موسكو تصفق لترامب لكن بتفاؤل حذر

تصريحاته الإيجابية نحو روسيا جعلت منه مرشح الكرملين المفضل

موسكو تصفق لترامب لكن بتفاؤل حذر
TT

موسكو تصفق لترامب لكن بتفاؤل حذر

موسكو تصفق لترامب لكن بتفاؤل حذر

استقبلت النخب السياسية الحاكمة في روسيا نبأ فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية بسعادة وارتياح ترافقا مع تفاؤل حذر حيال مستقبل العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بعد تولي ترامب مهامه الرئاسية. ولعل التعبير الأكثر انفعالا وحماسية عن السعادة بفوز ترامب كان في قاعة مجلس الدوما (البرلمان الروسي)، حين استقبل نواب الشعب الأنباء عن فوزه خلال جلستهم الصباحية بالتصفيق الحار. أما فلاديمير جيرينوفسكي، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، الذي يرى فيه كثيرون «ترامب روسيا»، فقد قررت كتلته النيابية توجيه الدعوة لكل أعضاء البرلمان وللصحافيين لتناول الشراب والحلوى بمناسبة فوز ترامب بالرئاسة الأميركية.
قبل ذلك كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أبرق إلى ترامب مهنئًا، وفق ما ذكر المكتب الصحافي في الكرملين، وأشار إلى أن بوتين أعرب في برقيته عن أمله بالعمل المشترك لإخراج العلاقات الأميركية - الروسية من حالتها المتأزمة، وكذلك في حل القضايا الدولية الملحة، وفي البحث عن ردود فعالة على التحديات التي تواجه الأمن العالمي. كما عبر الرئيس الروسي عن ثقته بأن «إقامة علاقات بناءة بين موسكو وواشنطن، على أساس مبادئ المساواة، والاحترام المتبادل وأخذ مصالح بعضهم بعضا بالحسبان، يلبي تطلعات شعبي البلدين والمجتمع الدولي بأسره». وفي تعليقه على وعود ترامب الانتخابية بشأن تحسين العلاقات مع موسكو وصف بوتين المضي في تنفيذ تلك الوعود والتطبيع بين البلدين بأنه «درب غير سهل، نظرا لذلك المستوى من التوتر الذي تمر به العلاقات حاليا بين روسيا والولايات المتحدة»، وأكد خلال مراسم تسلمه أوراق اعتماد السفراء الأجانب أن موسكو تريد إعادة العلاقات الشاملة مع الولايات المتحدة الأميركية، وهي «مستعدة لاجتياز الجزء الخاص بها من الدرب» نحو استعادة العلاقات.
على مستوى الدبلوماسية الروسية كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف متحفظا جدا في تعليقاته على فوز ترامب، وشدد على أن «موسكو ستقيم عمل الإدارة الأميركية الجديدة بالأفعال وسترد بالمثل»، مؤكدا استعداد موسكو للعمل مع أي رئيس، رافضا الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان يرى بفوز ترامب تطورا إيجابيًا، واكتفى بالإشارة إلى أن روسيا لا تفضل أحدا على آخر و«سنعمل مع أي رئيس جديد للولايات المتحدة ينتخبه الشعب الأميركي» حسب قوله.
أما البرلمان الروسي فقد اتسمت تعليقات بعض المسؤولين فيه بالتفاؤل الممزوج بفرحة لفوز ترامب، مع تعليقات أخرى تحمل في طياتها تفاؤلا حذرا وتمنيات بأن يشكل مجيء ترامب بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين. حيث وصف ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي، فوز ترامب بأنه «فجر الآمال» للعالم كله، موضحا أنه يقصد «الآمال بتحولات إيجابية محددة في العلاقات الأميركية - الروسية، انطلاقا من الشعارات التي رفعها ترامب في حملته الانتخابية»، وكذلك «الآمال في أن يتم طي نهج الإدارة الأميركية السابق الساعية إلى بناء عالم أحادي القطب».
إلا أن فيتشيسلاف فالودين رئيس مجلس الدوما لم يكن بالدرجة نفسها من التفاؤل، بل كان حذرا بعض الشيء في تعليقه على فوز ترامب وتأثير ذلك على مستقبل العلاقات بين موسكو وواشنطن، واكتفى بالتعبير عن أمله في أن «حوارا أكثر موضوعية سيصبح ممكنا في ظل الرئيس الجديد في الولايات المتحدة»، واعدا بأن «يرحب البرلمان الروسي ويؤيد أي خطوة في هذا الاتجاه». أما ديمتري نوفيكوف، النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، فقد كان تقييمه لتأثير فوز ترامب على مستقبل العلاقات مع روسيا مزيجا من التفاؤل والتشاؤم، وفي إشارة إلى أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية على صلة بهواجس محلية، وصف نوفيكوف فوز ترامب باعتباره «إشارة بأن كثيرا من المشكلات قد تراكمت في الولايات المتحدة، وهيلاري كلينتون تمثل استمرارية للنهج السابق، ولهذا فإن نتيجة الانتخابات تعني السعي لتغيير شيء ما» حسب قوله. معربا عن قناعته بأنه «من المبكر تعليق الآمال على تحولات جذرية في سياسة البيت الأبيض»، موضحًا أن «ترامب سيكون رئيسا لبلاده وسيتحتم عليه العمل مع النخب السياسية الحاكمة». وبلهجة تعكس رغبة موسكو في تجاوز الأزمة في العلاقات مع واشنطن يتابع نوفيكوف عرض وجهة نظره ويقول إن «ظهور شخصية جديدة في البيت الأبيض تشكل إمكانية جيدة حتى للولايات المتحدة ذاتها كي تخرج بكرامة من تلك المصائد التي ظهرت في الفترة الماضية»، وفي هذا السياق «بوسع ترامب أن يدخل تعديلات على عدد من محاور السياسة الخارجية، دون أن يبدو هذا كهزيمة مؤلمة للولايات المتحدة بل كتعزيز للموقف الأميركي على الساحة الدولية»، حسب قول البرلماني الروسي ديمتري نوفيكوف.
ولما كان التباين في المواقف حيال الأزمة السورية أحد أهم الملفات الخلافية بين موسكو وواشنطن في عهد إدارة أوباما، فإن موسكو تعلق الآمال على تحولات في الموقف الأميركي من الأزمة السورية في عهد رئاسة ترامب. وهو ما أكده الكرملين على لسان ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، الذي أعرب عن أمله في تصريحات صحافية أمس بأن يتم تحقيق تقدم في الشأن السوري مع الإدارة الأميركية الجديدة، مشددا على أن العمل في هذا الشأن مستمر مع الإدارة الحالية. في حين يرى فيكتور أوزيريف رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الدوما أن الولايات المتحدة قد تتخلى عن فكرة الإطاحة برأس النظام السوري، وينطلق أوزيريف باستنتاجاته هذه «من جملة تصريحات أطلقها ترامب، وتشير إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون مهتمة بالتصدي للإرهاب أكثر من اهتمامها بالإطاحة بالأسد»، و«هي قد تتخلى عن تلك الفكرة في عهد ترامب» حسب قول أوزيريف، الذي أضاف أن التعاون بين موسكو وواشنطن في سوريا قد يعود بعد تولي ترامب مهامه إلى المستويات التي كان عليها حين أطلقت روسيا عمليتها الجوية في سوريا خريف عام 2015.
ويعود هذا الترحيب الروسي بفوز دونالد ترامب بالرئاسة في الولايات المتحدة وخسارة المرشحة هيلاري كلينتون إلى موقفيهما من موسكو وسياساتها في ملفات عدة، وبينما كانت كلينتون توجه الاتهامات لموسكو وتتوعد باتخاذ خطوات للتصدي لسياسات الكرملين كان المرشح ترامب يطلق مواقف تحمل إشارات إيجابية نحو الكرملين، وبصورة خاصة تلك التي تتعلق بالدور الروسي في الأزمة السورية، إذ أظهر ترامب توافقا مع موسكو بشأن مسلحي المعارضة في سوريا واعتبارهم جماعات إرهابية، وقال إنه لا يجوز تسليحهم، كما دعا إلى التعاون مع روسيا في «التخلص من (داعش) وعدم عرقلة جهودها في هذا المجال.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».