إذا كان مدخل الفندق عبارة عن مسرح من نوع خاص، فبالتأكيد هناك عدد قليل من الممثلين كانوا سيرغبون في تأدية دور غاري سايكس، رئيس البوابين في فندق تومسون شيكاغو.
منذ أن يبدأ دوامه في تمام الساعة الثالثة عصرا وحتى نهايته في الساعة الحادية عشرة مساء، فإن سايكس يبدو كطاحونة هوائية لا تتوقف عن العمل، حيث يلقي الابتسامات والترحيبات هنا وهناك: «حسنا، مرحبا بكم»، و«أجل، سوف أنتظركم هنا حين تعودون». يبدو الرجل وكأنه يحل محل القلب في حالته الطبيعية من المهام المتعددة: فهو الرجل الذي يدور نشاطه الأساسي في استدعاء الخدم، ونقل الأمتعة إلى داخل بهو الفندق، وإعادة تنسيق طلبات العملاء.
ولأي استفسار من أي من ضيوف الفندق، يتطوع سايكس بإعطاء التوجيهات بدقة بالغة، ويعلم بثقة أماكن الارتياد المحلية ويقوم باستدعاء سيارات الأجرة للعملاء بصافرة بسيطة ولكنها قوية حتى يمكن لسكان الحي المجاور أن يسمعوها.
ولا يمكن لأحد ممن يستخدمون الهواتف الذكية اليوم ألا يتساءل لماذا لا تزال الفنادق في حاجة إلى بواب الفندق إلى الآن، وإلى شخصية هائلة ورائعة كمثل السيد سايكس. فهناك نظام تحديد المواقع العالمية لتوجيهك إلى أقرب صيدلية، وتطبيق «يلب» لتحديد موقع أقرب مطعم إليك، وخدمة «أوبر» لجلب أقرب سائق منك، وغيرها الكثير.
ولكن سايكس يفعل أكثر بكثير من كل هؤلاء جميعا. عندما يعلن لكل ضيف جديد يصل إلى الفندق: «مرحبا بكم في فندق تومسون، أنا غاري، سفير الفندق»، فربما يعبر عن حالة من الندرة في هذا العصر المميز بالعناوين الضخمة الكبيرة: ببساطة إنه شخص يدرك تماما أهميته الذاتية.
هناك بعض من الأشياء الصغيرة، بطبيعة الحال، التي تعلمها سايكس وزميلاه في العمل، صمويل أسانتي وفيردال باتلر، من حيث البحث عن والتوصل إلى الهواتف والمحافظ الضائعة، وإعادتها إلى أصحابها قبل ابتعادهم عنها بمسافات كبيرة. («أوه، إنك ممتاز، إنك غاية في الامتياز»، كما قال أحد ضيوف الفندق بعدما اقترب أسانتي من سيارته المرسيدس السوداء وأعاد إليه حافظة نقوده المكتنزة بالأموال).
كما أن هناك أيضا مسألة الجيران. فإن الأثرياء الذين يعيشون في ذلك الجزء من المدينة مثل غولد كوست، التي تقع إلى الشمال من وسط المدينة، لديهم مقدرة غير عادية دائما على التسبب في المتاعب والصداع للآخرين. وإذا ما تصاعد الموقف، يمكن لبواب الفندق أن يأتي بالسلطات في أي وقت، والذين قد يهتمون على نحو مفاجئ بتلبية احتياجات الفندق العاجلة.
يحاول سايكس ورفاقه في العمل على الدوام تلبية طلبات ورعاية احتياجات الجيران. حيث يعرضون مساحات الوقوف المتاحة في موقف الفندق من أجل وقوف سياراتهم لفترات موجزة، على سبيل المثال، ويحافظون على منصة الخادم دائما مليئة بطعام الكلاب، أو يقدمون لهم بعض الأغذية الجاهزة لإسكاتهم عن النباح.
وعندما تأتيه إحدى السيدات من الجيران وتخبره أنها تقيأت بشدة أثناء انتظارها لإجراء فحص طبي على القاولون، يحاول سايكس تهدئتها بقصص لطيفة من نسج خياله حول إجراءات طبية مماثلة أجريت له في الماضي حيث يقول لها بصوت جهير مليء بالثقة: «لقد مررت بذلك بنفسي».
وبعد ظهيرة أحد الأيام، نزلت سيدة ذات ملابس أنيقة من إحدى السيارات الرياضية واتجهت نحو بوابة الفندق. ولقد أدرك سايكس منذ الوهلة الأولى أنها من المتسوقين السريين الذين يأتون لتقييم الفنادق. ولقد قال سايكس ووجهه مشع بابتسامة عريضة: «أجل، لقد كان اختبارا لنا، ولكننا تجاوزناه».
والميزة، أن هؤلاء المتسوقين يقبلون على الفور تقريبا كل مساعدة تُقدم لهم - مع حجوزات العشاء وتذاكر المسرح - مهما كانت متقنة. ويقول ستيف شيرن المدير العام لفندق تومسون: «لا نعرف على وجه التحديد. بل إننا نحاول أن نكون ثابتين على منهجنا».
والآن، بعدما أصبح بواب الفندق غير متأثر بظهور الهواتف الذكية، فإن خدمة «أوبر» من الموضوعات الحساسة بحق. يتحصل بواب الفندق على 9 دولارات في الساعة من عمله، ولكن أجره قد يتضاعف ثلاث مرات من خلال البقشيش.
ووفقا لسايكس، فإن بقشيش إيقاف سيارات الأجرة كان يعادل ثلث البقشيش الذي يتحصل عليه في كل يوم، ولكن خدمة «أوبر» تسببت بخفض هذه النسبة بمقدار النصف. وحتى سوء الأحوال الجوية لم يعد يضمن وجود صف من سيارات الأجرة لخدمة الضيوف كما كان الأمر من قبل. يقول سايكس: «اعتدت أن أقول، سوف تمطر السماء اليوم، ولسوف أحقق مالا من وراء ذلك. ولكن ليس الأمر على حاله اليوم».
كان استقرار وظيفة بواب الفندق، بالنسبة له، هو ما جعله متميزا. فلقد اعتاد أن يأتي إلى ذلك الفندق، الذي كان معروفا من قبل بالميريديان، في وظيفة لثلاثة أيام بالأسبوع فقط من قبل وكالة للتوظيف المؤقت في عام 1993، وذلك بعد تسريحه من شركة لمستحضرات تجميل الشعر بعد العمل فيها لأكثر من عشر سنوات. ثم انتقل إلى العمل في وظيفة بواب الفندق بدوام كامل، ثم ترقى في وظيفته حتى صار رئيس بوابي الفندق.
هناك كثير من الحيل في جعبة أي بواب جيد للفنادق، وسايكس من الممارسين المحترفين لتلك المهنة. والحيلة الأولى هي: حاول قدر الإمكان أن تتعهد الأطفال بالرعاية، والذين يشكلون حملا ثقيلا على كاهل آبائهم أثناء فترة إقامتهم بالفندق. والحيلة الثانية هي: حاول ملاحظة علامة الأسماء في حقائب الضيوف حتى تتمكن من نداء الضيف باسم عائلته. والحيلة الثالثة هي: تأكد من أن الاسم على الحقيبة حديث، وأنه من إصدار شركة الطيران حتى تتجنب المواقف المحرجة والاعتذار اللازم.
ولكن الوصول للتفوق في وظيفة بواب الفندق يتطلب مزيدا من الذكاء. فهو كمثل المشي على حبل العواطف الساخنة. إذا كانت وقفتك على الباب توحي بالتردد، فسوف تبدو للضيوف وكأنك صارم وبخيل، وأحد الأسباب التي ينصح بها شيرن المدير العام، هو الالتقاء بأعين الضيف عندما يكون على مسافة عشرة أقدام، ودائما، دائما ينبغي تحية الضيف قبل أن يبدأ هو بتحيتك أولا.
وفي الواقع، فإن طريقة سايكس هي إدراك لمحة شخصية عن كل ضيف يتعامل معه - وهو أمر دائم التحديث - وتحديد صفاته الشخصية على الفور. وبالنسبة لسايكس، فإن مفتاح ذلك هو اعتبار أنه يلعب لعبة طويلة للغاية - وهي اللعبة التي هدفها الوحيد هو زيادة عدد الضيوف الذين يعودون للإقامة في الفندق مرة أخرى.
*خدمة {نيويورك تايمز}
داخل الحياة السرية لبواب الفندق
مهنة صامدة أمام تغيرات مؤسسات الضيافة
داخل الحياة السرية لبواب الفندق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة