الجيش الأفغاني يستعيد عاصمة هلمند بعد هجوم جديد شنته طالبان

مقتل 20 من مسلحي التمرد في هجمات جوية شرق أفغانستان

جنديان أفغانيان يجهزان الذخيرة في أحد المواقع في هلمند قبل الاشتباك مع عناصر من طالبان (رويترز)
جنديان أفغانيان يجهزان الذخيرة في أحد المواقع في هلمند قبل الاشتباك مع عناصر من طالبان (رويترز)
TT

الجيش الأفغاني يستعيد عاصمة هلمند بعد هجوم جديد شنته طالبان

جنديان أفغانيان يجهزان الذخيرة في أحد المواقع في هلمند قبل الاشتباك مع عناصر من طالبان (رويترز)
جنديان أفغانيان يجهزان الذخيرة في أحد المواقع في هلمند قبل الاشتباك مع عناصر من طالبان (رويترز)

استعاد الجيش الأفغاني أمس السيطرة على مدينة لشكر كاه، عاصمة ولاية هلمند المعروفة بزراعة الأفيون في جنوب أفغانستان، غداة هجوم جديد شنته حركة طالبان في منطقة تقع على حدود باكستان. والهجوم الخاطف الذي شنته حركة طالبان أول من أمس، وأوقع 15 قتيلاً على الأقل بينهم ستة شرطيين ليس سوى أحدث فصل من مسلسل طويل من أعمال العنف في هذه الولاية التي لا يزال الوضع فيها هشًا، وهي الأكبر في البلاد، حيث تصدى المتمردون في السنوات الماضية للقوات البريطانية ثم الأميركية.
وقال قائد العمليات العسكرية في هلمند عبد الجبار كهرمان لوكالة الصحافة الفرنسية إن الجيش الأفغاني نشر «200 عنصر من القوات الخاصة و400 جندي مدعومين بالمدفعية» لهزم المتمردين. وقد عين الرئيس الأفغاني أشرف غني هذا الكولونيل السابق شخصيا لقيادة عملية استعادة المدينة. ويبدو أن الحكومة التي انتهت للتو من تطهير وسط قندوز، العاصمة التجارية لشمال شرق البلاد المحاصرة منذ أسبوع من قبل طالبان، أعادت توجيه قواتها نحو هلمند. وقال ناطق باسم الولاية عمر زواك لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه التعزيزات «أرسلت من كابل وولايات مجاورة لإطلاق عملية تطهير لشكر كاه». وأعرب عن أمله في أن «تتخلص المدينة قريبًا بالكامل من عناصر طالبان». من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع محمد رادمانيش أن «الوضع طبيعي هذا الصباح في لشكر كاه. لقد طردنا العدو خارج المدينة». وأضاف: «لدينا قوات كافية منتشرة على الأرض إلى جانب دعم من قواتنا الجوية، وقوات حلف شمال الأطلسي المنتشرة في إطار عملية دعم القوات الأفغانية». وأكد المسؤولون الأميركيون في عملية «الدعم الحازم» الثلاثاء لوكالة الصحافة الفرنسية أنهم نفذوا «غارتين على هلمند» أمس ونشروا «إمكانات لمواصلة دعم (القوات الأفغانية) إذا لزم الأمر». ولشكر كاه المدينة التي تعد 200 ألف نسمة المتاخمة لنهر هلمند، تتعرض بانتظام لهجمات طالبان التي تأمل في السيطرة عليها، وخلال آخر هجوم واسع النطاق شنته في أغسطس (آب) فر آلاف المدنيين وصولا إلى كابل بحثًا عن ملجأ، تاركين حقولهم ومنازلهم». وتعتبر هلمند، الولاية الجنوبية التي تنتج نحو 80 في المائة من الأفيون العالمي، معقلاً لحركة طالبان التي تسيطر على حقول الخشخاش. وأهميتها الاستراتيجية تكمن في حدودها المشتركة مع ولاية بلوشستان الباكستانية، حيث تقيم غالبية من الباشتون في المنطقتين ما يسهل حركة تنقل المقاتلين.
ولم تتمكن الحكومة المركزية أبدًا من ترسيخ سلطتها على كل هذه الولاية، لكن الجيوش الغربية واجهت صعوبات في المعارك هناك، فقد قارن الجنود البريطانيون الـ1600 الذين نشروا هناك في عام 2006 عنف المعارك بتلك التي حصلت في حرب كوريا. ثم نشر فيها ما يصل إلى أربعة آلاف عنصر من مشاة البحرية الأميركية عام 2009. ومنذ انسحاب القوات الأجنبية في نهاية 2014 وإبقاء قوة قوامها قرابة عشرة آلاف عنصر معظمهم من الأميركيين، أصبح الجيش الأفغاني مع الشرطة في واجهة المعارك. وباعتراف مستشار غربي في كابل فإن الجيش الأفغاني يواجه «صعوبة في التجنيد في هلمند. والوحدات التي ترسل إلى المكان ليس لديها أي معرفة بطبيعة الأرض». ويأتي هذا الهجوم في الجنوب، فيما استعادت القوات الأفغانية أخيرًا السيطرة على قندوز، عاصمة الشمال القريبة من طاجيكستان بعد أسبوع من المعارك، بدعم من القوات الخاصة والأميركية ضد طالبان. وهي المرة الثانية خلال سنة التي يتمكن فيها المتمردون من رفع علمهم في قندوز، ما أثار موجة نزوح شملت آلاف الأشخاص. وتخوض حركة طالبان تمردًا ضد حكومة كابل المدعومة من الغرب منذ إطاحتها من السلطة بتدخل عسكري أميركي في عام 2001.
وخلال الأشهر الأخيرة، كثفت طالبان هجماتها في كل أنحاء البلاد للضغط على القوات الأفغانية المنتشرة على جبهات عدة. وإضافة إلى لشكر كاه، حاول المتمردون السيطرة على عواصم ولايات أخرى، من قندوز وباغلان في شمال البلاد، وصولا إلى فراه في الغرب مؤخرًا، غير أن القوات الأفغانية تمكنت من صد تلك الهجمات، وأحيت أفغانستان الجمعة الماضي الذكرى الـ15 للغزو الأميركي للبلاد لإطاحة طالبان من الحكم. وأصبحت هذه الحملة العسكرية الأطول للولايات المتحدة منذ حرب فيتنام.
من جهة أخرى، قال مسؤولون، أمس، إن ما لا يقل عن عشرين من مسلحي «داعش» وطالبان قتلوا في هجمات بطائرات من دون طيار في مقاطعتي نازيان واتشين في إقليم نانجارهار شرق أفغانستان. وقال عطا الله خوجياني، المتحدث باسم إقليم نانجارهار، لوكالة باجوك الأفغانية للأنباء إن المتمردين قتلوا خلال هجوم يطلق عليه «شفق صيلاب» خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وأضاف أن 12 من مقاتلي طالبان قتلوا خلال هجوم بطائرة من دون طيار في منطقة باندر في مقاطعة نازيان في ساعة متأخرة ليلة أول من أمس. ولم يكشف خوجياني عن جنسية الطائرات من دون الطيار التي استهدفت المسلحين. يشار إلى أن الولايات المتحدة تستهدف المسلحين بطائرات من دون طيار.
من جهة أخرى، قال العضو بالمجلس الإقليمي اشاب والي مسلم إنه تلقى تقريرًا عن مقتل 70 من متمردي «داعش» خلال الأيام الأربعة الماضية.
ويزعم المسؤولون في نانجارهار على نحو متكرر تكبيد «داعش» خسائر جسيمة، ولكن من الصعب الحصول على تأكيد من مصادر مستقلة، لأن حرية الوصول إلى المنطقة الحدودية مقيدة، ولم تعلق حركة طالبان أو «داعش» على التقرير.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».