الفلسطينيون لا ينتظرون من ترامب الكثير.. لكنهم يتمسكون بـ«أمل» السلام

وعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس تكرر 20 مرة ولم ينفذ

ليلة الانتخابات في مبنى السفارة الأميركية في تل أبيب التي وعد دونالد ترامب بنقلها إلى القدس (رويترز)
ليلة الانتخابات في مبنى السفارة الأميركية في تل أبيب التي وعد دونالد ترامب بنقلها إلى القدس (رويترز)
TT

الفلسطينيون لا ينتظرون من ترامب الكثير.. لكنهم يتمسكون بـ«أمل» السلام

ليلة الانتخابات في مبنى السفارة الأميركية في تل أبيب التي وعد دونالد ترامب بنقلها إلى القدس (رويترز)
ليلة الانتخابات في مبنى السفارة الأميركية في تل أبيب التي وعد دونالد ترامب بنقلها إلى القدس (رويترز)

لم تأت رياح الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية بما اشتهت السفن الفلسطينية؛ فالنتائج التي حملت دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة هناك، كانت آخر ما ينتظره الفلسطينيون التي تعاني قضيتهم «الإهمال» الدولي الشديد «والانحياز» القاهر لإسرائيل.
هنأ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الرئيس الأميركي المنتخب، وقال إن «الرئيس المنتخب ترامب هو صديق حقيقي لدولة إسرائيل. وسنعمل سويا من أجل دفع الأمن والاستقرار والسلام في منطقتنا». وتابع: «العلاقة المتينة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تستند إلى قيم مشتركة ومصالح مشتركة ومصير مشترك. وأنا واثق من أن الرئيس المنتخب ترامب وأنا سنستمر في تعزيز الحلف المميز بين إسرائيل والولايات المتحدة وسنجلبه إلى مرتفعات جديدة».
من جهته، خرج رئيس حزب «البيت اليهودي» الاستيطاني وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بتصريح قال فيه إنه يعتبر فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، بمثابة «فرصة للتراجع عن فكرة إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل».
وقال بينيت إنه إذ يهنئ رئيس الولايات المتحدة المنتخب، ويشكر هيلاري كلينتون على صداقتها لإسرائيل، يثق بأن «العلاقة المميزة بين الولايات المتحدة وإسرائيل باقية، بل وستتعزز». وإنه يرى في هذا الفوز «انتصارا للحقيقة البسيطة على المسلمات القديمة الزائلة، وانتصارا لمصلحة الدولة على النخب المنهارة أمام أعيننا». بدوره، صرّح رئيس بلدية القدس الغربية نير بركات، الذي يحاول طرح نفسه بوصفه مرشحا يمينيا لرئاسة الحكومة بعد عهد بنيامين نتنياهو، بأنه ينبغي متابعة تنفيذ ترامب وعوده الانتخابية، وفي مقدمتها وعده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالقدس الموحدة «عاصمة إسرائيل الأبدية».
لكن مع ذلك تعاطت الدبلوماسية الفلسطينية بكثير من الكياسة مع الرئيس الجديد، مذكرة إياه «بالأمل الفلسطيني» أن يتحقق السلام العادل خلال ولايته. وهنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمناسبة انتخابه، آملا منه أن يحقق السلام العادل خلال ولايته. وتقدم عباس في برقية تهنئة لترامب، باسمه واسم دولة فلسطين وشعبها: «بالتهاني القلبية بتوليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية»، متمنيا له «التوفيق والنجاح في المهام الجديدة الموكلة إليه، وداعيا الله تعالى أن يتحقق بعهده السلام العادل والشامل في المنطقة والعالم أجمع».
ورسالة عباس «الضرورية» إلى ترامب، ترجمها المتحدث باسمه نبيل أبو ردينة بتأكيده أن أي تعامل مع أي رئيس ينتخبه الشعب الأميركي، سيجري «على قاعدة تحقيق السلام في الشرق الأوسط، القائم على أساس حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين».
وزاد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات بقوله «نأمل من الإدارة الأميركية المقبلة أن تحول الحديث عن مبدأ حل الدولتين إلى تحقيق هذا المبدأ على الأرض؛ لأن الأمن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة لن يأتي إلا بهزيمة الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل»، مذكرا ترامب بأن الحزبين الجمهوري والديمقراطي أثناء رئاسة جورج بوش الابن، وباراك أوباما، أعلنا أن مبدأ حل الدولتين هو مصلحة وطنية عليا.
ولا تعبر أماني المسؤولين الفلسطينيين عن حقيقة ما يعتقدونه أو يعتقده شعبهم بالنسبة لترامب، على الرغم من أنه قال في إحدى المقابلات التلفزيونية إن أحد الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها حال وصوله للرئاسة هو «تحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها»، وهو لا يعتقد «أن هذا يمكن أن يتحقق بتصنيف طرف بالخيِّر والآخر بالشرير».
ولا ينسى الفلسطينيون لترامب نفسه، وعده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، قبل نحو شهر، ورد عليه عريقات آنذاك بقوله: «تمثّل تصريحاته احتقارًا للقانون الدولي وللسياسة الخارجية الأميركية». وهذا الوعد الذي اغضب الفلسطينيين ظاهريا، لا يبدو أنه يقلقهم عمليا.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني إن «الحملات الانتخابية تحمل الكثير من المواقف التي تستهدف جمهور الناخبين، لكن السياسة الأميركية تحكمها مؤسسات سياسية». ويؤكد الدكتور ناصيف معلم، رئيس المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية، أن «هذا الوعد ليس مقلقا على نحو خاص؛ لأنه استخدم دائما ضمن الدعايات الانتخابية الأميركية. كل الرؤساء استخدموه»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا مخالف للقانون الدولي وسيكلف ترامب صراعات ليس بوارد الإدارات الأميركية دخولها». وتابع: «المقلق هو أن يكون الشعب الأميركي أيد نقل السفارة من خلال انتخابه ترامب، وهو مؤشر على ازدياد التطرف في أميركا كما هو الحال في إسرائيل».
ويتفق السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة، زلمان شوفال، مع فكرة أن الوعد غير قابل للتطبيق، قائلا: «جميع مرشحي الرئاسة وعدوا بنقل السفارة إلى القدس، أَما بعد ذلك فيتراجعون».
وسبق لعشرين مرشحا رئاسيا أميركيا منذ عام 1972 أن وعدوا بالأمر نفسه من دون أن يتحقق.
وكان جورج بوش الابن وعد عام 1999 «في يومي الأول في المكتب البيضاوي، سأنقل السفارة الأميركية إلى القدس». وبعد ذلك بسنة، قال الرئيس بيل كلينتون إنه يدرس نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، حتى إن «لدينا قطعة أرض جاهزة لذلك».
وحتى منافسة ترامب، هيلاري كلينتون، وعدت في السابق بأن السفارة الأميركية ستُنقل من تل أبيب إلى القدس. وليس الرؤساء الأميركيون وحدهم، بل مجلس الشيوخ الأميركي الذي شرع عام 1995: «قانون نقل السفارة الأميركية إلى القدس». ونص أن «سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل ستُنقَل إلى القدس في موعدٍ لا يتأخر عن 31 مايو (أيار) 1999».
وقال ناصيف إن «ترامب لن يأتي بجديد لا في هذا الموضوع، ولا في آخر بالنسبة للقضية الفلسطينية».
وأضاف: «باعتقادي، السياسة الشرق أوسطية لن تتغير بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص».
ويرى ناصيف أن الأداء السياسي الفلسطيني يساعد على ذلك. «أداؤنا السياسي ليس بمستوى شعب يريد أن يتحرر، وتحالفاتنا ليست ضمن مصالح شعبنا الفلسطيني، ولا شيء سيتغير بعد فوز ترامب». وأردف «كل السياسة الأميركية قائمة على مصالح وعلى اللوبيات الموجودة داخل الولايات المتحدة، اللوبي الصهيوني والمسيحي الصهيوني، ولوبي الصناعات الأمنية والعسكرية والأكاديميون ورجال الأعمال ونحن ليس لنا لوبي واحد هناك». وتابع أن «الولايات المتحدة مصلحتها في المنطقة مع الدولة القوية، (إسرائيل)».
في المقابل، لا يرى ناصيف أن الوضع سيزداد سوءا، ساخرا من تصريحات وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي اليميني المتشدد، الذي قال: إن انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة يعني عمليا نهاية فكرة الدولة الفلسطينية. ووصف ناصيف الوزير بينيت، بأنه إرهابي غبي ويؤمن بالخرافات.
وهوّن ناصيف من إمكانية حدوث تغيير كبير في سياسة الولايات المتحدة بشأن السلام، قائلا: «الرئيس الأميركي ليس هو اللاعب السياسي الوحيد في الإدارة أميركية، إنه جزء من هذه المؤسسة القائمة على المصالح».
وعلى أمل لا يبدو واقعيا بأن يخدم ترامب القضية الفلسطينية، وهو الأمل الذي يتمسك به الرئيس الفلسطيني محمود عباس، دعت حركة حماس كذلك الرئيس الأميركي ترامب إلى إعادة تقييم سياسة بلاده تجاه الفلسطينيين والعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني. وأكدت الحركة أن معاناة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ما زالت مستمرة بسبب سياسة الانحياز من الإدارات الأميركية المتعاقبة لمصلحة الاحتلال.
وبعد ساعات من نتائج الانتخابات الأميركية، اتّضح أن عدد الناخبين الأميركيين في إسرائيل تضاعف أربع مرات، وأن 80 في المائة منهم صوتوا لصالح دونالد ترامب.
وأعلن المستشار الإسرائيلي للرئيس ترامب ومركز حملته الانتخابية في إسرائيل، أرئيل سندر، أن «الناخبين الإسرائيليين ساهموا بشكل كبير جدا في انتصار ترامب».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.