فرنسا تشكك في جدوى استقبال بوتين.. وتلوح بورقة المحكمة الجنائية الدولية

مصادر رسمية: باريس مستمرة في الضغوط على موسكو بشأن سوريا

وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت ويبدو خلفه نظيره الروسي سيرغي لافروف في زيارة لموسكو استبقت جلسة مجلس الأمن للتصويت على قرار فرنسي بوقف أعمال القتل في حلب (أ.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت ويبدو خلفه نظيره الروسي سيرغي لافروف في زيارة لموسكو استبقت جلسة مجلس الأمن للتصويت على قرار فرنسي بوقف أعمال القتل في حلب (أ.ب)
TT

فرنسا تشكك في جدوى استقبال بوتين.. وتلوح بورقة المحكمة الجنائية الدولية

وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت ويبدو خلفه نظيره الروسي سيرغي لافروف في زيارة لموسكو استبقت جلسة مجلس الأمن للتصويت على قرار فرنسي بوقف أعمال القتل في حلب (أ.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت ويبدو خلفه نظيره الروسي سيرغي لافروف في زيارة لموسكو استبقت جلسة مجلس الأمن للتصويت على قرار فرنسي بوقف أعمال القتل في حلب (أ.ب)

بعد الفشل الفرنسي في تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي عن سوريا، بسبب لجوء روسيا إلى استخدام حق النقض (الفيتو) للمرة الخامسة، مساء الجمعة الماضي، تبحث باريس عن «وسيلة» لاستمرار ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية على موسكو، بانتظار أن تحسم واشنطن خيارات الرد على مواصلة الطيران الروسي عملياته الجوية في حلب وتوفير الدعم والحماية للنظام السوري. وقد عثرت باريس على ما يبدو على وسيلتين «جديدتين».
تتمحور الوسيلة الأولى في مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق حول ارتكاب جرائم حرب «محتملة» في سوريا. والثانية، زرع الشكوك بالنسبة لاستعداد الرئيس فرنسوا هولاند لاستقبال نظيره الروسي فلاديمير بوتين عند زيارته باريس، بمناسبة تدشين الكاتدرائية الروسية ومؤسسات ثقافية أخرى في العاصمة الفرنسية.
ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الغربيون عن ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في سوريا. ولكن بعد فترة من اتهاماتهم لروسيا، كونها تغض الطرف أو أنها «شريك»، أصبحت اليوم اتهاماتهم «مباشرة» لها، وهو ما برز بقوة في اجتماع مجلس الأمن الأخير. وأول من أمس، قال الرئيس فرنسوا هولاند إن النظام السوري يرتكب جرائم بدعم من الطيران الروسي. وبحسب باريس، فإن هذا الأمر «واضح تمامًا». والخلاصة المنطقية التي توصل إليها وزير الخارجية جان مارك أيرولت، هي أنه «علينا أن نحدد المسؤوليات». لذا، فإنه سيقوم بالتواصل مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، «لنرى الطريقة التي نستطيع معها البدء في التحقيقات».
بيد أن رغبة باريس ليست سهلة التحقيق بسبب القواعد الخاصة لعمل المحكمة الجنائية الدولية. وهناك عقبتان رئيسيتان؛ الأولى أن سوريا لم تصادق على «وثيقة روما» التي أنشئت بموجبها المحكمة المذكورة، وبالتالي تعتبر نفسها غير معنية بها. والثانية أن تخطي العقبة الأولى يفترض قرارًا من مجلس اﻷمن الدولي. والحال أن «الفيتو» الروسي «جاهز» لمنع صدور قرار كهذا، خصوصًا أن موسكو ستكون نفسها مستهدفة. وبحسب دبلوماسيين غربيين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإنه لو كان الوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية سهلاً «لحصل ذلك منذ سنوات». غير أن لفرنسا بابًا آخر يتمثل في القرار «النهائي» المنتظر صدوره الأسبوع المقبل، حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا عامي 2014 و2015. وبيّن التقرير الأولي الذي أعده خبراء الأمم المتحدة ومنظمة منع استخدام الأسلحة الكيماوية ونشر في 24 أغسطس (آب) الماضي، أن النظام السوري وتنظيم داعش استخدما في العامين المذكورين الأسلحة الكيماوية، مما سيفتح الباب أمام فرض عقوبات دولية على الطرفين.
وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا ستكون في وضع «حرج» في مجلس الأمن، لأنها صوتت على قرار السير بالتحقيق، وسيكون من الصعب عليها رفض نتائجه، وعندها يمكن الربط بين استخدام الكيماوي وبين ارتكاب جرائم حرب في سوريا.
أما وسيلة الضغط الثانية، فهي امتناع الرئيس هولاند عن استقبال بوتين، وهو ما أشار إليه هولاند وأيرولت معًا، وهو سلاح ذو حدين. وبعد أن أعلن هولاند، أول من أمس، أنه «يتساءل» عما إذا كان سيستقبل بوتين أم لا، فإن وزير الخارجية ترك الباب مفتوحًا، إذ باستطاعة هولاند أن يستفيد من المناسبة ليتحدث إلى الرئيس الروسي بصراحة، وأن يقول له الأمور «كما هي»، بحيث لن يكون اللقاء «جلسة مجاملات»، بل «لإفهام الروس أنهم يسلكون مسلكًا خطرًا». إضافة إلى ذلك، يرى أيرولت أنه رغم الاختلاف العميق حول سوريا، فإن لقاء هولاند - بوتين، يمكن أن يكون مفيدًا بالنسبة للأزمة الأوكرانية، كما قد يفتح الباب أمام قمة أوسع، في إشارة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي يمكن أن تنضم إليه.
أما من الجانب الروسي، فإن موسكو تتصرف كأن الزيارة المقررة منذ زمن طويل واللقاء مع هولاند قائمان بلا تغيير. ولكن إذا تبين في الأيام القليلة المقبلة أن مقاطعة هولاند لبوتين جدية، فإنها ستمثل «إهانة» للرئيس الروسي من طرف باريس، التي ما زالت تعتبر روسيا «شريكًا أساسيًا»، وبالتالي لا فائدة ترجى من توتير علاقاتها مع موسكو أكثر مما هي متوترة.
في النهاية يطرح التساؤل: هل هذه الأمور يمكن أن تغير شيئًا في مسار الحرب في سوريا؟
الأرجح، كما تعتبر باريس، أن الجواب «سلبي». لكن فرنسا، رغم ذلك وكما أكد وزير خارجيتها، «ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بإنقاذ سكان حلب»، وأنها «لن تتخلى» عن الشعب السوري. ولذا، فإنها تعتبر أنه لا يتعين التخلي عن أي جهود دبلوماسية أو غير دبلوماسية، أكان ذلك في إطار ثنائي أو جماعي بانتظار أن تتضح الصورة في واشنطن وأن «تحسم» الإدارة الأميركية أمر تعاطيها مع الحرب السورية.
وسبق لمسؤول فرنسي رفيع أن أبلغ «الشرق الأوسط»، أن الإدارة الأميركية ستكون على الأرجح «طليقة اليدين» في اتباع سياسة «أكثر جرأة في سوريا» عقب إجراء الانتخابات الرئاسية بعد أقل من شهر.
إنه رهان ولكنه ليس بالضرورة صائبًا.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.