات بين السلطة ومسلحين في نابلس يعزز المخاوف من «الفوضى»
TT

تجدد الاشتباكات بين السلطة ومسلحين في نابلس يعزز المخاوف من «الفوضى»

تجدد الاشتباكات بين السلطة ومسلحين في نابلس يعزز المخاوف من «الفوضى»

تفجرت في مدينة نابلس بالضفة الغربية، اشتباكات جديدة بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين، أدت لمقتل سيدة وإصابة 3 من عناصر الأمن؛ جراح أحدهم خطيرة، مما أشعل مجددا مخاوف من تحول الأمر إلى فوضى وفلتان.
وكان سكان البلدة القديمة في نابلس، قد استفاقوا مرة أخرى، على اشتباكات عنيفة ألفوها في الأشهر القليلة الماضية، بعدما اتهمت السلطة مسلحين بمهاجمة عناصرها في أكثر من موقع، فيما اتهم المسلحون الأجهزة الأمنية باقتحام البلدة لاعتقالهم، وقد استمرت الاشتباكات لساعات.
وأعلنت السلطة الفلسطينية أن 3 من عناصرها أصيبوا بالرصاص؛ بينها إصابة بالغة في الرقبة. وقالت مصادر طبية، إن امرأة قتلت بالرصاص خلال الاشتباكات.
وأعادت الاشتباكات الجديدة إلى الأذهان أحداثا مماثلة وقعت في الشهرين الماضيين، انتهت بمقتل 5 في نابلس، بينهم اثنان من قوات الأمن تعرضا لكمين، و3 قالت السلطة إنهم مطلوبون؛ اثنان منهم بالرصاص، وثالث بالضرب بعد اعتقاله، وهي حادثة لا تزال تثير التوتر.
وقال أكرم الرجوب، محافظ نابلس، إن الاشتباكات المسلحة بدأت عندما أطلق مسلحون النار على مواقع لأجهزة الأمن الفلسطينية، بالتزامن مع اقتحام إسرائيلي للمدينة، متعهدا بمواصلة العمل ضد المسؤولين عن هذه الحوادث.
وردت النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح، نجاة أبو بكر، بالمطالبة بعزل الرجوب، قائلة إنها رغبة أهالي محافظة نابلس، بعد تكرار عمليات القتل في المدينة، بحسب تعبيرها. وهجوم أبو بكر على الرجوب، يأتي ضمن آراء مماثلة لمسؤولين محليين من فتح في نابلس، وهو ما يزيد من تعقيد المسألة.
لكن مصادر في السلطة أشارت إلى أن جميع منتقدي السلطة محسوبون على القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، وهو أمر نفاه المسلحون مرارا.
وتقول السلطة، من دون أن تشير إلى دحلان مباشرة، إن المسلحين الذين كان بعضهم عناصر في الأمن أو محسوبين على حركة فتح، مطلوبون للقضاء، ويقول المسلحون إن ما يجري هو استهداف للمخيمات بالأساس.
ويخشى كثير من الفلسطينيين من أن تكرار حوادث القتل قد يدفع البعض إلى أخذ القانون باليد، خصوصا مع المحاولات المتكررة لاستهداف عناصر الأمن وحوادث قتل رجال أمن ومطلوبين وأبرياء عزل.
ويزيد من هذه المخاوف ما كان أعلنه في وقت سابق رئيس الوزراء الفلسطيني وزير الداخلية، حول وجود جهات نافذة تقف وراء الفلتان، وأنه لا حصانة لهم ويجب اعتقالهم.
ووصف الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري، ما جرى في نابلس بأنه «مؤشر خطير، لا يمكن تجاوزه». وأضاف في كلمة له في حفل إحياء ذكرى إعلان الاستقلال، بقاعة «القصور» في مدينة رام الله: «ما حدث دليل على أن هؤلاء لا يعملون إلا بحماية الاحتلال، وهو تأكيد على أن هؤلاء يعملون بتمويل وإعداد وتجهيز من الاحتلال».
ورفض الضميري اتهام الأجهزة الأمنية باستهداف المخيمات، قائلا إن أي أحد لن ينجح في إحداث شرخ بين المؤسسة الأمنية والشعب. وقال الضميري: «كل مخيمات فلسطين مصدر عز وفخر، والشاهد على القضية الفلسطينية، ولن نتركها لمحاولات تحويلها إلى وكر للهاربين من العدالة»، مشددا على أن الأجهزة الأمنية «هي الأمينة والمؤتمنة على أمن فلسطين وشعبها وحريته، وهي حامية المشروع الوطني التحرري، ولا انفصام بينها وبين شعبها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.