باتت مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق والخاضعة لسيطرة تنظيم داعش منذ أكثر من عامين، على موعد مع عملية عسكرية موسعة لتحريرها تنفذها قريبا القوات العراقية المتمثلة بالجيش والبيشمركة وقوات حرس نينوى والحشود العشائرية وميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية، رغم معارضة أهالي المحافظة لمشاركتها.
ووجه رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، أمس، بيانا للرأي العام عن الاستعدادات لبدء معركة تحرير الموصل، شدد خلاله على أنه حان وقت بدء المعركة. وأضاف: «اكتملت الاستعدادات لعملية تحرير الموصل، وبحسب الاتفاقية العسكرية بين قوات البيشمركة والجيش العراقي فإن مهام كل القوات المشاركة في العملية حُددت بالتفصيل، وهنا نؤكد التزام البيشمركة التام بهذه الاتفاقية». وتابع: «أربيل وبغداد ستعملان سويا للحيلولة دون وقوع أي حالة طارئة أثناء بدء العمليات العسكرية»، مشيرا إلى أن الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة سياسية عليا مشتركة للسيطرة على الأوضاع في الموصل بعد تحريرها.
في غضون ذلك، قال نائب رئيس أركان قوات البيشمركة لشؤون العمليات، اللواء قارمان كمال عمر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية تحرير الموصل ستنطلق قريبا، وأولى مهام قوات البيشمركة في هذه العملية تتمثل في الهجوم على مواقع (داعش) وتحرير الأراضي منه، ولن تدخل إلى مركز مدينة الموصل».
والمؤشرات على الأرض تشير إلى اقتراب ساعة الصفر، فالقوات العراقية المشاركة في العملية تنتشر في الأماكن المحددة لها حسب الخطة والاتفاقية العسكرية التي عقدتها أربيل مع بغداد، وبإشراف مباشر من واشنطن التي تقود التحالف الدولي في الحرب ضد التنظيم.
وستنطلق عملية التحرير من خلال سبعة طرق رئيسية تتمثل في طريق القيارة جنوب الموصل، وطريق الكوير وطريق الخازر وطريق بعشيقة وناوران وطريق فلفيل - سد الموصل، وطريق آسكي الموصل، وطريق آخر من الشرقاط إلى جنوب الموصل، ومن ثم التوجه إلى غرب المدينة عبر الصحراء باتجاه قضاء تلعفر والحدود العراقية السورية. وتخضع خمسة من هذه الطرق لسيطرة قوات البيشمركة، بينما يخضع طريقان، وهما طريق القيارة وطريق الشرقاط - الموصل، للقوات العراقية.
ووافق إقليم كردستان خلال زيارة رئيس الإقليم لبغداد نهاية الشهر الماضي على فتح الطريق أمام الجيش العراقي للتوجه نحو الموصل من خلال الطرق الخاضعة له، وبالفعل شهدت الأيام الماضية وصول قطعات من الجيش والقوات الأمنية العراقية الأخرى إلى عدة مناطق من هذه المناطق استعدادا لبدء الهجوم.
الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني، محمد حاج محمود، الذي رافق رئيس الإقليم مسعود بارزاني في زيارته إلى بغداد نهاية الشهر الماضي، كشف لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق عن المباحثات التي دارت بين بارزاني والعبادي بشأن عملية الموصل، موضحا أن «الحكومة العراقية طلبت من رئيس الإقليم مسعود بارزاني وحكومة الإقليم أن تسمح قوات البيشمركة والإقليم للجيش العراقي بالمرور عبر خطوط قوات البيشمركة من ثلاثة محاور للهجوم على (داعش) وتحرير الموصل منه. وفي هذا الإطار أكد رئيس الإقليم والوفد الكردي أن إقليم كردستان وقوات البيشمركة ستفتح الطريق أمام الجيش العراقي حتى لو تطلب فتح أكثر من ثلاث طرق»، لافتا إلى أن قوات البيشمركة ستحرر جميع المناطق الكردية من محافظة نينوى، أي ستصل إلى ضواحي الموصل، لكنها لن تدخل المدينة.
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم اللواء 91 في الجيش العراق المتمركز جنوب الموصل، الرائد أمين شيخاني، إن الجيش العراقي «أنهى جميع استعداداته، وهو في انتظار ساعة الصفر لبدء العملية، وسيهاجم الموصل من محاور الخازر وكنهش والقيارة وسد الموصل، وستتولى قوات التحالف الدولي تقديم الإسناد الجوي للقوات المشاركة في العملية». وحدد شيخاني ثلاثة أسابيع حدا أقصى لتحرير الموصل وأطرافها بالكامل من تنظيم داعش، وقال: «حسب المعلومات الواردة إلينا الأوضاع داخل الموصل مضطربة، وقد هاجم الأهالي اليوم (أمس) مقرين للتنظيم في أطراف الموصل وأضرموا فيهما النيران وقتلوا مسؤولا في التنظيم، لذا مسلحو (داعش) حاليا مصابون بالارتباك، وأغلقوا مناطق المدينة وطرقها بالكتل الكونكريتية، وحفروا الخنادق وملأوها بالنفط الخام لإضرام النيران فيها أثناء بدء العملية العسكرية».
وبحسب مصادر الجيش العراقي، وصلت الفرقتان التاسعة والسادسة عشرة والفرقة الذهبية (مكافحة الإرهاب) إلى قضاء مخمور ومحور الخازر وسد الموصل، وانضمت إلى الفرقة الخامسة عشرة التي توجد منذ أشهر في مخمور، وتمكنت حتى الآن وبإسناد من طيران التحالف الدولية من تحرير مساحات واسعة من المناطق جنوب الموصل من بينها ناحية القيارة الاستراتيجية.
من جانبه، أوضح زهير الجبوري، المتحدث الرسمي لقوات حرس نينوى بقيادة محافظ الموصل السابق أثيل النجيفي، أن «القوات العسكرية التي ستشارك في عملية تحرير نينوى هي قوات الجيش العراقي المتمثل بالفرقتين العسكريتين 15 و16 والفرقة التاسعة المدرعة والقطعات المتجحفلة فيها، إضافة إلى قوات الشرطة المحلية المتكونة من 12 فوجا، وفرقة من الشرطة الاتحادية، وفرقة من قوات التدخل السريع، وفرقة من قوات البيشمركة، وأربعة أفواج من الحشد العشائري، ونحو فرقة من قوات حرس نينوى التي كانت تُعرف سابقا بقوات الحشد الوطني، وهذه القوات ستتحرك بإشراف وتنسيق مع التحالف الدولي لتطويق الموصل ومن ثم المباشرة بتحريرها من (داعش)».
وعن المهام المسندة إلى قوات حرس نينوى، كشف الجبوري أنها «مهام اقتحامية في تحرير الموصل، ومن ثم مسك الأرض في مرحلة ما بعد (داعش)، لأن قوات حرس نينوى هي من أهالي الموصل، وتلقت تدريبات كاملة من قبل القوات التركية وبإشراف من القوات الأميركية، وحصلت على إجازة من قوات التحالف بأنها قوات قادرة على خوض العمليات الخاصة، أي المعارك التي تدور في داخل المدن».
أما ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية، فهي الأخرى ستشارك في معركة الموصل رغم معارضة الأهالي مشاركتها بسبب انتهاكاتها في معارك التحرير في المحافظات الأخرى، خصوصا صلاح الدين والأنبار، وستتقدم من محافظة صلاح الدين التي تتمركز فيها باتجاه الحضر جنوب الموصل، ومنها إلى غرب نينوى باتجاه مناطق العداية والمحلبية وتل عطا حتى الوصول إلى تلعفر، حيث أنيطت بها عملية تحرير تلعفر وقطع الطريق الرابط بين الموصل والحدود العراقية السورية لمنع مسلحي التنظيم من الحصول على إمدادات أو الهروب من المدينة.
من جهته، كشف مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني، سعيد مموزيني، أن تنظيم داعش «فخخ الجسور الرئيسية الخمسة في مدينة الموصل لتفجيرها قبل الهروب من المدينة». وأضاف: «قصفت طائرات التحالف الدولي اليوم (أمس) وبشكل مكثف مواقع عدة للتنظيم في الموصل وأطرافها، منها منطقة الشلالات وتلكيف، وأنزل التنظيم أعلامه عن جميع مقراته داخل الموصل»، مشيرا إلى أن التنظيم اعتقل نحو 203 مواطنين موصليين، لرفضهم الانضمام إلى صفوف مسلحيه في جبهات القتال.
5 فرق عسكرية عراقية وواحدة من البيشمركة تستعد لاقتحام الموصل من 7 محاور
قوات دربتها تركيا ستخوض معارك داخل المدينة.. ورفض الأهالي يدفع ميليشيات «الحشد الشعبي» إلى غربها
5 فرق عسكرية عراقية وواحدة من البيشمركة تستعد لاقتحام الموصل من 7 محاور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة