السليمانية.. أوضاع اقتصادية سيئة بغياب «مام جلال»

قيادي في حزب طالباني: الصراعات في الاتحاد ستقود لانشقاق جديد

صور طالباني تتصدر ساحات مدينة السليمانية («الشرق الأوسط»)
صور طالباني تتصدر ساحات مدينة السليمانية («الشرق الأوسط»)
TT

السليمانية.. أوضاع اقتصادية سيئة بغياب «مام جلال»

صور طالباني تتصدر ساحات مدينة السليمانية («الشرق الأوسط»)
صور طالباني تتصدر ساحات مدينة السليمانية («الشرق الأوسط»)

تنتشر في شوارع مدينة السليمانية، ثاني محافظات إقليم كردستان العراق، صور الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فأهالي هذه المدينة التي تعد معقل حزب طالباني يكنون بالتأكيد كل الحب والتقدير لـ(مام جلال) كما يطلقون عليه، أي العم جلال، ولكن «ماذا تبقى من مام جلال في السليمانية أو إقليم كردستان أو العراق ككل» يتساءل مهندس كردي وهو يشير إلى صور طالباني الموزعة هنا وهناك، مستطردا «لو كان لمام جلال أي تأثير لما حدث لحزبه ما حدث، فالاتحاد الوطني الكردستاني ماضٍ إلى التشرذم بعد أن انشق عليه قبل سنوات نائب أمينه العام نشيروان مصطفى ليؤسس حركة التغيير (كوران حسب التسمية الكردية)، ثم شكل أكثر من عشرين قياديا في الاتحاد ما يسمى بمركز القرار في الحزب وفي مقدمتهم نائبا الأمين العام للاتحاد الوطني، كوسرت رسول وبرهم صالح، إذ يعد البعض من المقربين للحزب بأن مركز القرار هو بمثابة انشقاق ثانٍ في الاتحاد الوطني».
لكن برهم صالح ينفي وبشدة أن يكون تشكيل مركز القرار انشقاقا بل إن «هذا المركز تشكل ليزيد من وحدة الاتحاد ويكون مصدرا لقوته»، مشيرا إلى «أهمية التحضير الكامل لعقد مؤتمر عام للحزب يحضره جميع القيادات والقواعد دون أن تنحاز قرارات المؤتمر لجهة معينة».
يذكر أن مركز القرار في الاتحاد الوطني كان قد حذر أول من أمس ببيان من «عقد اجتماع للمكتب السياسي للاتحاد دون حضور نائبي الأمين العام للحزب، والمقصود كوسرت رسول وبرهم صالح، وعدد من قيادات الاتحاد والمنضوين ضمن مركز القرار»، معتبرا هذه الخطوة بمثابة «فرض إرادات معينة والخروج عن دستور الاتحاد ومسار الحزب وسوف تؤدي إلى الانشقاق».
ومن الناحية العملية فإن هناك اليوم جناحين لقيادة حزب طالباني وبغياب زعيمه التقليدي (طالباني) بسبب المرض، جناح مركز القرار، أو جناح كوسرت رسول وبرهم صالح، وجناح هيرو إبراهيم أحمد، زوجة طالباني، وملا بختيار،، عضوي المكتب السياسي للحزب، والناس هنا في الأسواق وسيارات الأجرة وفي المقاهي يتحدثون علنا عن هذا الانقسام كونه أضعف الاتحاد وخلط الأوراق على قواعد الحزب الذين توزع ولاؤهم بين الجناحين القياديين.
قيادي بارز في الاتحاد الوطني قال لـ«الشرق الأوسط» بأن «مركز القرار يعمل على عقد مؤتمر عام حقيقي لاتخاذ قرارات جريئة مثل انتخاب أمين عام للاتحاد بعد غياب طالباني ومعرفة مصير أموال الاتحاد وإجراء انتخابات نزيهة للمكتب السياسي وبقية تشكيلات الحزب، وهذا ما يلقى معارضة من جناح هيرو إبراهيم وملا بختيار». الصراع السياسي في الاتحاد الوطني وسوء الأوضاع الاقتصادية في عموم إقليم كردستان بسبب عدم دفع رواتب الموظفين كاملة منذ أكثر من سبعة أشهر وانشغال القوات الكردية (البيشمركة) بمقاتلة تنظيم داعش عند تخوم الموصل رسمت صورا قاتمة عن الحياة اليومية في مدينة السليمانية التي كانت تنبض بالحياة والحركة، يقول سردار محمد وهو مدير أحد الفنادق لـ«الشرق الأوسط»، في السليمانية بأن «عدم دفع الرواتب والأوضاع السياسية في عموم الإقليم أثرت كثيرا على حياة المواطنين وعلى سير التعاملات الاقتصادية وصرنا اليوم نعتمد على حركة سياحية ليست نشطة بدليل أن نسبة تشغيل أفضل الفنادق لا تتجاوز الـ29 في المائة، والشتاء قادم وهذا يعني انخفاض عمل المرافق السياحية»، مشيرا إلى أن «فنادق الدرجة الأولى تعتمد في تشغيلها على المهرجانات الفنية أو المؤتمرات الحكومية وهذه صارت نادرة في الأشهر الأخيرة»، مضيفا أن «أسعار العقارات انخفضت إلى ما نسبته ما بين 15 إلى 20 في المائة وهي في انخفاض مستمر وهناك مجمعات سكنية حديثة ما زالت غير مبيعة ولا مشغولة خاصة أن أعدادا كبيرة من النازحين من الفلوجة والرمادي عادوا إلى مدنهم بعد تحريرها من سيطرة داعش».
سائق سيارة الأجرة توفيق حمة قال: «أنا موظف في محافظة السليمانية لكنني لم أتسلم راتبي كاملا منذ ثمانية أشهر، وقبل ثلاثة أشهر تسلمت ثلث راتبي بسبب التقشف الذي تتبعه حكومة إقليم كردستان، لهذا اضطررت للعمل كسائق في هذه السيارة لأوفر احتياجات عائلتي»، مشيرا إلى أن «حكومة الإقليم وقيادات الحزبين الكرديين، الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني هم المسؤولون عن توفير رواتبنا ولا علاقة لنا بالحكومة المركزية ببغداد التي لم تتوقف عن دفع رواتب الموظفين العراقيين في باقي محافظات البلد ما عدا الإقليم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».