استعاد الجيش الأفغاني أمس السيطرة على مدينة لشكر كاه، عاصمة ولاية هلمند المعروفة بزراعة الأفيون في جنوب أفغانستان، غداة هجوم جديد شنته حركة طالبان في منطقة تقع على حدود باكستان. والهجوم الخاطف الذي شنته حركة طالبان أول من أمس، وأوقع 15 قتيلاً على الأقل بينهم ستة شرطيين ليس سوى أحدث فصل من مسلسل طويل من أعمال العنف في هذه الولاية التي لا يزال الوضع فيها هشًا، وهي الأكبر في البلاد، حيث تصدى المتمردون في السنوات الماضية للقوات البريطانية ثم الأميركية.
وقال قائد العمليات العسكرية في هلمند عبد الجبار كهرمان لوكالة الصحافة الفرنسية إن الجيش الأفغاني نشر «200 عنصر من القوات الخاصة و400 جندي مدعومين بالمدفعية» لهزم المتمردين. وقد عين الرئيس الأفغاني أشرف غني هذا الكولونيل السابق شخصيا لقيادة عملية استعادة المدينة. ويبدو أن الحكومة التي انتهت للتو من تطهير وسط قندوز، العاصمة التجارية لشمال شرق البلاد المحاصرة منذ أسبوع من قبل طالبان، أعادت توجيه قواتها نحو هلمند. وقال ناطق باسم الولاية عمر زواك لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه التعزيزات «أرسلت من كابل وولايات مجاورة لإطلاق عملية تطهير لشكر كاه». وأعرب عن أمله في أن «تتخلص المدينة قريبًا بالكامل من عناصر طالبان». من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع محمد رادمانيش أن «الوضع طبيعي هذا الصباح في لشكر كاه. لقد طردنا العدو خارج المدينة». وأضاف: «لدينا قوات كافية منتشرة على الأرض إلى جانب دعم من قواتنا الجوية، وقوات حلف شمال الأطلسي المنتشرة في إطار عملية دعم القوات الأفغانية». وأكد المسؤولون الأميركيون في عملية «الدعم الحازم» الثلاثاء لوكالة الصحافة الفرنسية أنهم نفذوا «غارتين على هلمند» أمس ونشروا «إمكانات لمواصلة دعم (القوات الأفغانية) إذا لزم الأمر». ولشكر كاه المدينة التي تعد 200 ألف نسمة المتاخمة لنهر هلمند، تتعرض بانتظام لهجمات طالبان التي تأمل في السيطرة عليها، وخلال آخر هجوم واسع النطاق شنته في أغسطس (آب) فر آلاف المدنيين وصولا إلى كابل بحثًا عن ملجأ، تاركين حقولهم ومنازلهم». وتعتبر هلمند، الولاية الجنوبية التي تنتج نحو 80 في المائة من الأفيون العالمي، معقلاً لحركة طالبان التي تسيطر على حقول الخشخاش. وأهميتها الاستراتيجية تكمن في حدودها المشتركة مع ولاية بلوشستان الباكستانية، حيث تقيم غالبية من الباشتون في المنطقتين ما يسهل حركة تنقل المقاتلين.
ولم تتمكن الحكومة المركزية أبدًا من ترسيخ سلطتها على كل هذه الولاية، لكن الجيوش الغربية واجهت صعوبات في المعارك هناك، فقد قارن الجنود البريطانيون الـ1600 الذين نشروا هناك في عام 2006 عنف المعارك بتلك التي حصلت في حرب كوريا. ثم نشر فيها ما يصل إلى أربعة آلاف عنصر من مشاة البحرية الأميركية عام 2009. ومنذ انسحاب القوات الأجنبية في نهاية 2014 وإبقاء قوة قوامها قرابة عشرة آلاف عنصر معظمهم من الأميركيين، أصبح الجيش الأفغاني مع الشرطة في واجهة المعارك. وباعتراف مستشار غربي في كابل فإن الجيش الأفغاني يواجه «صعوبة في التجنيد في هلمند. والوحدات التي ترسل إلى المكان ليس لديها أي معرفة بطبيعة الأرض». ويأتي هذا الهجوم في الجنوب، فيما استعادت القوات الأفغانية أخيرًا السيطرة على قندوز، عاصمة الشمال القريبة من طاجيكستان بعد أسبوع من المعارك، بدعم من القوات الخاصة والأميركية ضد طالبان. وهي المرة الثانية خلال سنة التي يتمكن فيها المتمردون من رفع علمهم في قندوز، ما أثار موجة نزوح شملت آلاف الأشخاص. وتخوض حركة طالبان تمردًا ضد حكومة كابل المدعومة من الغرب منذ إطاحتها من السلطة بتدخل عسكري أميركي في عام 2001.
وخلال الأشهر الأخيرة، كثفت طالبان هجماتها في كل أنحاء البلاد للضغط على القوات الأفغانية المنتشرة على جبهات عدة. وإضافة إلى لشكر كاه، حاول المتمردون السيطرة على عواصم ولايات أخرى، من قندوز وباغلان في شمال البلاد، وصولا إلى فراه في الغرب مؤخرًا، غير أن القوات الأفغانية تمكنت من صد تلك الهجمات، وأحيت أفغانستان الجمعة الماضي الذكرى الـ15 للغزو الأميركي للبلاد لإطاحة طالبان من الحكم. وأصبحت هذه الحملة العسكرية الأطول للولايات المتحدة منذ حرب فيتنام.
من جهة أخرى، قال مسؤولون، أمس، إن ما لا يقل عن عشرين من مسلحي «داعش» وطالبان قتلوا في هجمات بطائرات من دون طيار في مقاطعتي نازيان واتشين في إقليم نانجارهار شرق أفغانستان. وقال عطا الله خوجياني، المتحدث باسم إقليم نانجارهار، لوكالة باجوك الأفغانية للأنباء إن المتمردين قتلوا خلال هجوم يطلق عليه «شفق صيلاب» خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وأضاف أن 12 من مقاتلي طالبان قتلوا خلال هجوم بطائرة من دون طيار في منطقة باندر في مقاطعة نازيان في ساعة متأخرة ليلة أول من أمس. ولم يكشف خوجياني عن جنسية الطائرات من دون الطيار التي استهدفت المسلحين. يشار إلى أن الولايات المتحدة تستهدف المسلحين بطائرات من دون طيار.
من جهة أخرى، قال العضو بالمجلس الإقليمي اشاب والي مسلم إنه تلقى تقريرًا عن مقتل 70 من متمردي «داعش» خلال الأيام الأربعة الماضية.
ويزعم المسؤولون في نانجارهار على نحو متكرر تكبيد «داعش» خسائر جسيمة، ولكن من الصعب الحصول على تأكيد من مصادر مستقلة، لأن حرية الوصول إلى المنطقة الحدودية مقيدة، ولم تعلق حركة طالبان أو «داعش» على التقرير.
الجيش الأفغاني يستعيد عاصمة هلمند بعد هجوم جديد شنته طالبان
مقتل 20 من مسلحي التمرد في هجمات جوية شرق أفغانستان
الجيش الأفغاني يستعيد عاصمة هلمند بعد هجوم جديد شنته طالبان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة